الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

رسائل الرئيس لقادة العالم

رسائل الرئيس لقادة العالم
رسائل الرئيس لقادة العالم




 شرم الشيخ - أحمد إمبابى - وأحمد قنديل


أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، أن رؤية القيادات السياسية من أهم العناصر التى تؤثر على السلام سواء الداخلى أو بين الدول وبعضها البعض، مشيرًا إلى أن إرساء السلام يعتمد على قدرة القيادات السياسية فى كل دولة فى قراءة الموقف بشكل حقيقى.
وقال الرئيس السيسى خلال جلسة «دور القادة فى بناء واستدامة السلام» أمس، ضمن فعاليات منتدى شباب العالم المنعقد فى شرم الشيخ، إن رؤية الرئيس الراحل أنور السادات للسلام كانت مبنية على تجربة وقراءة نتيجة استمرار الصراعات، مؤكدًا أن بناء السلام الاجتماعى داخل الوطن قد يجنب الدولة الدخول فى الصراعات.
وشدد الرئيس على أن للمرأة دورًا مهمًا وفعالاً فى المجتمع، مضيفًا: «اتخذنا خطوات حقيقية لتفعيل دور المرأة فى مصر»، موضحًا أن تصويب الخطاب الدينى أحد أهم المطالب التى تحتاجها المنطقة وفى العالم الإسلامى على الإطلاق.
 وأشار الرئيس إلى أن الكثير من موضوع «دور القادة فى بناء واستدامة السلام» يرتبط برؤية القيادات السياسية فى العالم أو لكل دولة، وقدرتها والمجموعة التى تقوم بتشكيل وصياغة الرأى والقرار والذى قد يؤدى فى النهاية إلى الدخول فى الصراع سواء كان ذلك على الصعيد الداخلى أو الخارجى.
وتابع: أن كل دولة من خلال شعبها تختار الحاكم بالانتخابات أو بأى أسلوب آخر، وبالتالى أصبح يمتلك رؤية وقدرات دولته، خاصةً أنه لا يستطيع أحد أن يتدخل فى اختيار الشعوب لقادتها، منوهًا بأن الحاكم يمتلك أدوات وقدرات بلده، و حسب قناعاته وتوجهاته ورؤيته سيتأثر السلام بهذا العامل وتوجهه نحو حل القضايا.
وأكد السيسى، أن قدرة القيادات على قراءة الموقف والقراءة الحقيقية له سواء كانت علاقات مع دول أو مواقف داخل دولهم بالفعل تختلف من شخص لآخر أو من قائد لقائد أو حاكم لحاكم أو من رئيس لرئيس حسب الخلفية الثقافية والفكرية والبناء العلمى الذى تم إعداده به، إلى جانب التجربة التى يمتلكها سواء كانت تجربة تاريخية قرأها أو عاشها أو من خلال المساعدين الموجودين حوله.
وأوضح الرئيس: عندما نتحدث عن رؤية الرئيس السادات للسلام، نرى أنها كانت مبنية على تجربة الصراع وأثره، حيث أخذ السادات هذا التوجه فى بناء السلام الذى نعتبره عملاً متفردًا فى عصره.
وأضاف أنه لم يكن يتصور البعض أنه عندما طرح الرئيس السادات فكرته للسلام، أنها قد تكون مقبولة من الرأى العام فى المنطقة، حيث إنه تحرك بإيجابية لرؤيته مدى خطورة الحروب على الدول ومستقبلها.
وتابع: «إنه دفع الثمن ليس من خلال اغتياله كما يعتقد البعض، ولكن من خلال جهده حيث ظل يثابر عدة سنوات حتى توصل إلى اتفاق سلام مستقر وثابت»، مضيفًا أن التجربة والقناعات التى تتشكل لدى القادة نتيجة تجربة السادات قد تكون السبب فى إيجاد الحلول أو فى أن يكون السلام من أهم أجزاء البناء الإنسانى لهذا القائد.
وأكد الرئيس أن بناء السلام الاجتماعى داخل الوطن الواحد يجنب الدولة الدخول فى صراعات أخرى، حيث قد يلجأ الحاكم من أجل توحيد الرأى العام الداخلى فى بلده أو لاكتساب مكانة أن يدخل فى صراع، مشيرًا إلى أنه من المهم أن يكون المسئول أو الرئيس أو الحاكم حريصًا جدًا على تنمية وتطوير بناء السلام الاجتماعى داخل بلده.
