الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

سالم الشهبانى: التاريخ ابن شرعى للغلابة




 
فى ديوانه الخامس «الدليل»، يرصد لنا الشاعر الشاب سالم الشهبانى، مسيرة الثورة المصرية، منحازا عن قصد إلى الفقراء، وقود الثورة وشرارتها، مؤكدا أن هؤلاء هم المحركون الحقيقيون للأحداث، كاشفا عن استخدامه للغة الشعبية البسيطة لتكون لسان حال «الغلابة» أبطال ديوانه، كما أكد فى حواره أنه متفائل بحال الثقافة المصرية، وواثق من قدرة الشعب المصرى على حماية تاريخه وعاداته وشخصيته ضد أى تغيير.. فإلى تفاصيل الحوار:
 
 

 
■ ماذا تقول فى هذا الديوان .. فى وقت كثرت فيه الكتابات التى تحدثت عن الثورة؟
 
- بدأت كتابة الديوان قبل الثورة بشهور، تحدث فيه عن هموم الفقراء والمهمشين وعن هذه الطبقة التى عانت ومازالت تعانى من القهر والظلم والفقر، هذه الطبقة التى شرفت بانتمائى لها، وفى هذه الفترة كانت أحداث الظلم والقهر والفقر بدأت تصل إلى أشدها، حتى حدثت الثورة، وأعتقد أن حال هذه الطبقة لم يتغير إلى الآن، فكان الشعر محرضا وراصدا ومستشرفا.
 
كما أنه لا يشغلنى كثيرا قلة أو زيادة الأعمال التى تكتب عن حدث ما، كل ما يشغلنى هو جودة العمل وجدته، وقدرته على تقديم فن حقيقى يمكث فى الأرض وينفع الناس، ولا يستهلك بانقضاء الحدث.
 
■ كتبت ديوان «الدليل» فى قصيدة واحدة طويلة، فلماذا اخترت هذا الشكل؟
 
التجربة هى التى تفرض شكلها، ولم أقصد اختيار شكل بعينه، كما أن أحداث الثورة كانت سائلة متدفقة وكانت سريعة جدا، فخرج الديوان قصيدة واحدة طويلة تعبر عن الثورة بشكل فنى، وتتجادل مع الموروث المصرى بكل تنوعه، لتعبر عن الواقع وتكون دليلا على أن هذه البلاد عظيمة وكبيرة وتاريخها مشرف، وتكون أيضا دليلا على أن ما حدث كان ثورة حقيقية بكل ما تعنى الكلمة.
 
■ ماذا أضاف ديوانك «الدليل» لأعمالك الشعرية السابقة؟
 
- أعتقد أن هذا السؤال من الممكن أن يجيب عنه المتلقى، لكن أقول أن تجربة ديوان الدليل جعلتنى أكثر قدرة على أن أقدم عملا فنيا يتعامل مع المباشرة بشكلها الفنى دون اللجوء إلى الرمز والغموض والمجاز، لأن مثل هذه الأحداث، أقصد هنا الثورة، تقوم بإزاحة المجاز لتقدم نصوصاً تتناسب مع الواقع والحالة الثورية، نصوص تتعامل مع الشارع ولكن على الشاعر عندما يصرخ أن يصرخ بشكل فنى يدفع المتلقى إلى التغيير ويقدم له نصاً شعرياً يجد فيه ضالته.
 
■ «التاريخ ابن شرعى للغلابة» جملة شعرية وردت فى الديوان ماذا قصدت من ورائها؟
 
- المقهورون هم مؤرخو التاريخ الحقيقيون، فالمقهورون والمهمشون هم من يحملون تاريخ هذه البلاد على صدورهم، من يعرفون التاريخ الحقيقى وليس التاريخ الذى يكتبه الحكام والملوك والرؤساء والنخبة الفاسدة والتيارات صاحبة المصلحة، إذا أردتى أن تعرفى تاريخ البلاد الحقيقى أرجعى إلى المثل الشعبى، والغناء الشعبى، والحكاية الشعبية، والسير، لتعرفى أن تاريخ هذه البلاد يحمله هؤلاء الفقراء، ولذلك قصدت القول أن التاريخ ابن شرعى للغلابة.
 
