الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«السيولة» تهدد إمبراطوريات صناعة المقاولات فى الشرق الأوسط وإفريقيا

«السيولة» تهدد إمبراطوريات صناعة المقاولات فى الشرق الأوسط وإفريقيا
«السيولة» تهدد إمبراطوريات صناعة المقاولات فى الشرق الأوسط وإفريقيا




تاريخ طويل وسجل حافل من الإنجازات عمره أكثر من 80 عاما لشركات المقاولات المملوكة للدولة استطاعت أن تبنى مصر شرقًا وغربًا شمالًا وجنوبًا بمشروعات عملاقة بدءا من السد العالى مرورا بالطرق والكبارى والانفاق والبنية التحتية وصولا للإسكان ولاتزال تواصل العطاء إلا أن لكل جواد كبوة .. فها هى شركات مقاولات قطاع الاعمال تبحث عن مخرج لأزمة السيولة التى ألمت بها بعد أحدث يناير 2011 وتراجع حجم الأعمال فى أعقاب ذلك  وارتفاع تكاليف التشغيل بعد تحرير سعر الصرف فتعثرت تلك الشركات البالغ عددها 9 شركات فى تنفيذ المشروعات ولجأت إلى السحب على المكشوف من البنوك والاقتراض  بأسعار فائدة مرتفعة لتسقط فى هوة الديون وزاد الطين بلة  بعد سحب المشروعات منها مع عدم قدرتها على توفير السيولة لاستكمال تلك المشروعات وفى مقدمة هذه الشركات أكبر وأعرق شركتين وهما شركة المقاولات المصرية « مختار إبراهيم» والنصر العامة للمقاولات « حسن علام «.ويستثنى من ذلك شركة المقاولون العرب عملاق صناعة المقاولات فى الشرق الاوسط وإفريقيا التى لم تتاثر بشيء وتتبع وزارة الإسكان.

حدوتة مصرية عمرها أكثر من نصف قرن


شركة «المقاولون العرب»  أنشأها المهندس عثمان أحمد عثمان عام ١٩٥٥ باسم المقاولون العرب لبناء السد العالى بماله الخاص، وبدأ يدرب العناصر والكوادر البشرية من المهندسين المصريين لبناء السد العالى وغرس مفاهيم الانتماء فى أبناء الشركة، وتم تأميم الشركة فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، واستمر المهندس عثمان أحمد عثمان فى رئاستها، بنفس مفاهيم إدارتها وأنشأ مستشفى خاص بالشركة أيضا واهتم بعنصر التدريب للكوادر البشرية وظلت المقاولون العرب تدار بنفس الروح والمفاهيم، وهى تابعة لوزارة الاسكان ومملوكة للدولة بنسبة ١٠٠٪ وأدارها المهندس ابراهيم محلب منذ 12 عاما حيث أحدث نقلة نوعية وطفرة داخل مصر وخارجها، وتضم شركة المقاولون العرب مايقرب من ٧٠ ألف عامل، ووصلت حجم أعمالها مؤخرا إلى أكثر من ٢٠ مليار جنيه.
ساهمت الشركة بنسب متفاوتة فى تنفيذ العديد من المشاريع الكبرى داخل مصر وخارجها فى مجالات الأنفاق والكباري، ومحطات الصرف الصحي، والطرق ومنها على سبيل المثال لا الحصر داخل مصر كوبرى ٦ اكتوبر ونفق الأزهر ونفق الشهيد عبدالمنعم رياض والشهيد أحمد حمدى وطريق الاوتوستراد والطريق الدائرى بالقاهرة واستاد برج العرب ومطارى الاقصر والغردقة الدوليين، ومجمع الالومنيوم بنجع حمادى ومصنع اسمنت اسيوط، وخارج مصر مثل كوبرى الطويل بتونس وميناء جنات الجزائر ونفق الروضة بالسعودية وتطوير وتجميل شوارع مكة ومدينة بلاجوس بنيجيريا.


