الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

اللى بنى مصر كان فى الأصل «فنى»

اللى بنى مصر كان فى الأصل «فنى»
اللى بنى مصر كان فى الأصل «فنى»




التعليم الفنى أكثر ما يحتاجه السوق المصرى فى زخم الخريجين، الذين يزاحمون من أجل فرصة عمل فى سبيل حصولهم على وجاهة مجتمعية بعد إنهائهم الدراسة الجامعية بتخصصات ندر عليها الطلب من قبل أصحاب الأعمال. خريجو التعليم الفنى لا يواجهون تلك الأزمات لأن ما يدرسونه، يوافق احتياجات السوق، ويلبى ما تطلبه المصانع والشركات الكبرى لإنجاح المشروعات الكبرى والصغيرة، والتى بدورها تسهم فى دعم اقتصاد الدولة.

هل تعلم أن فى مصر مدارس فنية متخصصة ونوعية للتعليم الفنى والحرفى فى مجالات متعددة وتضمن وظيفة مباشرة لخريجيها ولا يعلم عنها أحد إلا القليل؟!.. هل تعلم أن فى مصر مدارس فنية تقدم سنويا مئات الخريجين المدربين فى تخصص مهنى معين وقليلا ما يتم الاستفادة منهم فى سوق العمل.. وهل تعلم أن فى مصر مدارس فنية معتمدة دوليا وتقدم خريجين متخصصين فى حرف مهنية مثل معهد السالزيان أو دون بوسكو الإيطالى وقليلا ما يقبل عليها أولياء الأمور والطلاب الحاصلون على الشهادة الإعدادية؟!.
نعم تلك هى كنوز التعليم الفنى المنسية، أو التى يتجاهلها الكثير لأسباب عديدة، ولكن تبقى هذه المدارس الفنية قائمة بتعليمها وتخضع لإشراف مزدوج من وزارة التربية والتعليم والجهة العملية التى تشرف على الجانب الفنى كالمدارس المتخصصة فى النقل والسكة والحديد، أو مدارس المياه والصرف الصحى ومدارس الآثار والتمريض وأخيرا مدرسة الضبعة النووية التى أنشئت فى مدينة الضبعة لتخريج فنيين يعملون فى محطة الضبعة النووية.
لكن ما يميز هذه المدارس عن غيرها من مدارس التعليم الفنى أنها توفر تدريبا وتأهيلا حقيقيا للملتحقين بها فى قطاعات عمل مختلفة على عكس المدارس الفنية التى خرجت عن مسارها، وأكثر ميزة تحققها هذه المدارس هى تقديم خريجين متخصصين فى مهنة معينة تضمن لهم وظيفة مباشرة فى الجهة التى تشرف عليها تلك المدارس، ما يجعلها أكثر تميزا حتى من مدارس الثانوية العامة.

 

ليبقى السؤال الذى يفرض نفسه، لماذا لا تشهد تلك المدارس إقبالا مناسبا يعكس أهميتها؟ وهل المشكلة فى التسويق الجيد لتلك المدارس أم فى النظرة المجتمعية لدى البعض من التعليم الفنى.. وتوضيحا لأهمية هذا النموذج من التعليم نتوقف مع أبرز وأهم المدارس الفنية المتخصصة وطبيعة الدراسة بها وحجم الإقبال عليها..

1- مدرسة الضبعة النووية  


تعد مدرسة الضبعة الأولى من نوعها فى مصر والوطن العربي، متخصصة فى التكنولوجيا النووية فى مصر والشرق الأوسط، واستقبلت المدرسة أول دفعة للعام الدراسى 2017، 2018 بواقع 75 طالبا، فى حين بدأت الدراسة الفعلية بمقر المدرسة بالعلمين العام الدراسى الحالى 2018، 2019 ليصل إجمالى الدارسين بها 150 طالبا.
شاركت 3 وزارات فى وضع المناهج من خلال لجنة مكونة من خبراء الطاقة النووية من كلية الهندسة، وخبراء من وزارة الطاقة، وخبراء تربويين من وزارة التربية والتعليم، بعد الاطلاع على مناهج الدول المتقدمة التى لها تجارب فى هذا النوع من التعليم.
وتستمر مدة الدراسة 5 سنوات، تحت إشراف وزارة التربية والتعليم، ويدرب كوادر المدرسة أساتذة متخصصون فى المجال النووى بهيئة المحطات النووية، وكلية الهندسة، قسم الفيزياء النووية، بجانب اهتمام وزارة الإنتاج الحربى بها من حيث توريد أفضل أجهزة التدريب والمعدات لورش المدرسة.
ويلتحق خريجو تلك المدرس للعمل فى محطة الضبعة النووية عند الانتهاء من المرحلة الأولى من إنشائها، حيث من المقرر أن يبدأ العمل فى المرحلة الأولى منها عام 2016 وفقا لما أعلنته شركة روس أتوم الروسية المنفذة للمشروع.

