الأحد 22 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المُجدد

المُجدد
المُجدد




فى حى الجمالية نشأ عبدالفتاح السيسي، وطأت قدماه الشارع المصرى محاطا برحاب وروح الشخصية الدينية المصرية، منذ الصغر استوعب السيسى أن الدين - أى دين- جاء من أجل إسعاد البشرية وضبط إيقاعها فى ظل تعايش البشر مع بعضهم البعض، هو أساسا يستهدف هذه العلاقات البينية على أساس من الحق والعدل.

الصبى المسلم شبَّ فى أسرة لم تفصل دينها عن دنياها، سلوكياتها وتعاملاتها اليومية كانت تعبيرًا عن تعاليم هذا الدين الذى شاء له المولى أن يكون له مذاقه الخاص على أرض مصر، التى تمتلك حضارة عرفت تراثًا وثقافة، بل وعرفت التوحيد قبل الأديان جميعها.

«السيسى» تشرَّب من معين هذا الإسلام المصرى. الذى جاء إلى مصر ليس من أجل إعادة اختراع الإنسانية، بل من أجل الإضافة النجيبة لها، هكذا تكونت عقيدة السيسى بدينه الإسلامى داخل وعيه المصرى.

«السيسى» يبدو أنه ظل طوال حياته منشغلا بمفهوم الدين الإسلامى كأسلوب للتعايش بين الناس، يبدو أن الرجل قدحمَّل نفسه بإرادته الحرة مسئولية إعادة تسويق هذا الدين من خلال نموذج عملى لم يجد مجالا لتطبيقه إلا على نفسه. هذا ما  كان يملكه وقتها.  أن يجعل سلوكه الظاهر انعكاسا مباشرًا لمفهومه الباطن عن الدين.
 
«السيسى» ظل حاملًا هذه المفاهيم داخل وجدانه حتى شاء القدر أن يصبح رئيسًا لمصر.. ساعتها وجد  نفسه أمام مسئولية تاريخية، تحتم عليه استعادة حقيقة أهداف الرسالة السماوية التى جاءت من أجل الإنسانية.. السيسى جاء فى وقت أريقت فيه الدماء، وهدمت صوامع وبيع باسم الإسلام.. المسئولية فادحة وإرادة التجديد لدى الرجل أشد صلابة.

فى أول احتفالية بالمولد النبوى الشريف - أثناء فترة رئاسته الأولى - دعا السيسى  صراحة إلى “ثورة دينية” إنقاذًا للإسلام، سرًا وعلانية يدعو الرجل إلى ضرورة تطوير الخطاب الدينى.. الدعوة هنا من  أجل تطوير طريقة التفكير فى الدين والغوص فى أعماق النصوص لاستخراج ما فى باطنها من ثروات فكرية دفينة تثبت أنها صالحة لكل زمان ومكان اتساقا مع مصدرها السماوى الإلهي، ورفضًا لاحتكارها داخل عقول متحجرة أرادت أن تبرر جمود عقولها بتثبيت النص عند حدود أفكارها الضحلة ففرغتها من مضمونها، وصورت عملية التدين كما لو كانت عملية انسحاب  دائم للخلف وإلى الزمن الغابر، ظنا أنه يمكن تثبيت الزمن الدينى عند حدود فهمهم الضيق للنص، فحولت الإسلام شكلًا ومضمونًا إلى عرض متحفي صامت.

«السيسى» يُؤْمِن بالتجديد كأحد الأهداف الرئيسية لنظام حكمه ولن يحيد عن هذا الهدف أبدًا ولن يكف عن الدعوة إليه. السيسى المجدد عقد العزم على أن تكون مصر مهدًا لإعادة اكتشاف عظمة الإسلام وكنزه الكامن فى قدرته على التطور الذاتى، وحارسًا للأمن القومى الإسلامى الذى تعرض للتجريف بفعل العقول الجامدة المتحجرة التى أرادت تحجيمه بما يتناسب مع ضيق أفقها، لكن السيسى أصر على أن إطلاق العنان لنهر العطاء الإسلامى المتدفق هو فرض عين حال.. السيسى لن يكف عن الدعوة لإعمال العقل قبل النقل.. السيسى يُؤْمِن أن العقل هو وسيلة إدراك وجود الله وعبادته وتقديسه.. السيسى لن يترك الإسلام ليتحول إلى أسفار يحملها من لا يفقه قيمتها ولا يعرف قبلته.

روزاليوسف