■ هل كان للغة المستخدمة بالديوان علاقة بمضمونه؟
 
- طبعا، فقد قصدت أن تأتى اللغة بسيطة وتلقائية، لتعبر عن الحالة العامة للديوان والحالة العامة للشارع والحالة العامة لما كان يحدث أثناء الثورة، قصدت أن أقدم قصيدة بسيطة تكون لسان حال هذه الطبقة تشتبك مع قضاياهم وتعبر بلسانهم عن همومهم ومشاكلهم، التى تتشابه بشدة مع الموروث الشعبى بكل أشكاله من مثل وغناء شعبى، كتبت قصيدة تشبه الفقراء فى بساطتهم وعمقهم وتلقائيتهم، هذا ما أظن أننى قدمته.
 
■ ما الذى كان له الحضور الأقوى بالديوان الحدث الثورى أم الإبداع الشعري؟
 
- كانت الغلبة للشعر الذى يصدق صاحبه يعبر عن قضاياه الخاصة والعامة، يعبر عن الثورة ولكن بشكل فنى تخففت فيه من لغة المجاز والغموض، وقدمت نصا بسيطا أعتقد أنه عميق لانتمائه للبيئة الشعبية، التى عبرت عن ثورتنا، هذا الحلم الذى طالما حلمنا به كثيرا، فكتبته من وجهة نظرا شاعر شارك فى هذه الثورة وعاش أحداثها.
 
■ ركزت على البسطاء من الثوار رغم أن من قاموا بالثورة كانوا من جميع الفئات فلماذا؟
 
- نعم من قام بالثورة هم جميع المصريين على اختلاف مستوياتهم، لكن أعتقد أن المحرك الحقيقى لثورة والمحرض عليها، ومن عانى ومازال يعانى هم البسطاء، هؤلاء الذين كانو يموتون فى المستشفيات الحكومية وفى أقسام البوليس وعلى الأرصفة، هؤلاء الذين عانوا من الظلم والقهر والفقر وضياع حقوقم، نعم قصدت الانحياز لهذه الطبقة التى أنتمى إليها، قصدت التركيز عليهم لأنى لسان حالهم.



■ كيف استقبل النقاد الديوان؟
 
- وجهة نظر النقاد والكتاب أحترمها .. لكن أنا لا أكتب للنقاد، لا يشغلنى سوى رد فعل المتلقى العادى البسيط، الذى لم تفسد ذائقته بسبب أيديولوجية أو انحيازات وأفكار معينة.
 
■ يرى البعض ان الاصدارات التى تناولت موضوعات غير الثورة قد ظلمت فى هذا التوقيت... ما رأيك؟
 
- أعتقد أن هذا يرتبط بمدى فنية وصدق العمل المقدم، وارتباطه وتعبيره بشكل فنى جيد ومدهش، سواء تحدث عن الثورة أم لم يتحدث، كما أن العمل الفنى الجيد المحترم يخلق قارئه، ويجبر أى شخص أن يحترمه وينحاز إليه.
 
■ هل أنت راض عن واقع الفن والثقافة فى مصر؟
 
- قطعا لست راضياً لكن لدىَّ الحلم أن هذا الواقع سوف يتغير إذا احترم كل شخص ما ينتجه ويقدمه، وإذا اهتمت المؤسسات الرسمية والخاصة بالقيام بعملها كما ينبغى، وإذا قدم الإعلام سواء كان مسموعاً أو مقروءاً أو مرئياً النماذج الجيدة المبدعة المشرفة.
 
■ كيف ترى مستقبل الثقافة المصرية فى ظل الحكم الحالى؟
 
- أنا أرى أن الثقافة سوف تظل بخير طالما هناك صوت للمعارضة فى الشارع ، صوت آخر يراجع صوت التيار الحاكم، كما أنى لا أخاف على مصر أو المصريين من أى تيار، الطبيعة المصرية والشعب المصرى قادر أن يثور فى أى وقت، إذا رأى أن هناك قرارات تمس حريته ومعيشته وكرامته، لذلك أرى أن الثقافة ستظل بخير طالما أن هناك مؤسسات مستقلة وبديلة تظهر كل يوم، هناك دور نشر خاصة، هناك إعلام بديل، هناك جماعات أدبية وتيارات ثقافية تتشكل كل يوم تعبر عن رأيها بكل حرية، وتقف ضد أى قمع للحريات.
 
■ ماذا عن مشاريعك الشعرية القادمة؟
 
- سوف اصدر ديوانى السابع «سيرة الورد» هذا العام لأتفرغ لديوانى الثامن «مقام للضحك» وسوف أقوم بإصدار أول مجلد من أعمالى، يضم أول ستة دواوين، أيضا أتعاون أنا والفنان الكبير محمد عنتر لإنجاز تسجيل حلقات المسحراتى التى كتبتها ولحنها الفنان محمد عنتر، ويغنيها الفنان أيهاب يونس.