سجل حافل من الإنجازات تبحث عن حل لأزمة الديون
شركة النصر العامة للمقاولات  «حسن علام» تحوذ على سجل مشهود للاضطلاع بتنفيذ المشاريع العملاقة ذات الأولوية القومية بمصر منذ تم تأسيسها فى عام 1936، وخلال هذه الأعوام فإن مئات من أهم المشاريع الحيوية والمهمة قد أقيمت على يد شركة حسن علام فالشركة لها دور فريد ومتميز فى مجال الإنشاءات بمصر كما شاركت الشركة فى إقامة العديد من المشاريع الحيوية فى عدة دول عربية مثل ليبيا، الكويت،العراق، الإمارات المتحدة، والسودان حيث قامت بتنفيذ عديد من مشروعات الطرق و المرافق و المبانى.
وعلى سبيل المثال لا الحصر فأن الشركة قامت بتنفيذ معظم قطاعات الطريق الساحلى الدولى الحيوى و انتهى العمل بهذه القطاعات، وطريق رشيد- دمنهور- المحمودية، و إنهاء قطاع رقم 8 من الطريق الدولى الساحلى ويبلغ الطول الكلى للطرق المنفذة به 173.9 كم وعدد 39 كوبرى بأطوال كلية 31.626 كم. كما قامت الشركة بتسليم واحد من أكبر الكباري، والذى يعبر نهر النيل عند مدينة كفر الزيات (عرض 450 م) وقد تم تنفيذه باستخدام شدات متحركة حديثة بدون استخدام قوائم رئيسية تسد مجرى النيل.
وكما نفذت الشركة حاليا مشروعين من المشاريع الحيوية فى دولة السودان وهما مشروع طريق هيا-بورتسودان بطول 206 كم بتكلفة 16 مليون دولار و مشروع طريق بورتسودان- الحدود المصرية بطول 280 كم بتكلفة 88 مليون دولار ، وحصلت الشركة على وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى فى عام 2003 نظراً لإنجازات الشركة الكبيرة فى تنفيذ عديد من المشاريع الكبرى.


تبحث عن سيولة لاستعادة مكانتها التاريخية

شركة المقاولات المصرية «مختار إبراهيم» هى إحدى قلاع المقاولات ليس فى مصر فقط بل على المستوى العربى والإفريقى أسسها المهندس مختار إبراهيم عام 1936، وبدأت فى الازدهار عاما بعد الآخر إلى أن احتلت مركزا مرموقا فى مجال التشييد، وتحولت إلى شركة مساهمة مصرية  فى فبراير 1952 ثم أممت جزئيا عام 1961 وتم التأميم الشامل عام 1964، وبصدور قانون شركات الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991 أصبحت شركة تابعة للشركة القومية للتشييد والتعمير، وأنشئت الشركة بهدف زيادة حجم المقاولات المصرية بالأسواق العربية والإفريقية بسياسة مرسومة تتبع أساليب حوكمة الشركات العامة ولضمان تحقيق النجاح على المدى الطويل فى إدارة الاصول والاستثمارات لمواكبة المتغيرات المحلية والعالمية.
نفذت الشركة أعمالا كبرى فى قطاعات الصرف الصحى ومياه الشرب والطرق والكبارى واستصلاح الأراضى والمصانع والمبانى العامة والكهرباء والإسكان والقرى السياحية فى مصر والمملكة العربية السعودية وجمهورية الجزائر والجماهيرية العربية الليبية ودولة الكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان،  وأبرز ما تتميز به شركة مختار إبراهيم عن غيرها من الشركات العاملة فى نفس المجال مشاريع البنية التحتية.


