السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

رسائل «ملائكة الجنة» فى السينما والتليفزيون

رسائل  «ملائكة الجنة» فى السينما والتليفزيون
رسائل «ملائكة الجنة» فى السينما والتليفزيون




محاولات عديدة منذ سنوات أن يتم دمج ذوى القدرات الخاصة بالفن سواء بالسينما أو الدراما أو المسرح، فهم أثبتوا بالتجارب القليلة بأنهم يتمتعون بمواهب وحس فنى عال بمختلف المجالات. وبعد مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى حول الاهتمام بهم والاندماج معهم لأنهم عناصر مهمة بالمجتمع، برزت العديد من المواهب المختلفة التى لمعت ومنها المذيعة رحمة والتى تمت الاستعانة بها فى إحدى القنوات الفضائية لتقديم برنامج صباحى والتى أبهرت بموهبتها الضيوف والمشاهدين.


ورغم وجود عدد قليل من الأعمال التى تناولت قصص ذوى القدرات الخاصة ومعاناتهم بالمجتمع أو قصصًا عن حياتهم إلا أن هذه الأعمال، رغم نجاحها، لم تتم الاستعانة بذوى قدرات حقيقيين رغم أنهم باستطاعتهم أن يقدموا هذه أدوار بأنفسهم. ويبقى السؤال لماذا لا يتم دمجهم بالفن مثلما نفعل بالواقع؟
هناك عدد من الأعمال القليلة التى ظهر من خلالها ذوى القدرات الخاصة بالتمثيل فيلم «وحياة قلبى وأفراحه» والذى كان يركز على أحد  المراكز الخاصة بذوى القدرات الخاصة والذين يتمتعون بمواهب عديدة مثل الرسم والغناء، وعلى الرغم من الاستعانة بالفنان أمير شاهين لأداء دور البطل الرئيسى إلا أن المخرجة نادية حمزة حرصت وقتها على تقديم عدة أولاد بجانبه من المركز الحقيقى والذى يتعامل مع مواهب هؤلاء الأولاد وتم توظيفهم جيدًا داخل الفيلم لأداء البيئة الطبيعية حول البطل.
وكذلك الأمر بالنسبة لفيلم «ندى» القصير والمبنى على قصة حقيقية لفتاة صماء ترقص على إيقاعات الموسيقى والتى تحس ذبذباتها، واستعان المخرج عادل محمد يحيى ببطلين رئيسيين لقصة الحب التى يتناولها الفيلم بين عازف كفيف، والذى قام بدوره الفنان أمير صلاح الدين والراقصة الصماء والتى قامت بدورها الفنانة الشابة مى الغيطي.. وعن تقديمه لتلك الفكرة قال عادل إنه تحمس لها بعدما رأى راقصة الإيقاع الحقيقية التى قدمت عرضًا بالإسكندرية مع عازف كفيف ففكر أنه يمكن ان يقدم التحدى فى التفاهم واختلاق قصة حب بينهما خاصة مع صعوبة التواصل بينهما، فهو لا يستطيع أن يرى إشاراتها وهى لا تستطيع أن تسمع صوته.
وأضاف عادل قائلًا إنه قام بالاستعانة بشخصيات حقيقية من ذوى القدرات الخاصة من الذين يعانون من الصمم وخاصة فى أدوار الفتيات أصدقاء البطلة والذين كانوا يتحدثون معها باستمرار بلغة الإشارة، مؤكدًا أنهن من قمن بتعليم وتدريب مى على لغة الإشارة بالأساس وأنهن يتمتعن بمواهب عالية.
أما من أبرز الأفلام التى استعانت بذوى القدرات الخاصة فهو فيلم «الصرخة» للراحل نور الشريف والذى قدم من خلاله دور رجل من الصم والبكم حيث استعان بأبطال مساعدين من المركز الخاص بالصم والبكم ولغة الإشارة التى تم تصوير العمل من خلاله.
