الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

أيام قرطاج ينتصر للإنسانية بمسرح السجون

أيام قرطاج ينتصر للإنسانية بمسرح السجون
أيام قرطاج ينتصر للإنسانية بمسرح السجون




«السجن يقترح نصوص ومقاربات تنتج عن وجع حقيقى وعن معايشة حياتية ينقل مصداقية كبيرة بألم كبير هذا بالنسبة للمتقلى لا يمكن أن يتجاوز الصدق والتوهج والحرارة فى حكى السجين عن نفسه وعن معاناته».. بهذه الكلمات بدأ الدكتور حاتم دربال مدير أيام قرطاج المسرحية فى شرح تجربة مسرح السجون التى أطلقها المهرجان العام الماضى؛ وبعد نجاحها انفتح مهرجان قرطاج بشكل أكبر فى استقبال عدد أضخم من عروض مسرح السجن ليس هذا فحسب بل حرص على تنظيم تسابق لهذا النوع من العروض بجانب المسابقة الرسمية ومن عروض السجن المشاركة هذه الدورة «الدبو» من سجن برج الرومى، «داموس 34» سجن الهوارب، «ذئب الشمال» مركز إصلاح الأطفال الجانحين، «الرجة» سجن قفصة، «البراشة» سجن قفصة، وعن هذه التجربة الإنسانية الثرية قال دربال فى تصريحات خاصة.

