الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

من بكين إلى نيويورك وموسكو.. مصر تدعم تكامل الحضارات

من بكين إلى نيويورك وموسكو.. مصر تدعم تكامل الحضارات
من بكين إلى نيويورك وموسكو.. مصر تدعم تكامل الحضارات




محمود بسيونى يكتب:


فى النسخة الأولى من منتدى شباب العالم، كان للرئيس عبد الفتاح السيسى كلمة موحية فى جلسة «اختلاف الحضارات والثقافات.. تكامل أم صدام» قال الرئيس إن «الاختلاف سنة كونية، وعمر السنة الكونية ما تصطدم مع بعضها، سواء على مستوى البشر أو غيرهم» مؤكدًا أن التفاعل بين الحضارات المختلفة أمر حتمى وضرورى».
المتابع لاجتماعات الرئيس السيسى فى بكين ونيويورك وموسكو يكتشف أن العمل على تكامل الحضارات والثقافات هو صلب السياسة الخارجية لمصر، وأن الدولة المصرية تعمل على إصلاح ما أفسده أصحاب نظريات صدام الحضارات وتحاول صناعة المساحة المشتركة التى ستجمع الفرقاء فى عالم يسوده الاستقطاب والصراع، وربما لم يتوفر لغيرها فرصة التنقل بين المعسكرات المتحاربة اقتصاديا وثقافيا دون الوقوع فى فخ الاستقطاب وذلك لأنها احترمت الجميع وتعاملت بشرف فى عالم تراجعت فيه قيم الاحترام، لصالح المكاسب المادية الضيقة أو النوازع التدميرية لدى من يسعون لسيادة العالم أو أستاذيته.
تستلهم مصر بوصلتها فى التحرك للتكامل بين ثقافات وحضارات العالم من دورها التاريخى الذى عرفت به منذ فجر التاريخ، فهى معبر كل الثقافات المتنقلة بين الشرق والغرب، المؤمنة بالحياد الإيجابى وصانعة السلام فى أقصى فترات الصراع الإنسانى قسوة، وخلق تنوعها الحضارى والثقافى بداية النهضة فى شمال إفريقيا ودول شرق المتوسط مع بداية القرن التاسع عشر، انصهرت فيها الثقافات وانطلقت منها تيارات التجديد فى الفن التشكيلى والمسرح والصحافة والسينما، والبعثات التعليمية، والأزهر الشريف، خرجت منها صيحات التنوير والتحرر الوطنى، وكانت مستقر الفنانين الهاربين إلى مصر من الشام فى القرن التاسع عشر طلبًا للحرية ثم التجارة والمال، أغراهم ما كانت تتمتع به مصر من تراث عريق فى الاستقرار والأمن الاجتماعى وفى مجال الحقوق والواجبات واحترام سيادة القانون، وما كانت تشهده من انطلاقة هائلة نحو التحديث والعصرنة كانت تمثل لهم فرصة للصعود والثروة.
فى بكين كانت مصر تبحث عن الشراكة فى التنمية والتعمير، وفى نيويورك بحثت عن إصلاح الأمم المتحدة واستعادة مصداقيتها وفى موسكو وقعت اتفاقات تعاون استراتيجى وقررت الانفتاح على الثقافة الروسية الغنية فى الموسيقى والأدب والمسرح، تؤمن مصر بأن الثقافة والفن هما مصل الحماية من فيروسات الصدام على أساس دينى أو طائفى أو عرقى، تربية العقول على الذوق الرفيع هى المناعة القادرة على التصدى لدعاة التطرف والإرهاب.
فى اختيار أعمدة الهوية السبعة للشخصية المصرية لتكون محاور منتدى شباب العالم القادم رسالة لكل الشعوب أن مصر أجابت عن سؤال الهوية، وأنها تحتفى بثلاثة أعمدة مكانية لشخصيتها (إفريقية - آسيوية - أورومتوسطية) وأربعة أبعاد حضارية (فرعونية - رومانية يونانية - قبطية - عربية إسلامية) شكلت الشخصية المصرية وصاغت أنماطها.. لتبقى مصر وحدها القادرة على تقبل كل هذا التنوع إضافة إلى تقدير حق كل البشر فى التفكير واحترام حريته فى تحقيق مصالحة فى إطار ما يفيد البشرية التى تمر باختبارات صعبة لا تتوقف.
الإرهاب عاقبة من عواقب صدام الحضارات، وللأسف حكومات غربية عديدة ترى العالم بعيون صانعها صامويل هانتجتنون، ولا ترى فى منطقتنا وديننا سوى الإرهاب والتطرف، وتكفلت الذئاب المنفردة بإشعال حرب الكراهية، وهو ما فرض على مصر أن تقاوم كل ذلك وتطرح منطقها المختلف لحماية العالم من ذلك الصراع الدموى البائس.
ولذلك ابتدعت دولة 30 يونيو نمطًا مختلفًا أو للأدق نظرية جديدة فى إدارة الملفات الخارجية تعتمد فيها على تقديم نموذج ناجح للتعايش يرفض الصراع ويبحث عن التكامل، تحترم فيه مصالح كل الدول، تعلى فيه مبدأ التنمية على الصراع، فكل حضارة فى العالم يمكن أن تقدم إسهامًا تتكامل فيه مع حضارة أخرى.
تمد مصر خطوط الاتصال الحضارى بين عواصم متحاربة، وكان بحثها عن الأمن والاستقرار والتعاون والسلام وحق الإنسان فى الحياة بمكافحة الإرهاب دافعًا لاحترامها فى عوام العالم الرئيسية ، وحافزا للإنصات لرؤيتها واحترام ثوابتها الوطنية والتاريخية، دولة مبادئ تتعامل بشرف، لا تتآمر على أحد، قادرة على حماية نفسها ولا تتدخل فى شئون الآخرين، تدير ملفاتها بثبات وعبر دبلوماسية ديناميكية يقف وراءها تناغم فريد بين كل أجهزة الدولة المصرية، نهج إنسانى عالمى يسجل باسم مصر ويؤرخ لزمن الرئيس عبدالفتاح السيسى.ش