الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«GENOMA BA».. اللعب بالأكروبات على أعتاب «بيت برناردا ألبا»

«GENOMA BA».. اللعب بالأكروبات على أعتاب «بيت برناردا ألبا»
«GENOMA BA».. اللعب بالأكروبات على أعتاب «بيت برناردا ألبا»




من بين الأعمال المسرحية الملفتة التى خطفت أنظار الجمهور ضمن فعاليات أيام قرطاج المسرحية العرض الأسبانى «جينوما با» وهو عن مسرحية «بيت برناردا ألبا للكاتب الأسبانى لوركا والذى تناول فيها حياة مأساوية لبنات توفى ابوهم وترك خمس بنات فرضت عليهن والدتهن حياة سجن حداد ثمانى سنوات على منزلهم حتى أنه من غير المسموح فتح النافذة حزنا على وفاة الأب ومن غير المسموح خروج الفتيات عن أعراف وتقاليد المجتمع نساء محرومات من حريتهن، معزولات ومنعزلات خلف قضبان نوافذهن، مثل السجينات تماما،  ولا يتمتعن بأى حق من حقوقهن لا النسوية ولا المدنية تحكمهن امرأة أخرى والدتهن القاسية، الصارمة التى تهيمن على البيت، ومن فيه بقبضة من حديد، محولة حياة بناتها إلى جحيم يومي، ليس هناك مكان للمرح والضحك والفرح، وكل شيء يجب أن يحكم إغلاقه، الابواب، الشبابيك. «جينوما با» عمل مسرحى غير تقليدى اعتمد على التكشيل الحركى الراقص وبعض الأشياء التى لعب بها الراقصون ابطال العمل للتعبير عن معنى ومعزى هذه القصة الدرامية الشهيرة، مزج العمل بين الرقص والموسيقى والغناء والحركة سواء بالإيماءات الراقصة أو ببعض حركات الأكروبات وفنون السيرك من اللعب على الحبل والرقص داخل اطواق الحديد، بدأ العرض بارتداء هؤلاء البنات ملابس حداد سوداء ونعش يلاحقهن ثم تحت هذه الفستايتن السوداء قيدت كل فتاة بإطار حديدى غلف رداءها من الداخل فكل منهن بطنت نصف ردائها الأسفل بأسوار حديدية فهى صعبة المنال ومحبوسة بأمر من والدتها يعزفن ويمرحن وفور خروجها الآلى عليهن يمتنعن عن ممارسة الضحك واللعب، بينما تتمرد الفتاة الصغرى على هذا السور الحديدى وفى مشاهد حركية شديدة الروعة والعذوبة والإيحاء والإتقان التقطوا جميعا فى مشهد سيركى راقص مجموعة من البيض الهش الرقيق حافظن على الاتزان فى الحركة والالتقاط حتى وصل إلى أيدى أختهن الصغرى وتحطم على رحمها فى إشارة لفقدانها لعذريتها ثم فى مشهد بليغ تصعد هذه الفتاة على الحبل الذى شنقت به نفسها للانتحار بليونة وإتقان وتسقط فى النعش المجهز لها منذ بداية العرض. جمع العمل بين الدقة والبساطة والبلاغة فى الإيحاء والتعبير عن فكرة «بيت برنادا ألبا» بشكل مبتكر للغاية صور الأم فى هيكل عظمى حديدى على هيئة امرأة تتحرك حركة آلية بالريموت كنترول فى إشارة بديعة لشدة صرامة هذه المرأة وجمودها أصبحت مجردة من بشريتها فلم تكن هناك امرأة حقيقية ترتدى هذا الهيكل بل هو مجرد هيكل فارغ من الحياة والإنسانية فهى سيدة قتلت بشريتها؛ ذابت فى العمل كل حدود اللغة وبقيت بصمة الإشارة والإيماءة وتكنيك الأداء المسرحى الراقص والتناقض بين المرح والحزن الرقص والموسيقى والغناء ثم الموت والحداد، تناول جديد ومختلف خارج كل قوالب المتعارف عليها ابهر به الفريق الأسبانى جمهور المهرجان.