الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

د.أحمد عرفات رئيس قسم الفلسفة الإسلامية بجامعة الفيوم: الاستقطاب والتطرف أبرز تحديات التجديد

د.أحمد عرفات رئيس قسم الفلسفة الإسلامية بجامعة الفيوم: الاستقطاب والتطرف أبرز تحديات التجديد
د.أحمد عرفات رئيس قسم الفلسفة الإسلامية بجامعة الفيوم: الاستقطاب والتطرف أبرز تحديات التجديد




يواجه الخطاب الدينى المعاصر تحديات كبيرة داخليا وخارجيا، حيث المستجدات الحياتية التى تستلزم رأيا فكريا صحيحا حتى يكون هناك للناس بينة يستطيعون من خلالها مواجهة الأمور الدنيوية والدينية كما أن هناك تحديات خارجية تستهدف تقليص الخطاب الدينى وتنميطه فى قوالب محددة لا يتخطاها، ومن ضمن الضغوط الخارجية المطالبة بإعادة النظر فى مناهج التعليم فى العالم الإسلامى، المطالبة بضرورة التخلص من الآيات والأحاديث التى تحض على الجهاد ومقاومة المحتل والتركيز على جانب السلم.
ولذلك فقد لزم الحديث مع أحد أهم كتاب الفكر الإسلامى فى مصر وهو الدكتور أحمد عرفات القاضى أستاذ ورئيس قسم الفلسفة الإسلامية وصاحب مجموعة كتب فى الفكر الإسلامى بكلية دار العلوم جامعة الفيوم ليبرز تحديات الخطاب الدينى خارجيا وداخليا وكان الحوار كالتالى:

