الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

واحة الإبداع.. الرقصة الأخيرة

واحة الإبداع.. الرقصة الأخيرة
واحة الإبداع.. الرقصة الأخيرة




اللوحات للفنان: شعبان الحسيني

■ فنان متفرغ من مواليد الشرقية عام 1971م
■ حاصل على بكالوريوس كلية الفنون الجميلة - قسم جرافيك - جامعة حلوان 1995م
■ عضو نقابة الفنانين التشكيليين
■ عضـو أتيليه القاهرة
■ عمل فى مجال الرسوم المتحركة كما عمل فى مجال التصمـم الداخلى
■ شارك فى العديد من المعارض الجماعية المحلية والدولية.

يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة أو خواطر «على ألا تتعدى 550 كلمة» مرفقا بها صورة شخصية على الإيميل التالى:

[email protected]

 


 

الرقصة الأخيرة

كرم نبيه

وحدى فى غربتى أعد اللحظات والدقائق،  لا أجد حولى سوى صمت يلف المكان وصوت من هواجسى قد  أخذ فى المناداة إلى زمن قد تداعى،  لم أتخلص منه حتى الآن،  صورتها وهى ضاحكة أو متبسمة حين انظر إليها لم أتخيل قط أننى  سأُحرم من رؤيتها،  كأنها اصبحت جزءاً  من حياتى،  كانت هى النسمة الرقيقة فى حياتى المليئة بالألم ونفسى السجينة للشجون والأحزان، مرت بمخيلتى ذكريات عدة ولا أعرف لماذا تذكرت هذا المشهد من ذلك الشريط المليء بالذكريات الممتد فى ذاكرتى ولم تمح منها،  جلست وعلى وجهها هدوء طفولى يبعث فى النفس السلام والطمأنينة اللذان افتقدهما العالم وسط  صخبه وصراعه المتوالى الذى لا ينقطع أو يهدأ،  ولا أظنه سيهدأ،  كنت أراها كل يوم من شباك غرفتى المطلة على تلك الشجرة حيث اعتادت الجلوس هناك،  كنت استمتع كثراً برؤيتها حتى أننى عندما أتأملها لوقت طويل اغيب عن عالمى وأنفصل بروحى التى تهيم معها تحت الشجرة العتيقة كما كان يسميها جدى الذى كان قد حكى لى يوماً أن تلك الشجرة هى أول شجرة وجدت فى هذا المكان،  وأن أجداده حكوا له عن عدة خلافات نشبت بين العائلات التى تقطن المنطقة،  كل عائلة تدعى ملكيتها للشجرة التى تطرح أجمل الثمار فضلاً عن فروعها الوارفة الظلال،  وأن آلافاً قتلوا فى المعارك التى امتدت حقباً من الزمان حتى أن المكان قد خلا من كل السكان الذين كانوا يعيشون فيه ؛ إذ قد اشعلوا فتيل القتل واحترقوا فيها كلهم فأفناهم الحقد وقتلتهم الكراهية التى زرعوها جيلا تلو جيل،  مات أجداد جدى ومات هو أيضاً وبقيت الشجرة شاهدة على ما حدث تطرح الثمار ولا نأكلها تلف المكان حولها بظلال لا يجلس تحتها سواها أستمتع برؤيتها ولا أستطيع الاقتراب منها حسب ما اوصانى جدى قائلاً : « لا تقرب منها حتى لا تحترق بنارها « عشت حياتى لا أعرف ولا أطبق سوى قانون جدى لا أحيد عنه حتى جاء الحادث الجلل فى صبيحة يوم لم نعتده كذلك لم تشرق الشمس فيه كعادتها استيقظت على صوتها تصرخ وتجوب حول الشجرة فى حالة هستيرية فتحت نافذتى الزجاجية كى أرى بوضوح ما يحدث وجدت الشجرة التى كانت ترعى تحتها تلك الغزالة ذات الضحكة الطفولية مشتعلة بالنيران كان كلما زاد وهج النار واشتعالها بالشجرة تتهاوى الغزالة رأيتها فى ذاك اليوم ترقص ولكن ليست كما اعتدها ترقص من قبل بل كانت رقصة الموت الأخيرة 0