أما السينما العالمية فكانت الأكثر استخدامًا لذوى القدرات الخاصة بأفلامها ومنها فيلم «A Quiet Place» والذى قامت بالمشاركة ببطولته فتاة صماء، فهو فيلم رعب تدور أحداثه حول أسرة تتعامل بلغة الإشارة خوفًا من اصطياد مخلوقات غريبة لها تأتى عن طريق الأصوات، وقد تمكنت الممثلة  Millicent Simmonds أن تقدم دور واحدة ضمن تلك الأسرة خاصة وأنها لم تجد صعوبة فى التعبير بالإشارات، وعبرت عن سعادتها بالمشاركة بالعمل والذى اعتبرته انتصارا لذوى القدرات الخاصة.. وهناك افلام عديدة ايضا ومنها فيلم «اليوم الثامن» الحاصل على جوائز عديدة بمهرجان كان وتدور اداثه حول مشاعر ولد ذو اعاقة عقلية من الملجأ حتى بيته وكيفية تعامل رجل سليم معه واندماجه مع نقاء روحه ومشاعره. وايضا فيلم «The Silent Child» وهو عن قصة قصيرة لحياة فتاة صغيرة صماء وقدمت دور البطولة الصغيرة Maisie Sly وهى فتاة ذات ال6 أعوام وتعانى من الصم.
كما أن هناك عدة مسلسلات تليفزيونية تمت الاستعانة بذوى القدرات ضمن أبطالها ومنها السلسلة الشهيرة  Game of Thrones والتى قدمت الممثل الاشهر بين الأقزام Peter Dinklage، وهو يعد من اشهر من شاركوا باعمال عالمية حتى الآن لأنه قدم ما يزيد على 70 عملًا منذ عام 1991 وحتى الآن، وأيضا مسلسلات تناولت مشاركات من مختلف اصحاب القدرات الخاصة  باختلاف انواعها ومنها «Breaking Bad» و«Stranger Things» و«Speechless».
وعن امكانية تبنى المواهب التمثيلية والغنائية ودمجهم بالمجتمع قال د. أشرف زكى رئيس اكاديمية الفنون بانه تم بالفعل قبول طالبتين من الصم والبكم بالدفعة الحالية للاكاديمية مؤكدا انها ليست المرة الاولى حيث تم قبول طلاب بمعهد الموسيقى وقدموا حفلات ابهرت الجميع. مؤكدا انه سيتم تزليل العقبات والقوانين الخاصة بالمتقدمين للاكاديمية لعدم تطبيق شروط الطلاب المتقدمين عليهم حتى يتم اتاحة الفرصة لهم ومراعاة ما يعانون منه.
وأضاف زكى قائلا انه من حقهم ن يثبتوا مواهبهم وأن الفن وخاصة التمثيل يصل للجمهرو بالاحساس ثم بحواس الفنان الذى يقدمه وهم يستطيعون أن يقدموا أعمالًا تمثيلية مبهرة حتى وإن كانوا يعانون من فقد حاسة ما، خاصة وأنهم بارعون فى التعبير الجسدى وظهر هذا بوضوح فى عدد من العروض المسرحية التى قدمت بلغة الاشارة.
وعن اتاحة الفرصة الحقيقية لهم للوقوف أمام الكاميرا قال الناقد محمود قاسم أن السينما المصرية لها المبادرة ى ادخال ذوى القدرات الخاصة فى الفن ومنهم الفنان صفا محمد صفا والذى كان يقدم أدوارًا قليلة فى أفلام الأربعينيات من القرن الماضي. مضيفا ان السينما العالمية حالا الأكثر تعاملًا معهم خاصة وانهم يقدمون أعمالا تحمل رسائل انسانية كبيرة لمجرد ظهورهم بها كممثلين.