وأوضح الرئيس: أود أن أنقل تجربتنا فى مصر، لكل الحضور معنا فى المؤتمر، نحن حرصنا ونحن نواجه التطرف والإرهاب على ألا يترتب على هذا الأمر بناء عدائيات بقدر الإمكان، وذلك باستخدام الوسائل فى أقل حدود استخدامها، حتى لا يكون لها تأثيرات جانبية. واستطرد: «الشباب تحدثوا عن دور المرأة والشباب فى المجتمع خلال المنتدى، أود أن أقول لكم نحن هنا فى مصر، عندما تحدثنا عن دور المرأة، لم نتحدث بصيغة القوانين والإجراءات، ولكن تحدثنا بممارسات تستهدف المحاولة بالدفع بالمرأة للمكان الذى تستحقه، كما حاولنا إعطاء مثال أو نخطو خطوة حقيقية قوية لتقدير واحترام المرأة فى مصر». وأكد أن لدينا على سبيل المثال فى الوزارة، عددًا من السيدات المشاركات فى الحكومة، 8 أو 9 سيدات، وسنسمح ونتيح الفرصة للمزيد، ولكن الفكرة فى التوجه لدى القيادة، وبناء هذا التوجه لدى الرأى العام، فمن الممكن أن نضع أعدادًا كبيرة ويكون هذا مجرد شكل، لكن نريد أن نبنى ذلك فى نفوس الناس من خلال الأحاديث المتكررة، وبناء وعى حقيقى على عدم التمييز بين الرجل والمرأة.
وأردف الرئيس قائلاً: «عندما نقوم بهذا الأمر بالشكل المناسب على مدى سنوات متصلة، يترتب عليه أن ينمو ويزيد السلام الاجتماعى داخل المجتمع.
ولفت السيسى إلى أن فكرة تنظيم مؤتمر للشباب لتبادل الحديث مع الشباب عن الواقع الذى نواجهه، اقترحها أحد الشباب فى أول لقاء فى نوفمبر 2016، قائلاً: «الحقيقة نتائج المؤتمر كانت هائلة، وقلنا نكمل وننظم مؤتمرات متواصلة كل شهر ونصف أو شهرين لشباب مصر، ثم تطور الموضوع ونظمنا منتدى شباب العالم الأول فى 2017، ثم المنتدى الثانى الذى نتواجد فيه الآن من أجل بناء السلام الاجتماعى، وأنت كمسئول فى الدولة أو مسئولين يجب أن توجد منصات للحوار والتواصل وبناء الوعى الحقيقى الذى دائمًا أتكلم عنه، صحيح أن شبكات التواصل الاجتماعى والثورة التى تحدث فى وسائل الاتصال كان لها عوامل إيجابية، لكن كان لها بعض السلبيات التى يجب أن نتجاوزها، ولكى نتجاوز تلك السلبيات، كان لابد أن يكون هناك اتصال مباشر بين المسئولين والشباب من خلال هذا المنتدى، لكى نسمع بعضنا البعض ونشرح القضايا ونقول التحديات التى تقابلنا ونسمع رد الفعل من شبابنا».
وشدد على أن أى إنسان سواء كان شابًا أو كبيرًا فى السن، طالما أنك ستعقد معه حوارًا منطقيًا وموضوعيًا ستجد أنه على استعداد للتجاوب ويتحمل معك، ولقد تكلمنا عن البطالة، وصحيح هى فى بلدنا لها عامل مهم جدًا لأننا عندنا تحت سن الـ40 ما يقرب من أكثر من 65 مليون نسمة، وهو رقم كبير جدًا».
وتابع: إذا كنا نتكلم عن البطالة، والعالم كله يتكلم أن أحد أسباب عدم الاستقرار الداخلى فى بعض الدول أو الهجرة غير الشرعية هى البطالة، فهل يا ترى الدول المتقدمة مستعدة تتشارك مع الدول التى ليست لديها الفرصة والقدرة، وتعطيها جزءًا من الفرصة المملوكة لديها فى السوق العالمى لتوفر لأبنائنا وشبابنا وبناتنا فرصة عمل، أم إذا كان الموضوع يرتبط بالمصالح نجد ردود الأفعال تكون مختلفة.
وأوضح الرئيس أن الأمل لن يبنى فقط بالكلام، ولا نستطيع أن نقول لشباب مصر اطمئن كل شىء سيكون على ما يرام ولكن اصبر معنا قليلاً، أنا ممكن أصبر معك قليلاً ولكن لا أستطيع الصبر معك للنهاية.