2- مدرسة المياه والصرف الصحى


وهى مدارس ثانوية فنية متخصصة فى مجال مياه الشرب والصرف الصحى، وتعد الأولى من نوعها فى الشرق الأوسط وإفريقيا، وافتتحت المدرسة الأولى منها بمحافظة المنوفية عام 2012، ويتواجد لها فروع حاليا فى محافظات القليوبية، والبحيرة، وبنى سويف، والمنوفية.
تصل مدة الدراسة بها ثلاث سنوات، حيث تضم العديد من التخصصات مثل تشغيل وصيانة محطات مياه الشرب والصرف الصحي، وأيضا تشغيل شبكات مياه الشرب والصرف الصحي، ومعالجة وضبط جودة مياه الشرب والصرف الصحي.
ويلتحق بهذه المدارس الحاصلون على الشهادة الإعدادية، كما يلتحق بها طلاب من محافظتى شمال وجنوب سيناء، ويخضع الملتحقون بها لاختبارات قبول قبل الموافقة على التحاقهم بتلك المدارس.
ويحدد عدد المقبولين فى كل دفعة بالمدرسة شركة مياه الشرب والصرف الصحى وفقا للفرص المتاحة للتعيين بها،حيث يصل الحد الأقصى 150 طالبا فى الدفعة الواحدة، وبالفعل تخرج فيها على مدار السنوات الماضية طلاب التحقوا جميعاً فور التخرج بالعمل فى شركة مياه الشرب والصرف الصحى.

3- مدرسة السكة الحديد والطرق  


المدرسة الصناعية للنقل هى واحدة من أبرز مدارس التعليم الفنى المتخصص، وهى تتبع إداريا لهيئة السكة الحديد، حيث تجرى الدراسة للملتحقين بها بمعهد وردان التابع للهيئة بالقرية الذكية.
وعادت الدراسة لهذه المدرسة مرة أخرى فى عام 2016 بعد أن تم إغلاقها 13 عاما، حيث كانت آخر دفعة تخرجت من هذه المدرسة فى العام الدراسى 2003/2004، لتتوقف الدراسة وإغلاق المدرسة قبل مشروع تطوير معهد وردان، إلى أن قررت هيئة السكة الحديد استئناف الدراسة بها فى أغسطس 2016 وبدء الدراسة فى العام الدراسى 2017.
ويعود تاريخ إنشاء تلكل المدرسة إلى اتفاق بين وزارتى النقل والتعليم على إنشاء مدرسة النقل بمعهد وردان لتبدأ الدراسة فى العام الدراسى سنة 1972/1973.
وتقبل المدرسة المتفوقين بالشهادة الإعدادية والحاصلين على أعلى الدرجات، حيث قبلت المدرسة مائة طالب للدراسة بها خلال العام الدراسى الجاري.

4- مدرسة ترميم الآثار


مدرسة مدينة نصر الثانوية لترميم الآثار، هى إحدى المدارس المتخصصة فى تدريس وترميم الآثار، وتخضع لإشراف وزارة التربية والتعليم، وتستمر الدراسة بها لمدة ثلاث سنوات، حيث تضم الدراسة بها قسمان الأول الترميم المعمارى، والترميم الدقيق، وتقبل فى كل قسم 30 طالبا ليصل إجمالى من يلتحق بها حوالى 180 طالبا.
المدرسة تقبل الملتحقين بها من مختلف المحافظات حيث توفر إقامة للمغتربين من الطلاب، وتقبل المتفوقين دراسيا، فيما يتم تعيين الخريجين منها فى الهيئات الأثرية المختلفة، بينما يستكمل البعض الآخر دراسته فى كليات الآثار بالجامعات.

5- مدرسة صيد وتربية الأسماك بأسوان


المدرسة الثانوية الفنية لصيد وتربية الأسماك بأسوان، وهى إحدى المدارس الفنية المتخصصة فى صيد وتربية الأسماك، ويدرس فيها حوالى 60 طالبا فى ثلاثة فصول، حيث تقبل المتفوقين من الشهادة الإعدادية.
وخلال فترة الدراسة يتم تدريب الطلاب على أعمال الصيد وتربية الأسماك بالقرب من بحيرة ناصر، وتدعمها عدد من الجهات بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم بداية من جمعية رجال الأعمال وجمعية أعمال الصيد والهيئة العامة للتنمية.