أما الناقد كمال رمزى فرأى أن اسباب ابتعاد ذوى القدرات عن الفن حتى الآن هو تهميشهم فى الواقع والمجتمع لفترات طويلة. وان كانت الكثير من الأعمال القليلة التى قدمت قضاياهم تناولتها بشكل محترف وانسانى جدا. وأضاف قائلا:» هؤلاء الاولاد يتمتعون بصفات انسانية ومواهب كبيرة قد يصعب على الشخص العادى الوصول لها خاصة مع الجوانب الانسانية الحساسة التى يتمتعون بها، وهناك عدد من الأعمال الأجنبية الكبيرة التى اهتمت بهم مثل الفيلم الفرنسى اليوم الثامن، والذى تمتع بطله بحب الناس وتشجيعهم له وتوصيله لأحاسيس القصة وتأثر به المشاهدون بالفعل.. حتى أنه حصل على جائزة بمهرجان كان، ولكنى أرى انه يجب ان يتم تقديمهم بشكل لائق أى لا تتم المتاجرة بهم أو ادخال قضاياهم بشكل مقحم».
ولا يمكن انكار أن السيدة سهير عبدالقادر صاحبة المبادرة الأولى فى اكتشاف ودعم مواهب ذوى القدرات الخاصة من خلال مؤسسة «اولادنا» التى انشأتها وبدأت بالعمل عليها منذ ما يزيد على 4 أعوام، حيث قالت عبد القادر إنها تعمل على هذا المشروع منذ أن كانت متولية رئاسة مهرجان سينما الأطفال الدولي، حيث قامت باستضافة أفلام وعروض خاصة لذوى القدرات لإيمانها بضرورة دمجهم وعدم تهميشهم غير المبرر لانهم يتمتعون بذكاء ومواهب عديدة قد يصعب على الطفل الطبيعى أو العادى أن يحصل عليها.
وأضافت قائلة: «منذ 4 سنوات بدأت الامر بشكل فعلى ما بين المبادرات والاسواق والمؤتمرات والعروض.. نحن كبرنا لدرجة اننا وصلنا الى 31 دولة بالمهرجانات الخاصة التى تقام بهم ونستضيف فرق من ذوى القدرات الخاصة من مختلف دول العالم وغيرها من الفعاليات. ونحن حاليا نعمل على اتمام الدورة الجديدة من الملتقى الدولى لذوى القدرات والذى سيقام يوم 5 فبراير المقبل».
وعن المواهب التى قدمتها باولادنا قالت سهير انها فى العام الاول للملتقى كانت لا تستطيع ان تقدم الفرق المصرية لعدم تدريبها مقارنة بنظيرتها الاجنبية اما الان فنحن متميزون ومتقدمون فى الفرق التى تظهر على المسرح وتمثل اسم مصر.. مؤكدة ان دمج المواهب الفنية لهم مع السينما سيحدث تدريجيا فالفن يحتاج لمواهبهم وانهم سيقدمون أعمالا ناجحة، مضيفة انه ليس بالضرورة الاستعانة بهم فى عمل عنهم أو عن افكارهم وإنما يجب تقديمهم فى سياق درامى مع أحداث الواقع كأفراد بالمجتمع الواحد.
كما قالت سهير انها ترفض فكرة المتاجرة باسم ذوى القدرات واستغلالهم فى اعمال من اجل الدعاية أو من أجل الترويج والمتاجرة باسمهم وقضيتهم، مؤكدة ان هناك اعمال تناسبهم جميعا وآخرها فيلم قصير قدمته اسرة احد موهبو مؤسسة اولادنا وهو مصطفى نوفل «صاصا» وسيتم عرضه بالملتقى القادم، مؤكدة انهم قدموا العمل عن معاناة مصطفى اليومية مع المجتمع كأسرة مصرية طبيعية لديها ابن من ذوى القدرات. مؤكدة أن دمجهم بالأعمال سيأتى بالتدريج وطالبت الوزارات والهيئات بدعهم وخاصة النجوم والذين يسعدون بهم كثيرًا.