روشتة الإنقاذ.. صرف التعويضات والمستحقات ضرورة لإنقاذها من شبح الإفلاس

أكد خبراء صناعة المقاولات أن الحل لإنقاذ شركات المقاولات العامة من أزمة السيولة المالية التى تعانى منها فى سرعة الحصول على تعويضاتها ومستحقاتها لدى جهات الإسناد التى تصل إلى مليارات الجنيهات، واستبدال قياداتها التى  تخطى أعمار بعضهم  الـ ٧٠ عاما بأخرى شابة لديهم رؤية وخبرة وكفاءة لإدارة هذه الشركات طبقا لآليات السوق وفكر القطاع الخاص.
وقال عبدالمنعم الجمل، رئيس النقابة العامة للعاملين فى البناء والأخشاب، أن شركات المقاولات العامة التابعة لقطاع الأعمال  تعانى من منافسة غير متكافئة مع القطاع الخاص .ففى ضوء التحديات الكبرى التى يشهدها القطاع حاليا عقب الزيادات المستمرة فى أسعار مواد البناء وجميع مدخلات التنفيذ تعانى هذه الشركات من ازمات سيولة مالية نتيجة للضغط عليها المستمر فى عدم صرف المستحقات المالية لها لدى جهات الإسناد والتعويضات وقد تأخذ سنوات للحصول عليها.
واضاف أن شركات المقاولات العامة التابعة لقطاع الأعمال تدين الدولة بمليارات الجنيهات فشركة مختار إبراهيم لها مايقرب من 4مليارات جنيه لدى الحكومة وايضا شركة «حسن علام» لها مايقرب من ٨ مليارات جنيه وشركة «ايجيكو العامة للمقاولات» لها نحو ٦ مليارات جنيه وغيرها من شركات القطاع، ولفت إلى  انه فى نفس الوقت هذه الشركات يدها مغلولة ولا تستطيع أن ترفع قضايا على جهات حكومية تخوفا من عدم الحصول منها على اسناد اعمال مرة أخرى.
وأشار إلى أن شركات مقاولات قطاع الأعمال أصبحت تعانى من انكماش وتضاؤل رأس مالها العامل نتيجة  لهذه المعوقات الى جانب الزيادات  فى تكاليف تنفيذ المشروعات والتغير المستمر للتكلفة الحقيقية عن المحددة فى  عقود المقاولات  المبرمة بما يعطل تنفيذ المشروعات ويحيل دون التزامها بالجدول الزمنى ويدفع سريعا بتعثرها، مؤكدا أن السبيل لإنقاذ هذه الشركات فى سرعة صرف تعويضاتها ومستحقاتها المالية المتأخرة لدى جهات الإسناد الحكومية والتى تصل إلى مليارات ودعم هذه الشركات باسناد حجم اعمال معقول لها وعدم تفضيل القطاع الخاص عليها واصفا الشركات المقاولات العامة لقطاع الأعمال بقوله « الشركات ديه هى اللى بتشيل البلد فى الأزمات فى زلزال ١٩٩٢ اللى دخل وانقذ مصر  هى الشركات  المقاولات العامة من غير ماتطلب مقابل».
فيما أكد المهندس عماد الرفاعي، عضو مجلس إدارة شركة مختار ابراهيم، أن  التحديات المالية  التى مرت بها شركات مقاولات قطاع الأعمال الفترة  الاخيرة أنهكت قدرتها على تحمل المزيد من الاعباء مع عدم حصولها على التعويض المستحقة لها، موضحا أن سبب تعثر شركات القطاع ماليا بعد تحرير سعر الصرف وارتفاع أسعار الوقود وغيرها من التغييرات اضطرت الشركات اللجوء للبنوك لتوفير السيولة المالية بقروض بفوائد مرتفعة تصل إلى ٢٠ ٪ للوفاء بالتزاماتها وانهاء مشاريعها فى حين أن مكسبها من المشروع لا يوازى حجم الدين إلى جانب ايضا التوسع فى السحب على المكشوف من البنوك.
وتابع أن عدم تطبيق العقد المتوازن بين الشركات، وجهات الإسناد بما يضمن المنفعة المتبادلة بمعنى أن جهات الإسناد الحكومية تقوم بإسناد مشروع للشركة مدته سنة فى حين أنه يستلزم مدة تنفيذ اطول وتبدأ بعد ذلك بتوقيع غرامات وتهديد بالسحب، وايضا قد تنهى الشركات المشروعات وتعمل لسنوات طويلة دون استلامها رسميا وبالتالى لا يتم سداد كامل المستحقات كما يحدث فى محطات الصرف والمياه.
معتبرا أن الحل لإنقاذ هذه الشركات من أزمة السيولة الطاحنة التى قد تؤدى إلى إفلاسها أو تخارجها فى سرعة صرف تعويضاتها ومستحقاتها المتأخرة لدى جهات الإسناد ودعم الحكومة لها بكل الوسائل الممكنة.
بينما شدد الدكتور رشاد عبده، رئيس المركز المصرى للدراسات الاقتصادية على  ضرورة تغيير القيادات العاملة فى شركات المقاولات التابعة لقطاع الأعمال نتيجة لوصول هذه الشركات إلى أوضاع سيئة وأزمة سيولة طاحنة وصلت لعدم قدرة هذه الشركات على توفير رواتب العاملين الشهرية.