الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أردوغان يشرب نخب سقوط الدولة العثمانية فى باريس

أردوغان يشرب نخب سقوط الدولة العثمانية فى باريس
أردوغان يشرب نخب سقوط الدولة العثمانية فى باريس




من باريس أمس وفى أقل من 24 ساعة، جاءت الضربتان الأهم للرئيس التركى رجب طيب أردوغان، الأولى تكذيبه من  وزير الخارجية الفرنسى جان إيف لو دريان الذى قال: إن فرنسا ليست بحوزتها تسجيلات تتعلق بمقتل الصحفى السعودى جمال خاشقجى على حد علمه.
مكذبًا ماقاله أردوغان السبت: إنه تم تسليم التسجيلات لفرنسا وألمانيا وبريطانيا، لكن لو دريان أشار فى مقابلة مع القناة الثانية الفرنسية، إلا أن الأمر ليس كذلك على حد علمه.
وردًا على سؤال عما إذا كان أردوغان يكذب قال لو دريان «يعنى هذا أن لديه لعبة سياسية فى هذه الظروف».
 الضربة الثانية، حين شارك أردوغان بجلد سميك ووقار زائف، فى احتفال فرنسا بالذكرى المئوية لانتهاء الحرب العالمية الأولى، التى تكبدت فيها الدولة العثمانية خسائر مهولة وهزيمة مذلة كانت مسك الختام لسلطنة عرفت بجرائمها ضد العرب والأقليات.
بانتهازية، تناسى أردوغان صراخه القومى فى ساحات أنقرة وهو يمجد العثمانيين، وذهب ليحتفل بهزيمتهم النهائية وكسر عنجهية السلاطين بعد انهيار جيوشهم أمام القوات الفرنسية والبريطانية والأمريكية، مستغلًا مشاركة العديد من زعماء العالم، وفى مقدمتهم الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ليلتقط بعض الصور الجانبية من أجل الترويج لمكانة تركيا بين دول العالم.
وتحتفل باريس بالذكرى المئوية لاتفاقية وقف إطلاق النار بين ألمانيا، وقوات الحلفاء فى نوفمبر من عام 1918، والتى أنهت رسميًا الحرب العالمية الأولى بين الأطراف المتصارعة، معلنة انتصار باريس ولندن وواشنطن على برلين وفيينا وإسطنبول، قضت الحرب على الإمبراطورية العثمانية، التى اختفت سريعا عام 1922 لتنمو على أنقاضها تركيا الحديثة، التى يتنكر لها أردوغان، وهو يدعو إلى إحياء الإرث العثمانى بنعرات قومية، فى حين لا يخجل من مشاركة أحفاد من هزموا أجداده الاحتفال بنصرهم.
أثارت زيارة الرئيس التركى للعاصمة الفرنسية استنكارًا واسعًا فى الشارع التركى باعتبار  الاحتفال بمثابة إهانة صريحة للجنس التركى، الذى هزم على جميع الجبهات وخسر كل المعارك، وطلب السماح والعفو من  جيوش فرنسا وبريطانيا.
وصف محللون أردوغان بأنه لا يكترث بأمجاد العثمانيين كما يزعم، ويسعى فقط لتحقيق أكبر قدر من المكاسب الشخصية، التى تثبت صورته الوهمية كزعيم للأمة التركية، استغل الاجتماع الدولى بمشاركة أكثر من 70 زعيمًا من مختلف دول العالم لينهى بعض الملفات العالقة وفى مقدمتها لقاء الرئيس الأمريكى ليتلقى مكافأة الاستجابة لأوامره بالإفراج عن القس أندرو برونسون.
فعلى مذبح المصلحة يريق أردوغان ماء وجهه، وينسف شعاراته التى يتشدق بها، يتاجر بدماء 700 ألف مجند تركى، ألقى بهم فى آتون الحرب، «25% من ضحايا الحرب العالمية»،  من أجل التقاط بعض الصور التذكارية.
أردوغان أصيب بالخرس أمام قادة الغرب، إذ لحس وعوده السابقة أمام الأتراك بضرورة إعادة النظر فى نتائج الحرب العالمية الأولى، خصوصا معاهدة لوزان الموقعة فى 1923، والتى على أساسها تم تصفية الاحتلال العثمانى للأقطار العربية، فأردوغان الذى احتفل فى 2014 بذكرى بداية الحرب العالمية، بالحديث عن تغيير معاهدة لوزان، عاد فى ذكرى انتهائها كقطة وديعة فى حضرة ترامب وقادة أوروبا، متجاهلًا لو إشارة عابرة عن تغيير المعاهدة.