■ فى البداية .. حدثنا عن أهم التحديات التى تواجه الخطاب الدينى؟
ـ هناك تحديات داخلية منها الاستقطاب الطائفى والمذهبى بين السنة والشيعة، والتخلف الحضارى عند المسلمين، إضافة إلى الغلو والتطرف والفهم المنقوص للإسلام.
 ■ ما أهم خطوات القضاء على الاستقطاب الطائفى؟
ـ قضية الاستقطاب الطائفى والمذهبى بين الشيعة والسنة من المشكلات الحقيقية وأحد أهم التحديات التى تواجه الخطاب الدينى فى العصر الحديث بالرغم من إقامة عشرات المؤتمرات التى تحاول الحد من هذه القضية الشائكة، وبالرغم من نشأة لجنة خاصة للتقريب بين المذهبين منذ ما يزيد على نصف قرن، إضافة إلى موقف الأزهر الشريف من الفقه الجعفرى واعتباره أحد المذاهب الإسلامية المعتمدة، إلا أن التقدم فى هذا المجال نحو خطوات أكبر جرأة وتقدما نحو حل جذرى لهذه الإشكالية تظل دون البيانات المعلنة والشعارات المرفوعة.
■ إلى أى مدى وصل الصراع بين القوى السياسة للتأثير على الخطاب الدينى؟
ـ الشقاق والصراع بين القوى السياسية أدى إلى تفجر الخلاف السياسى وهو ما حدث خلال الاحتلال الأمريكى للعراق عام2003 ، عندما تم تفجير الصراع الطائفى المذهبى والعرقى بين شعب العراق، اتباعا لسياسة «فرق تسود»، التى توارت على أثرها كل شعارات الوحدة والتقريب وتلاشت وعلا صوت المذهبية والطائفية، وغذتها توجهات سياسية وأطماع تاريخية فى التمدد المذهبى والطائفى، وتشكلت فرق وعصابات لتصفية الخصوم، بالإضافة إلى استدعاء التهم التاريخية فى لحظات الفرقة والخلاف مثل اتهام الشيعة بالرافضة من قبل السنة،  فى حين تعالت تصريحات بعض زعماء الشيعة ليطلق سلاح التكفير فى مواجهة سلاح السنة.
■ هل هناك تحديات داخلية تعوق الخطاب الدينى؟
ـ بالفعل هناك مشكلة التخلف الحضارى أحد التحديات الداخلية التى تعوق الخطاب الدينى عن أداء دوره، خصوصا فى المجتمعات غير الإسلامية وهى أحد الإشكاليات التى تواجه الخطاب الدينى المعاصر، وأكبر دليل على مشكلة التخلف الحضارى لدى المسلمين.
كما أن مشكلة الغلو والتطرف من المشكلات المزمنة التى تواجه الخطاب الدينى، حيث تفاقمت فى معظم بلدان العالم العربى والإسلامى، نتيجة عوامل اجتماعية وسياسية وثقافية لا يمكن تجاهلها، لكن الغرب أعتبر أن ظاهرة الغلو فى التطرف نتاجا إسلاميا خالصا، وشاركت بعض التيارات العربية من العلمانيين والأيديولوجيين فى تضخيم الظاهرة بدافع العداء لكل ما هو إسلامى ما تسبب عن عمد فى تشويه صورة الإسلام والمسلمين، كما أن ظاهرة الغلو والتطرف لها جذور تاريخية عميقة فى المجتمع الإسلامى والتى ظهرت مع نهاية عصر الراشدين.
■ حدثنا عن أهم التحديات الخارجية؟
ـ التحديات الخارجية التى تواجه الخطاب الدينى بعيدا عن أسلوب الوعظ المباشر والنمطية السائدة فى العالم العربى والإسلامى، فالغرب يحتاج إلى عقول عاشت وفهمت الثقافة الغربية لكى تفهم كيفية مخاطبة المثقف الغربى بلغته بعيد عن أسلوب الوعظ المباشر، خاصة وأن الغرب يحتاج للغة العقل والبرهان.
■  وما المطلوب من الخطاب الدينى المعاصر؟
ـ لابد وأن يركز الخطاب الدينى المعاصر على لغة التواصل والحوار، ومحاولة فتح منافذ فى الجدار الصلد لوسائل الأعلام وكذلك دوائر صنع القرار فى الغرب الذى تتغلغل فيه روية نمطية مشوهة عن الإسلام منذ تاريخ بعيد والتى تعود إلى القرن الثامن الميلادى، منذ أن أعلنت الكنائس المسيحية أن الإسلام «هرطقة انشقاقية»، ثم بدأ العداء اللاهوتى فى الغرب ضد الإسلامى بحلول عام 778 م عندما بدأ مفهوم الكنيسة باعتبارها جيشا يعسكر على أرضه المسيحيين، والذين تجاهلوا موقف المسلمين الحضارى مع الأقليات من أهل الكتاب من المسيحيين واليهود الذين عاشوا كجزء من نسيج المجتمع الإسلامى، ويتمتعون بكافة حقوقهم، وهو ما أكد عليه « تشيلدر» حينما قال إن فزع  الغرب من الإسلام فى غير محله، كما أن قضية تجديد الخطاب الدينى لها مكان مركزي، فى الفكر الإسلامى وليس من قبيل المبالغة، وأن تجديد الفكر بمعنى العودة لمنابعه الصافية، ممثلة فى أصول الشريعة والكتاب والسنة بعيدا، عن الاختلافات، والتحيز والأهواء، وهى قضية محورية منذ ظهور الإسلام الذى كان ظهوره فى الأصل عملية تجديد ضد الفساد، المألوف فى حياة الناس الذين ألفوا الظلم والاستبداد وتحكم طبقة محددة فى حياتهم السياسة والاجتماعية والاقتصادية، وهو ما أشار إليه القرآن الكريم.
 ■ ما دور المؤسسات الدينية فى تطوير الخطاب الدينى؟
ـ هناك دور مهم للمؤسسات الدينية كالأزهر الشريف ومجمع الفقه الإسلامى فى مكة المكرمة، ومنظمة الفكر الإسلامى لمناقشة وتغيير الأفكار المتطرفة لدى بعض الشباب المغرر بهم، أمثال شكرى أحمد مصطفى، وأيمن الظواهرى، ومحمد عبد السلام فرج، وأسامة بن لادن ليسوا من خريجى الأزهر. 
■  وكيف يتم مواجهة الفكر المتطرف بالفيوم؟
ـ المواجه الأمنية وحدها لا تكفى فلا بد من عمل مراجعات لهؤلاء الذين انزلقوا للتطرف والإرهاب بحيث يتم وضع تشمل جميع الجهات على رأسها المحافظة والمؤسسات الدينية والتعليمية ومديرية الشباب فى توعية هؤلاء والجلوس معهم وإلا تتركهم عرضة للتيارات الهدامة ووسائل أعلام معادية تبث السموم فى عقول هؤلاء، بالإضافة إلى توفير فرص عمل لهؤلاء الشباب من خلال جهاز المشروعات الصغيرة، كل ذلك سيقضى على عناصر التطرف كافة.