السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«الكفار» .. أقدم سد فى التاريخ

«الكفار» .. أقدم سد فى التاريخ
«الكفار» .. أقدم سد فى التاريخ




يقبع فى الصحراء الشرقية بوادى جراوى على مسافة 30 كيلو متر جنوب شرق حلوان، بطريق محفوف بالمخاطر، ليس من السهل الوصول إليه دون أدلة، فالطريق عبارة عن متاهة تأخذ صاحبها إلى المجهول بمنطقة لا يسمع فيها سوى أصوات الثعالب ولن يرى سوى «الضب»، وهو أشبه بالتمساح، ويمر الطريق أولا بوادى يسمى الجبَو، كما يمر الطريق أيضا بواد جديد سوف ينشأ بانخفاض 60 مترا، بعد أن جفت منه المواد المحجرية، وبدأت تطفو منه المياه وتنمو الزراعات الخضراء، كما تظهر آثار لسلك شائك، وتمتلئ المنطقة بالهضاب وتظهر على مرمى البصر، المبانى الفخارية التى تعلو قمة جبل يقع بالوادى، وتطمس الشبورة المائية معالم المكان، والتى تظل عالقة لمنتصف النهار على كافة سلاسل الجبال والهضاب، إلى أن تسطع الشمس بوقت متأخر وكأنه الشروق.
سد الكفار أو الوثنيين، كما أطلق عليه وكما ذكرته خرائط «Google Earth»، حيث رصدت «روزاليوسف» وقوعه على امتداد مواز تماما لمنطقة «ميت رهينة»، وعلى التوازى بشكل أفقى بين حدود محافظتى القاهرة والجيزة، كما لو كان يقسمهما لشطرين، وعلى خط مستقيم مع الهرم الأكبر، قال عنه الدكتور فاروق الباز فى تسجيل له، دون أن تطأه قدمه، بمعلومات مقتضبة، أنه ربما انهار أثناء بنائه أو دمره فيضان كبير، فيما غاصت «روزاليوسف» فى قلب الوادى وتنقلت بين أضلاع أول سد فى التاريخ صنعه الإنسان، لتنقل صورة حية من أرض الواقع، كما رصدت طائر معروف بـ«الزرزور»، الذى يصيح بصوت عال عندما يشاهد حيوان مفترس أو زواحف قاتلة.
اصطحبت «روزاليوسف» بالرحلة أستاذ التاريخ ورئيس قسم المناهج بكلية التربية- جامعة حلوان، د.أمير القرشى، الذى وصف اكتشاف السد عام 1885، على يد الرحالة الألمانى، يورغ أوغست شفاينفورت، الذى شغل منصب أول رئيس للجمعية الجغرافية الملكية، بأنه أعاد تأريخ المنطقة بالكامل، وتم بناؤه فى نفس توقيت بناء الأهرامات، حيث أن معرفة تطور تدفق المياه بالمنطقة يحدد جغرافية المكان ويعيد اكتشافها ويعكس وجهات نظر الفراعنة الذين بنوا السد، والاستفادة من هذه النظريات، كما أن النباتات الموجودة على جانبى السد قديمة من عمر بنائه وتحورت لتتلاءم مع التغييرات بالمنطقة، ومع استمرار إهمال هذا الأثر التاريخى النادر، سيتلاشى خلال عدة سنوات، فى حين أكد سعد الراشدى، من قبيلة العميرات، أن الوادى يفيض بالمياه كل عام وهو الوحيد بين وديان المنطقة الذى تقع به السيول سنويا، ومع فصل الربيع تعم الزراعات الخضراء، كما أن قاع الوادى ملساء متحجرة لا تسمح بتسريب المياه، كما أن السد كان مكتمل البناء حتى أربع سنوات مضت، إلى أن جاءت إحدى المعدات «كسارة» وقامت بتحطيم جسم السد الممتد بين شطرى الوادى.
وأضاف د.حمدى حامد، أستاذ المناهج بكلية التربية- جامعة حلوان، أن السد تم بناؤه بين عامى 2600 إلى2650 ق.م، ويشبه فى بنائه هرمى زوسر وميدوم، حيث تم بناء خلف السد بأحجام كبيرة من الحجارة التى تم استخراجها من منطقة البناء لطبيعتها المحجرية، وتم تقليل الأحجام مع امتداد السد على طول حوالى 100 متر، وتبقى عند القمة 32 مترا فقط، بعد أن تعرض الموقع للنهب.
وعلق د.جلال نعمان، الرئيس السابق للجنة الآثار برئاسة الجمهورية، بأنه من المهم بحث وقوع السد بمحازاة تل رهينة، حيث كانت هناك مملكة تسمى «Sheter» التى يرمز لها بالسكين فى الحروف الهيروغليفية، كما انفصل الوادى عن الدلتا، كما أن السد يقع عند نقطة حدودية بين القاهرة والجيزة، حيث القطر الشمالى والقطر الجنوبى، الذى وحد بينهما الملك مينا.