واستكمل الرئيس كلمته: إن المصالح الخاصة بالدول تدفعها إلى أن تتدخل فى صراعات لأسباب خاصة بمصالحها، وهذا أمر يجب وضعه فى الاعتبار، ومصالح الدول التى ترى أن الصراعات فى الدول قد تكون مفيدة لها حتى لو كان ثمن ذلك بشرا.
وحول الآليات الحالية لحل الصراعات، قال السيسى: «تكلمت فى هذه النقطة مع شباب مصر فى مؤتمر سابق وقلت إنه قبل 1945، كان العالم مختلفًا وكان القوى يستطيع أن يفعل أى شىء، ولكن اليوم بعدما تم تشكيل آليات الأمم المتحدة وأصبحت متواجدة، هذا الأمر تم السيطرة عليه بشكل كبير، وهذا يعد تطورًا كبيرًا فى الإنسانية».
وقال الرئيس: «أريد أن أختم كلامى بشأن الوضع فى مصر، لكل الموجودين معنا فى المنتدى، أنا تكلمت عن بناء السلام الاجتماعى، وأريد أن أقول للحضور منذ 5 أعوام كان المجتمع المصرى فى حالة انقسام شديد ولكن تجربتنا أثبتت أن حقيقة التآخى والعيش المشترك والتعامل بشكل متساو مع كل المجتمع هو أحد عناصر بناء السلام الاجتماعى الحقيقى».
وأشار الرئيس إلى حادثة أمس الأول وهى الاعتداء على الأشقاء والمواطنين المصريين، قائلاً: «نحن فى مصر لا نميز بالدين بين مسلم ومسيحى ولكن هو مصرى، وعند سقوط المصرى لحادث إرهابى يؤلمنا ويؤلم كل المصريين، وأنا على استعداد أن تتجهوا للرأى العام فى الشارع المصرى وأن تسألوه عن رد فعلهم عن أية حادثة تستهدف أشقاءنا ومواطنينا من المسيحيين»، منوهًا بأن استهداف مسجد وكنيسة رد الفعل والتأثير واحد على الاثنين وهذا الموضوع لم يكن موجودًا قبل ذلك.
وتابع السيسى: «لدينا قوانين تنظم البناء الموحد من بينها بناء الكنائس فى مصر، حيث مضى 150 عامًا قبل أن نخرج هذا القانون حتى نعمل استقرارًا فى هذا الأمر وننهيه قبل ذلك، لم تكن هناك دولة وأقصد هنا مصر تفكر فى بناء دور عبادة للمواطنين غير المساجد، والآن أصبحت الدولة معنية أن تبنى فى كل مجتمع جديد كنائس لمواطنيها لأن لهم الحق فى العبادة كما يعبد الجميع».
وأردف: «لو فى مصر أديان أخرى كنا سنقوم ببناء دور عبادة لهم، لو فى يهود سوف نبنى لهم، وأية ديانات أخرى سنفعل لأن ذلك من حق المواطن أن يعبد ما يشاء أو لا يعبد، ذلك أمر لا يجوز التدخل فيه».
وقال: «حين أطلقنا فى مصر تصحيحًا أو تصويبًا للخطاب الدينى تكلمت عن أن الصراعات كلها متمركزة فى هذه المنطقة، بغض النظر عن فكرة المؤامرة، لابد من أن نتوقف عن هذا الحجم الضخم من الصراعات فى المنطقة وأكبر نسبة للاجئين والضحايا»، مضيفًا أن الرؤية ومشاهدة الواقع بدون أى غرض وراء إطلاق مبادرة تصويب الخطاب الدينى.
وأضاف أن تصويب الخطاب الدينى أحد أهم المطالب التى تحتاجها المنطقة وفى العالم الإسلامى على الإطلاق لا يمكن أن تكون مفردات وأفكار كان يتم التعامل بها من ألف سنة وكانت صالحة فى عصرها، ونقول إنها يمكن أن تكون صالحة فى هذا العصر.
واختتم الرئيس كلمته، بالقول «إننا لا نتحدث عن تغيير دين ولكن عن كيفية إقناع أصحاب العقول والرأى والمعنيين بهذا الأمر بأن هناك مشكلة حقيقية فى خطابه وفهمه للدين الذى يتعامل به فى هذا العصر، لابد من إيجاد مفردات لخطاب دينى تتناسب مع هذا العصر، ويمكن بعد مرور 50 عامًا نحتاج إلى تطويرها أيضًا بتطور المجتمعات»، وفى النهاية أقول للشباب: «سعدت للغاية بهذا الحوار الثرى وأشكر الجميع».