بدأنا السنة الماضية بخروج مجموعة من المودعين بسجنهم من المؤسسة السجنية للمشاركة فى تقديم عروض فى قاعة مفتوحة للعموم كانت المسألة مؤثرة جدا منذ اشتغالهم على النص والتمثيل، لأن هذه الأعمال نقلت معانتهم وطموحاتهم فبالنسبة لهم المسرح آلية كبيرة للتعبير عن الذات ولم تكن المسألة بصفة مباشرة لنقل القضايا بل بالعكس المعالجة الفنية كانت طريفة جدا كانت تجربة ناجحة ومؤثرة، ثم اصبحت عدوى أصابت المؤسسات السجنية مثل نادى سجن برج الروم ببنزرت وانطلقت عدوى العروض لتمس 13 سجنًا آخرين؛ أصبح هناك تنافس ورغبة كبيرة فى تعبيرهم عن قضاياهم ونظرتهم للذات والمجتمع والآخر؛ وقع القبول على خمسة عروض مسرحية أصبحت مسلك للبرمجة سيتم تقديم 5 سجون فى قاعات المسارح وجغرافيتها من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب مجرد ذكر هذه السجون يحدث رهبة كبيرة لدى العديد من العارفين بتاريخهم الأسود خاصة فى الإعتقالات السياسية، وهذا التنافس والرغبة فى تقديم العروض مسألة نسوقها بكل فخر واعتزاز ونأمل أن تكون السنة القادمة أغلب السجون مشاركة فى عروضها.
ويضيف.. حدثت حالة من التطوع للعمل فى هذه العروض فكل مخرج قريب من كل سجن يعمل فى فترة من 6 إلى 8 أشهر ويخرج بمقترح وهو من يقوم بالكتابة وإخراج العرض وأيضًا يقترح موضوعات للتناول، هذه الآلية أصبحت مهمة جدا من ضمن المسائل الأخرى لأيام قرطاج التشغيلية فيما بعد؛ حيث وقع الإتفاق مع مراكز الفنون الدرامية وهى مسارح جهوية تستقبل الخبرات والمواهب فمثلا من سجن المهدية كل من له مهارات اسثتنائية فى الديكور أو غيره من حقه بعد انتهاء مدة سجنه الانتداب فى المركز وهذه الآلية للاندماج الاجتماعى أيضا فى علاقة بمسألة السجن المسرح قادر على إنشاء مشروع للتعايش رغم اختلافاتنا فالمجتمع لم يتخل عن السجين، عندما يقدم عرض مسرحى أمام عائلته الذى اعتاد رؤيتهم من خلف القضبان بجانب حضور أبنائه للعرض وقدرته على رؤيتهم واحتضانهم عن قرب فى حضور فنانين وصحفيين وشخصيات مهمة فكرة جميلة جدا ومؤثرة للغاية، هناك جهد أقوم به كشخص فى علاقة بالموسيقى بالتعاون مع الإدارة العامة للسجون والإصلاح فى سجون الرجال وسجون النساء قمنا بتأسيس فرقة موسيقية من السجناء والتمارين تصير بالإختلاط فيما بينهم، حتى أن هناك سجينًا من الجنوب التونسى طلب من القاضى يؤخر موعد خروجه لحين فترة انقضاء العرض ففى العنابر والبيوت السجنية اصبح لديهم بيت خاص لمجموعة المسرح والنصوص والتمارين.
ويواصل.. بدأنا السنة الماضية فى تنفيذ مشروع توطين المسرح فى فضاءات او بيئة ليست بالضرورة مسرحية منها المسشتفيات ذوى الإحتياجات، التصلب العضلى بالعرائس وفنون العرائس كيف يتجاوب مع الدمية المتحركة لكن ايضا داخل مراكز الأطفال ودور الأيتام وايضا المصانع العمال بدأنا العام الماضى فى الكاف وقع العمل مع مجموعة من العمال داخل منجم وهذا العام فى جهة قفصة ووصلنا لحلول مع اصحاب المصانع يأخذون ساعة او نصف الساعة من وقت العامل وقت الغذاء على حساب صاحب المصنع تتخصص ساعة فى الأسبوع للمسرح  داخل المنشآت الصناعية نشتغل على ثقافة القرب، ليس من المهم ان يصبح هؤلاء ممثلين يوما ما لكن فى اعتقدنا أن من قال شعرا او من عزف انشودة أو مثل فى مسرحية وإكتشف عوالم الفن لا يمكن أن يكون عرضة للأفكار السلبية لأن المسرح له قدرة استثنائية وثقافة فى كل ما يهم تفاصيل حياة الناس فالعمل على تثقيف المجتمع قد يخرج الأفراد من الهيسيريا الجماعية خاصة الأفكار السلبية.
وعن التسابق قال..سيكون هناك تسابق هذا العام  حتى نعلى من روح التنافس والتحفيز على المشاركة هناك لجنة تحكيم من مسرحيين يعملون فى إدراة الإصلاح بالسجون تكوينهم مسرحى درسوا بالمعهد العالى للفنون وتم انتدابهم للعمل بإدراة الإصلاح لجنة متكونة من ثلاث اشخاص نساء ورجال ليست مسابقة بالمقاييس المسرحية المعتادة لكن هو نوع من الدفع للقاطرة الأساسية للمجتمعات فى هذه التحولات الكبيرة هى الثقافة والمسرح.
ويضيف..كل السجناء لديهم بعض الهدايا مثل ملابس ليست مسائل مادية هى مسائل بسيطة لها قيمة السنة الماضية تحركت بعض المؤسسات تكفلت بإعطاء هبات صغرى لعائلتهم لعمل مشروع صغير داخل السجن يكون عنصر فعال ويتكفلون بمصاريف الدراسة لأبنائهم يتكفلون إلى مرحلة التخرج من الجامعة تزرع إمكانية مهما كان الخطأ هو قابل للإصلاح والسنوات التى قضاها ليست خسارة ممكن يفيد مجتمعه وعائلته بصفة أخرى، لأننا نسعى أن تكون داخل المؤسسات السجنية نوادى مسرح وموسيقى وهناك جهد كبير جدا بتجهيز السجون بمكتبات بجهد مواطنين عاديين وليس جهد مؤسسات رسمية لأن السجن مثل المجتمع فيه كل الأنماط هناك فنانون تشكيليون شعراء وخليط عجيب وغريب، فبهذا المشروع نسعى أن نجعل مدة العقوبة استغلال لصالح المجتمع فمن اقترف خطأ يحتويه المجتمع ويعامله بمنطق التسامح وليس الإقصاء.