الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«البريكست» تحفر قبر «ماى»

«البريكست» تحفر قبر «ماى»
«البريكست» تحفر قبر «ماى»




حصلت تيريزا ماى رئيسة الوزراء البريطانية، على تأييد أبرز مؤيدى الانسحاب من الاتحاد الأوروبى فى حكومتها فى وقت تسعى فيه جاهدة لأجل إنقاذ مسودة اتفاق الانسحاب من التكتل.
وبعد مرور أكثر من عامين على موافقة البريطانيين فى استفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي، لا يزال من غير الواضح كيف سيحدث الانسحاب ولا بأى شروط، ولا حتى إن كانت بريطانيا ستخرج منه فى الموعد المزمع وهو 29 مارس عام 2019.
كل يوم جديد يمر على تيرزا ماى رئيسة الحكومة البريطانية يكون درجة فى سلم هبوطها من منصبها، فقد أصبحت اتفاقية الخروج البريطانى من الاتحاد الأوروبى «بريكست» كابوسا سياسيا، خاصة فى ظل اعتراض عدد لابأس به من وزراء حكومتها وسياسيين مرموقين بل مسيرات احتجاجية شعبية مطالبة باستفتاء ثان، فى أزمة تهدد بـ»فشل سياسى غير مسبوق» و«خيانة قومية».
وقد أعدت صحيفة «الجارديان» البريطانية رؤية شاملة حول الأزمة مفادها أن خطة ماى غير جيدة ولها انعكاسات سلبية، فالخروج دون اتفاق مرض سيخلف «فوضى كارثية»، وأيضا التنازل يعتبر «غباء مطلقا» سيحدث فوضى على الحدود وتعطيلا كبيرا للإمدادات الغذائية، وإلحاق ضرر بالغ بالصادرات، وثغرات كبيرة فى العمالة.
ووصفت الصحيفة، على لسان كاتب المقال سيمون جينكز، أن ما يحدث هو مزيج من طموح شخصى لسياسة طائشة على حافة الهاوية وحكومة غير مسئولة.
وأقر التقرير بأن التفاوض بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى لن يكون سهلاً أبداً، كونها أول سابقة خروج مما صعب أمر التفاوض ومسارات فك الارتباط، والقضايا الشائكة مثار الجدل لم تحل حتى الآن وعلى رأسهم  الحدود بين إقليم إيرلندا الشمالية وجمهورية إيرلندا، حيث إن جمهورية إيرلندا هى جزء من الاتحاد الأوروبى والجزء الشمالى من الجزيرة هو إقليم تابع لبريطانيا، والفصل بينهما سيعزل بريطانيا ويضرها.
وتأتى قضية السماح بحركة البضائع ورفض حركة الخدمات والأفراد كثانى قضية شائكة جدلية، فبريطانيا تريد أن تكون السوق البريطانية مفتوحة للبضائع فقط، بينما ترفض تدفق الخدمات والأفراد وهذا مرفوض من قبل بروكسل.
وتأتى الانقسامات الداخلية داخل حزب المحافظين لتشكل أزمة جديدة ، حيث  تحاول ماى مسك العصا من النصف لإرضاء كافة الأطراف (فريق داعم للخروج الناعم أى الاستمرار فى السوق الأوروبية المشتركة والاتحاد الجمركي، وآخر يرغب فى الخروج الكامل)، و الاستماتة للاستمرار فى منصبها.
ويعتبر مقترح ماى الجديد، بتمديد الفترة الانتقالية لأشهر إضافية ، كارثيا أيضا حيث يتعين على بريطانيا أن تدفع 20 مليار جنيه استرلينى مقابل عام إضافى بعد نهاية الفترة الانتقالية فى ديسمبر 2020، وأن التمديد لن يقود إلى حل القضايا العالقة وسيبقى بريطانيا ضمن الاتحاد الأوروبى لـ 6 سنوات بعد استفتاء البريكست 2016، وهذا ما يرفضه مناصرو الخروج من الاتحاد الأوروبى.
وبالتالى فالنتيجة الطبيعية المتوقعة هى وصول المفاوضات إلى طريق مسدود بين الجانبين، وأيضا فشل ماى فى إقناع معارضيها وشعبها بخطتها بشأن «الوضع فيما بعد الانفصال عن الاتحاد الاوروبي» سيخلق حالة فوضى سياسية لم تمر بها بريطانيا منذ أكثر من 70 عاما فمن المستحيل أن تحصل على تأييد أغلبية فى البرلمان فى ظل هذه الضبابية.
واتهمت الصحيفة رئيسة الوزراء بتعمدها خلق حالة من الغموض والتردد لمجرد التشبث بالسلطة، فهى لا تقاتل من أجل مبدأ، تعتمد فقط على استراتيجية خلق سياسة داخلية مثيرة للانقسامات تضمن بقاءها مدة أطول.
واختتمت «الجارديان» تقريرها بأن أزمة البريكست لا نهاية لها و قد تقضى على الثقة فى الديمقراطية.، متخوفة من ان جميع الطرق بالنسبة لبريطانيا أصبحت لها عواقب وخيمة فقد ينتهى الأمر بإجراء استفتاء ثان، وهو الأقرب، مع احتمال عودة بريطانيا للاتحاد الأوروبى مرة أخرى فى المستقبل، وهو الأصعب، مشيرة إلى أن هذه القضية مثلت لغزا مستعصى الحل  لآخر ثلاثة وزراء سابقين  ومخاطرة كبيرة، فإذا رفض أعضاء البرلمان دعم خطة خروج بريطانيا ، أو طلب المزيد من الوقت للحصول على صفقة أفضل أو التصويت فى انتخابات عامة، فحتما «الفوضى» قادمة.