الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه بجامعة الأزهر: «السلفيين» منبع الفتاوى الداعشية
ناهد سعد
تجديد الخطاب الدينى، مصطلح يختلف فهمه حتى بين العلماء، وبعضهم يرى أن هناك عوامل أخرى تعوق عملية التجديد، ومن بين العلماء الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الازهر.
الدكتور كريمة اعتبر علماء الأزهر الشريف الجهة الوحيدة التى تستطيع العمل على تجديد الخطاب الدينى، على شرط مساندة جميع مؤسسات المجتمع لها مثل الثقافة والتعليم والاقتصاد.
وأوضح فى حواره لـ«روزاليوسف» أن «الخطاب الإسلامى» مختلف عن المسلمين فهم لا يمثلونه، كما أن السلفيين ليسوا من الإسلام.
وانتقد أستاذ الفقه الدعاة الجدد وعلى رأسهم إسلام البحيرى ووصف محاولاته بالتجرؤ والشطط فى تحريف التراث الإسلامي.
وأشار إلى أن بناء الكنائس ليس حرامًا كما يجوز تهنئة الأقباط فى أعيادهم وفقًا لوصية النبى.
وإلى نص الحوار:
■ ماذا يعنى تجديد الخطاب الدينى؟
ــ المصطلح الصحيح هو تجديد الخطاب الإسلامى، ومعناه تجديد فهم العلماء للقرآن والسنة الصحيحة، وعلينا أن نفرق جيدًا بين الخطاب الإسلامى وخطاب المسلمين والخطاب الدينى، فالخطاب الإسلامى هو كل ما يوجد بالكتاب والسنة، وهى ثوابت ومسلمات يستحيل إجراء أى تعديل عليها، أى أنها ثابتة مهما تغير الزمن، أما خطاب المسلمين فهو كل ما يفهم من النصوص والقواعد الشرعية ومجموع هذا وذاك يسمى بالخطاب الدينى، ولا شك أن خطاب الإسلام مختلف تمامًا عن المسلمين الذين لا يمثلون إسلامهم تمثيلًا صحيحًا، وعليه فإن تجديد الخطاب الدينى يتطلب متخصصين، لكن لا يجب أن يحتكر إصلاح الخطاب الدينى، طائفة ولا جماعة ولا مؤسسة.
■ على من تقع مسئولية التجديد؟
ــ تجديد الخطاب الدينى مسئولية الدولة ومؤسساتها، والأزهر الشريف معنى بالكثير فى تلك القضية، ولكن يجب أن لا نحمله وحده المسئولية الكاملة، بل لا بد وأن يكون هناك تعاون بين كل المؤسسات من إعلام وأوقاف وثقافة وشباب ورياضة، وغيرها من المؤسسات التى يقع على عاتقها أيضًا جزء كبير فى هذه القضية التى لا يجب أن تطرح على الجمهور عبر منابر الإعلام، وإنما مكانها قاعات البحث، بين الفقهاء والعلماء المتخصصين، ويجب تحرير الخطاب الدعوى إذا كنا نبحث بالفعل حقًا عن تجديد الخطاب الدينى والإسلامى، والتجديد دعوة نبوية محمدية، إذ قال صلى الله عليه وسلم «إن الله يبعث على رأس كل مائة عام من يجدد للأمة دينها»، ويجب عمل استنفار مجتمعى جاد، بأن تمنح الجهات المعنية بالخطاب الدينى الحرية الكاملة، كما ينبغى تحرير الخطاب الدعوى من أى مؤثرات، ويجب تفعيل المادة السابعة من الدستور، والتى تنص على «أن الأزهر الشريف وحده هو المسئول عن الشئون الإسلامية»، بينما الواقع غير ذلك، وهناك كيانات موازية ومحاذية للأزهر، فما يبنيه الأزهر تهدمه التيارات المتطرفة.
■ كيف ترى تواجد السلفيين فى عملية الخطاب الديني؟
ـــ السلفيون يرفضون التجديد لأنه سيؤدى لهدم مبادئهم، لا سيما وأن السلفيين هم أصل الفتاوى الداعشية بكتب أصدروها أشهرها «مد الأيادى لبيعة البغدادى» و» رفع الملام عن دولة وجند الإسلام» و» موجبات الانضمام للدولة الإسلامية بالعراق والشام» لمؤلفيه من أشياخ سلفية المنصورة، وكل فتاوى الدواعش قال بها ابن القيم، وابن تيمية، وأؤكد أنه لا يوجد شيء اسمه سلفية فى الإسلام، لأنه فى الأصل لا توجد مذهبية فى الإسلام، فقد قال تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِى شَيْءٍ» و»أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ»، وأيضا «واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا».
■ ما تعليقك على مساهمات الدعاة الجدد؟
ــ من يلقبون بالدعاء الجدد، هم دعاه بلا رؤية ولا بصيرة ولا معرفة متعمقة وهناك كثير منهم ضد شروح صحيح البخارى، ومنهم إسلام البحيرى الذى شط وتجرأ وافترى على مصادر التشريع الإسلامى، وانتهج منهج الاجتزاء والانتقاد فمال إلى منهج عشوائى يتلخص فى فحش اللفظ وعدم أمانة النقل، وطرح هذه الأمور منهم جميعا على العوام فى الإعلام، خطأ وخطيئة.
■ هل حققت قوائم الأزهر والأوقاف المطلوب فى ضبط الخطاب الديني؟
ــ قوائم الأزهر والأوقاف لم تحقق جدواها، لأن القنوات الفضائية ما زالت تستضيف العديد من الشخصيات المثيرة للجدل لتطل علينا بالفتاوى الشاذة والغريبة التى تسئ إلى صورة الإسلام، وبالتالى تنحنى بالخطاب الدينى منحى سلبى، ونأمل أن تقوم اللجنة الدينية التى شكلتها الهيئة الوطنية للأعلام بتنفيذ معايير ضبط البرامج الدينية، وان يوضع فى الاعتبار بعض المعايير، أهمها تخصص الدراسات الفقهية عند إبداء الآراء العلمية، أما الفتاوى الفقهية فتحال لدار الإفتاء المصرية، وأن يقتصر دور متخصص الفقه على عرض وتقديم رؤى فقهية فى غير الأمور الدقيقة التى يجب أن تكون فى قاعات البحث، مع ضرورة حظر طرح وعرض مسائل الشأن العام، وتقتصر على اختصاص هيئة كبار العلماء بمشيخة الأزهر الشريف، كما يجب حظر الخوض فى أمور من شأنها تكدير السلم العام، والآراء الشاذة والمرجوحة والضعيفة، ومنع الأشخاص ذوى الآراء التى تثير الفتن المجتمعية، وتعود سلبًا على سمعة الدين ومكانته.
■ نحن على أعتاب احتفالات الاقباط بميلاد المسيح، بم ترد على محرمى تهنئتهم؟
ــ مثل تلك الأمور هى التى تفسد حقيقة الخطاب الدينى الصحيح، والسبب وراء ذلك الخطاب السلفى الذى يخالف ما قاله نبينا الكريم حين وصانا بالأقباط وأنهم من أهل الكتاب وأهل الذمة، لذلك فإن 85% من كنائس وأديرة مصر والمنطقة العربية بنيت بعد دخول الإسلام، حيث إن عدد الكنائس الموجودة قبل الفتح الإسلامى كانت 5 فقط.