الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«فاتح أربكان» يهدد عرش «أردوغان»«فاتح أربكان» يهدد عرش «أردوغان»

«فاتح أربكان» يهدد عرش «أردوغان»«فاتح أربكان» يهدد عرش «أردوغان»
«فاتح أربكان» يهدد عرش «أردوغان»«فاتح أربكان» يهدد عرش «أردوغان»




سنوات من الخيانة والتدمير والمؤامرات التخريبية فى شتى أنحاء العالم لخلق فزاعة الإرهاب ومن ثم إضعاف البلدان العربية من أجل إحكام قبضته عليه وتحقيق حلمه..  تلك هى قصة «غرام الافاعى» بين الرئيس التركى رجب طيب أردوغان وجماعة الإخوان «الإرهابية»، هكذا التقت مصالحهما، من ناحية يستعين بهم أردوغان لإحياء إمبراطوريته العثمانية، ومن ناحية أخرى يجد الإخوان بعد 90 عاما من التطرف والفشل السياسى حضنا دافئا لاستكمال مخططاتهم الإرهابية.
ولكن قد حان الوقت لينقلب الافاعى على بعضهم البعض، فقد أتت رياح «أربكان» بما لا تشتهى سفن أردوغان، وسينكث الإخوان العهد وينضمون إلى تيار آخر معاد لأردوغان، فالغدر والخيانة ليس غريبا عنهم، والأجواء المحيطة من أزمة اقتصادية تعصف بتركيا ومحاولة أردوغان إرضاء الغرب، وهو ما ينذر بأنه قد يتخلى عن الإخوان بأى وقت، فلا بد لهم من تأمين ملاذ آخر، وهذا الملاذ يتمثل فى حزب سياسى منافس له، وهو حزب الرفاه الجديد الذى يتبنى رؤية مركبة وقائمة على خلط الطموح الإمبراطورى العثمانى بأيديولوجيا الإسلام السياسى التى يقودها حزب العدالة والتنمية فى تركيا.
وأعلن فاتح أربكان، نجل رئيس الوزراء التركى الأسبق الراحل نجم الدين أربكان، تأسيس حزب الرفاه الجديد، فى تحد يعيد إلى الأذهان الخلافات العميقة التى استغرقت سنوات، وقامت على أسس الزعامة وحسم الصراعات السياسية داخل حزب الرفاه بين أردوغان وأربكان.
 وأشار أربكان إلى أنهم اتخذوا خطوة تاريخية من أجل العالم الإسلامى والشعب التركى، معتبرا أن الخطوة تعد نقطة تحول سيطرها التاريخ، لافتا إلى أن عبدالحميد كيخان عثمان أوغلو، حفيد السلطان العثمانى عبدالحميد الثانى، يقف إلى جانبهم فى حزب الرفاه الجديد».
استطلاعات الرأى فى بعض الصحف التركية، ومقالات الكتّاب تشير إلى توجه «الإخوان» لحزب «أربكان» وذلك يرجع لعدة أسباب:
أولاً: إن وصف «إسلامى» أقرب لأربكان منه لأردوغان، وإن وصف «وطنى» أقرب لأردوغان، حيث يبدو أربكان مهووسا بـ«الهوية» الدينية والمحيط الإسلامى، وهو ما يلائم جدا حلم الإخوان فى تحقيق الخلافة الإسلامية، فيما يظهر أردوغان كمؤمن بحلمه ومجده الشخصى وهو الإمبراطورية العثمانية، وهنا يكمن الاختلاف فلن يكون للإخوان فى هذه الإمبراطورية مكان سوى كعبيد وخدم وانكشاريين.
ثانيا : بالرغم من محاولات أردوغان إظهار التدين والالتزام، إلا انه كثيرا ما ظهرت نزعته العلمانية التى ترضى الغرب الاوروبى من ناحية أخرى، إذ من السهل الزعم أن أربكان يمثّل الإسلاميين وحزبه بشكل أساسي، نجد قليلا من الاعتراض على القول إن أردوغان يمثل أكثرية الأتراك وما تنطوى عليه تركيا من تحرر وتأثر بالعادات والتقاليد الأوروبية.
ثالثا: النهاية المأساوية التى قاد أردوغان الإخوان إليها فى حروبه بالعراق وسوريا هى أحد أكبر العوامل التى ملأت قلوبهم بالغضب منه، فقد أغدق عليهم المليارات من أجل تلقينهم فنون القتال والإقبال على الموت من أجل الشهادة والتمتع بحوريات الجنة، وكان لفرق الانكشارية الدور الأكبر فى الفتوحات العثمانية، وكلمة انكشارية تعنى «الجيش الجديد»، وهذا ما يحتاجه أردوغان فى الوقت الراهن، فالمقاتلون من جماعة الإخوان يتميزون بالطاعة العمياء والتطلع إلى الشهادة، ولعبوا الدور الأكبر فى غزو مدينة عفرين السورية وتشريد وقتل سكانها، وكانوا يتقدمون القوات التركية لتجنيبها الخسائر، لهذا كان عدد قتلى مسلحى الإخوان يفوق قتلى الجيش التركى بأكثر من عشرة أضعاف.
وما زال يستمر استغلال أردوغان للإخوان، فالمهام المطروحة عليهم كثيرة، فى مقدمتها التخلص من المسلحين الأكراد فى كل من سوريا والعراق وجبال جنوب شرق تركيا، التى يتخذ منها حزب العمال الكردستانى قاعدة لعملياته، لكن أردوغان يستغل «الخطر الكردي» لإخفاء أطماعه فى احتلال أجزاء من سوريا والعراق.
كل هذه العوامل تدفع الإخوان إلى الاطاحة بأردوغان قبل أن يطيح بهم، وهذا بلا شك سيضعف شوكة الرئيس التركى بالداخل والخارج، فهم عصاه التى يرهب بها معارضيه، وقناعه الذى يرتديه لإظهار نفسه أمام الغرب بأنه حامى الحمى وراعى حقوق الإنسان الذى يفتح بلاده للمشردين والمضطهدين، وهم عباءته  الإسلامية التى يرتديها لجذب مشاعر المسلمين من بلدان العالم الإسلامى.
لسموم الأفاعى منافع، وكل هذه المنافع ستكون من نصيب نجل أربكان، وبالتالى ستعود أجواء الصراعات القديمة التى كانت بين أربكان الأب وأردوغان طوال تسعينيات القرن الماضى، والتى انتهت بانشقاق أردوغان عن حزب الرفاه، وتأسيسه، مع الرئيس التركى السابق عبدالله جول، حزب العدالة والتنمية.
بالتالى سيكون أربكان الأقوى وسيفقد أردوغان السيطرة على معارضيه، وبالتالى ستبوء مجهوداته التخريبية بسوريا والعراق بالفشل، فلن يصمد الجيش التركى وحده دون مساعدة جماعة الإخوان على تلك الصراعات.