6- مدارس التعليم الفنى الألمانى

بدأ تطبيق نظام التعليم المزدوج فى عام 1994 كنموذج محاكاة للتعليم الفنى بألمانيا وأطلق عليها مدارس «مبارك كول»، واستحدثت الدولة هذا النوع من التعليم الفنى كمحاولة لتطوير التعليم الفنى فى مصر.
وتقوم فكرة الدراسة بهذه المدارس بالشراكة مع القطاع الخاص، حيث تقوم وزارة التربية والتعليم بتدريس المواد الفنية، على أن يقوم القطاع الخاص بتدريب الطلاب مهنيا داخل مواقع الإنتاج والخدمات، وعليه يتلقى الطالب الدراسة النظرية فى المدرسة يومان أسبوعيا، التدريبات المهنية 4 أيام أسبوعيا فى المكان التدريبى الذى تعاقد معه.
ولعل أحدث المدارس الفنية التى تم إنشاؤها فى النوع من التعليم أكاديمية السويدى التى افتتحها وزير التربية والتعليم هذا العام كمدرسة فنية متخصصة مدة الدراسة بها 3 سنوات، وتعد هى الأولى فى الشرق الأوسط من حيث المنهج الدراسى المأخوذ من ألمانيا، حيث يدرس فيها الطالب الكهرباء بشكل جديد ليتم تخريج فنى قادر على صناعة الكابلات والمحولات.

7- معهد السالزيان «دون بوسكو« (الإيطالى)


وهى مدرسة ثانوية فنية إيطالية، صاحبة تاريخ عريق فى مصر، حيث تقدم بتدريب وتعليم الملتحقين بها فى مسار تعليمى فنى أو صناعى مدته خمس أو ثلاث سنوات يعادل نفس معايير التدريب والتأهيل لدى المعاهد العليا الإيطالية ذات جودة عالية فى التدريب التقنى وذلك من خلال توفير و إعطاء شهادة مؤهل معترف بها من وزارة التربية والتعليم الإيطالية و جماعة الاتحاد الأوروبى والحكومة المصرية.
الدراسة بهذه المدارس تتم بثلاث لغات العربية والإيطالية والإنجليزية، ويتيح المعهد للدارسين فرص التدريب فى شركات دولية ووطنية مختلفة، ورغم ذلك يشكو بعض الدارسين به من صعوبة التحاقهم بكلية الهندسة إلا بعد معادلة شهادته فى مصر، رغم أن هذه الشهادة معترف بها فى إيطاليا تمكنه من الالتحاق بكلية الهندسة هناك.

أزمة التعليم الجامعى بالمدارس الفنية


ورغم أن هناك إقبالا على الدراسة بمثل هذه المدارس، إلا أن د. محمد مجاهد نائب وزير التعليم للتعليم الفنى أشار إلى أن كثيرا من هذه المدارس لم تثبت نجاح تجربتها حتى الآن.
وقال نلاحظ أن هناك إقبالا على الالتحاق بهذه المدارس، كما أن الشروط المحددة للالتحاق بها كثيرة لعل أهمها الحصول على أعلى الدرجات فى الشهادة الإعدادية وما لا يقل عن 95% باعتبار أن الخريج منها ضامن فرصة عمل بعد تخرجه.
لكنه أشار فى نفس الوقت إلى أن موقف هذه المدارس يحتاج لتقييم تجربتها لأن هناك مدارس حققت نجاحا بتجربتها مثل مدرسة مياه الشرب والصرف الصحى لأن من يتخرج فيها يلتحق للعمل فى شركة مياه الشرب وبالتالى تتحقق الاستفادة، لكن فى نفس الوقت هناك مدارس لا تحقق مثل هذه الاستفادة.
فى نفس الوقت اعتبرت الخبيرة التربوية الدكتورة بثينة عبد الرؤوف أن من تحديات هذا النوع من التعليم أن الكثير ممن يلتحق بها من أبناء العاملين فى الهيئات أو الجهات العملية التى تشرف عليها، وبالتالى هناك الكثير من الطلاب وأولياء الأمور لا يعرفون شيئا عن هذا النوع من التعليم.
وقالت: إنه رغم أن هذه المدارس تعد من التجارب الناجحة التى تربط التعليم بسوق العمل وتقدم لسوق العمل طالبا حرفيا مهنيا متعلما، لكن تحيطها مشكلتان الأولى عدم الاهتمام بها، والثانى وهو من أهم عيوبها حيث لا تعطى للحاصلين على شهادات منها فرصة التعليم الجامعى فى نفس التخصص، حيث لا توجد كليات بنفس تخصص هذه المدارس تتيح للحاصلين عليها فرصة التعليم العالى والجامعى وبالتالى تتوقف شهادة من يلتحق بها عند التعليم المتوسط.
وقالت :إنه يمكن للحاصلين عليها الالتحاق بالجامعة ولكن ليس فى نفس التخصص، وجزء من جودة هذا النوع من التعليم هو إتاحة الدراسة فى الجامعة بنفس التخصص، عليه يجب إعادة النظر فيها كمنظومة متكاملة تمكن من يلتحق بها استكمال الدراسة الجامعيةب بتخصصه الفني.