الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«حقوق الإنسان» لعبة أردوغان لتمكين العدالة والتنمية من المحليات

«حقوق الإنسان» لعبة أردوغان لتمكين العدالة والتنمية من المحليات
«حقوق الإنسان» لعبة أردوغان لتمكين العدالة والتنمية من المحليات




قبل أشهر قليلة من إجراء الانتخابات المحلية فى تركيا، يصعّد الرئيس التركى رجب طيب أردوغان من حدة العزف على أوتار عاطفة الأتراك عبر إطلاقه حملة انتخابية سابقة لأوانها قوامها مغازلة العواطف والإيهام بأن أنقرة فى عهد حزب العدالة والتنمية ستكون حامية للسلام ولحقوق الإنسان داخليا وإقليميا، رغم أن ذلك معاكس تماما لما أثبتته كل السياسات التى انتهجها أردوغان بفرض قبضته الحديدية والقمعية داخليا عبر مواصلة توظيف محاولة الانقلاب الفاشلة والزج بالآلاف فى السجون أو من خلال السياسات الخارجية القائمة أساسا على التدمير وزعزعة استقرار العديد من البلدان.
ويواصل الرئيس التركى المضى قدما فى سياساته الانتقامية والقمعية ضدّ الآلاف من الموظفين الأتراك بقطاعات مختلفة فى إطار عملية تطهير ضد كل من يشتبه فى علاقته برجل الدين المقيم فى الولايات المتحدة فتح الله كولن الذى تتهمه أنقرة بالتخطيط لمحاولة انقلاب الفاشلة فى عام 2016. ومع اقتراب الاستعدادات للانتخابات البلدية (مارس 2019)، كثّف الرئيس التركى من هذه السياسة كما صعّد من نبرة خطابه «العاطفى» بشأن دور تركيا فى الذود عن حقوق الإنسان والمسلمين مقابل سياسات الغرب المدمرة والمذكية للصراعات، فى تعارض كبير بين خطابه ووقائع موثّقة فى الداخل والخارج، سواء بخصوص حملات التعذيب والاعتقال ووضع البلاد الاقتصادى الهش، أو على مستوى السياسة الخارجية حيث تواجه تركيا عزلة إقليمية، وتوترا مع الأوروبيين والأمريكيين.
وبينما كان أردوغان يستذكر فى يوم حقوق الإنسان المضطهدين فى العالم، كان رجال أمنه ومخابراته يواصلون حملة الاعتقالات وتطهير كل المؤسسات، حيث أمر ممثلى الإدعاء الجمعة بالقبض على 267 شخصا، معظمهم جنود فى الجيش وموظفون فى قطاع صناعات الدفاع، ليصل العدد منذ محاولة الانقلاب الفاشلة إلى سجن أكثر من 77 ألفا إلى حين محاكمتهم ولا تزال عمليات الاعتقال متواصلة فى حين تمّ إيقاف أو إقالة 150 ألفا من موظفى الحكومة والعاملين فى الجيش.
تأتى هذه الخطوات القمعية القديمة الجديدة، تزامنا مع تسريع الرجل فى الأسابيع الأخيرة من وتيرة الحملة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية استعدادا للمحطة الانتخابية البلدية التى تحظى بأهمية كبيرة لدى أردوغان، ذلك أنّ نسبة التصويت لحزب العدالة والتنمية الحاكم انخفضت من قرابة 49 بالمئة إلى 42.56 بالمئة، فى الانتخابات الأخيرة، ما يعنى خسارته لعدد كبير من أصوات ناخبيه.
ويمكن أن تلعب الانتخابات المحلية القادمة دورا كبيرا فى التهيئة لتوحيد الصفوف من قبل المعارضة، وإمكانية الاتفاق على مرشح واحد يواجه أردوغان، أكثر العارفين بأهمية هذه الانتخابات وهو الذى بدأ يمهد لصعوده منذ أن كان رئيسا لبلدية إسطنبول.
ويعتبر المراقبون أن أردوغان الذى يريد جلب أنظار العالم إليه من جديد استعمل كل الحيل الخطابية لضمان الفوز فى المحطة الانتخابية المقبلة ولدرء كل ما يتّهم به وحكمه من قمع داخلى وتدخل سافر فى شئون العديد من الدول.
وكعادته حاول أردوغان المحافظة على نفس تقنيات الخطاب القائمة أساسا على شحذ همم المسلمين فى مسعى مألوف للظهور فى شكل القائد الأوحد للعالم الإسلامى عبر الخوض فى العديد من الملفات ومن أهمها تكرار الحديث عن وضع المسلمين فى العالم وفى فلسطين وخاصة غزة.
وفى حركة لا تنمّ إلا على تناقضات مواقف الرئيس التركى، أطل أردوغان بكل ثقة ليوظف هذه المرة الجدل الذى أحدثته احتجاجات السترات الصفراء متهما منظمات حقوق الإنسان بالتقاعس وعدم انتقاد السلطات الفرنسية رغم أن آلته القمعية مازالت تصر على توظيف محاولة الانقلاب الفاشلة لتصفية الخصوم فى كل القطاعات بتركيا.
واتهم الرئيس التركى المدافعين عن حقوق الإنسان بالتقاعس عن انتقاد ما يتعرض له المشاركون فى تظاهرات «السترات الصفراء» فى فرنسا، فى حين أنهم سارعوا فى المقابل إلى انتقاد أنقرة بسبب قمع تظاهرات فى أسطنبول.
ويأتى هذا الموقف لأردوغان غداة انتقادات وجهتها إليه وزيرة الصحة الفرنسية أنياس بوزين التى اتهمته بـ«التدخل» بعدما أعرب عن أسفه إزاء «تمادى» قوات الأمن الفرنسية فى استخدام العنف لاحتواء تظاهرات «السترات الصفراء».
ويرى مراقبون أنه ليس من حق أردوغان الذى أعلن فى عام 2013 أن رجال الشرطة الذين قمعوا احتجاجات «حديقة جيزى» هم أبطال أن ينتقد السلطات الفرنسية أو منظمات حقوق الإنسان فى إطار تصفية حسابات مردها أن تواصل انتقاد نظامه وسياساته القمعية كان عائقا كبيرا لتسهيل انضمام تركيا للاتحاد الأوروبى.