الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الحب فى ثلاثة أحرف.. أمى




عالم البنات مليء بالأسرار ولا يعرف تفاصيله سواهن لذا قررنا منح هذه المساحة للبنات ليعبرن   فيها عن أنفسهن والحديث عن المشكلات والهموم والقضايا التى تشغل بالهن ويرفض المجتمع  فى  كثير  من  الأحيان  الاستماع  إليها. ويمكن التواصل والمشاركة فى هذا الباب عبر البريد  الإلكترونى:

 [email protected]
كلمة لن يفهم معناها إلا من حُرم منها.. من يشتاق لضمة صدر لها رائحة تنسى التعب والحزن.
إنها الحب الملخص فى ثلاثة أحرف.. إنها العشق الأبدى بلا خوف من أن ينساك العاشق، فلن تنساك حتى إن نسيتها أو انشغلت عنها، فحياتها هى حياتك، إنها تعيش لتفكر وتحلم وتخطط كيف يمكن لك أن تحيا حياة أفضل منها وأن تنعم بتلك الحياة حتى وإن كانت هى خارجها، إن اقتربت منها فى أى وقت تطلب حنانها، فستجده على الفور حتى وإن كانت نائمة متعبة.. إنها الحب كما تريد وقتما تريد أينما تريد.
أمى
يظنون أننى نسيتك، يظنون أنك رحلت عنى، يظنون أنك لا تخطرين لى على بال.. يظنون ويظنون، ولكنك تعرفين أن أنّاتى بداخلى لا يسمعونها، ولا يشعرون بها، لأنهم ببساطة ليسوا «أمى».
أمى
بيتنا تغيرت ملامحه منذ أن تركتيه لم يعد يحمل أنفاسك ولمساتك، أحاول كثيرًا أن أطهو بنفس مقاديرك وطريقة إعدادك للطعام.. ولكن لا أحصل على نفس المذاق الذى حفظته عروقى وفطم عليه قلبي. أحاول أن أضع الوسائد والزهور والمفارش كما تفعلين ولكن لا أحصل على نفس الذوق والإحساس.
أمى
عند مرضى كنت أحلم بك كل يوم، أحلم إن كنت فى عالمنا... ماذا كنت ستفعلين؟ أحلم بك تفعلين كذا وكذا. كنت أشعر فى أوقات أنك لو تعلمين أنى مريضة ستأتين لتضمينى وتساعدينى على الشفاء.
أمى
ألن تعودى ليوم بل لأيام أو سنوات لأحكى لك ما قد كان وسيكون.
لا لن أتكلم سأترك نفسى فى أحضانك لساعات أستمع لأنفاسك وأشمها لأشعر أن فى الدنيا أمان.
أمى
هلا قرأنا سويًا القرآن ... نتعلم كيف هو التجويد ومخارج الكلام كما كنا فى يوم من الأيام.
علمتنى معنى الحنان، كيف أعيش وأنا متألمة وأشع حبًا لمن حولي، كانت تسقينى إياه دون وعى منى أو منها. كانت تقسو أحيانًا كثيرة، وكنت لا أعلم سبب تلك القسوة الحانية، فسرعان ما تأتى تهدهدنى بعيون قلقة لتطمئن عليًّ بعد أن شددت عليَّ أحكام التربية.
كان كل شىء مسلم به فى حياتى.. حنانها، حبها، قسوتها، لهفتها، حديثها معى، كل شىء ملكى لا يستطيع أن يسلبه أحد مني، وكنت أقول دومًا: انظروا هذه أمى نبراس الحب والحنان.
كنت أسعد إنسان عندما علمت أن ما وصلت إليه بعد تعب - ليس منى - بل منها كان حلمها منذ أن كانت طفلة ثم تجدد عندما شعرت بى جنينًا فى بطنها.
ولكن قبل أن يكتمل الحلم وقبل أن تكتمل فرحتها، انهار جبل الاحتمال سقط أمام عيني، وسقطت معه كل دروع الأمان، غابت عن الوعى وفقدت حتى ابتسامتها، فسلبت القلوب حنانها، وانطفأ بريق السعادة، وتمرر طعم الكلام، فلم يطيقه اللسان، فتوقفت الآمال والأحلام. لم يكن النبراس قد انطفأ بعد، ولكن لم يبق منه سوى نظرة حائرة.
تشبثت عينها بعينى حتى وإن كان المتحدث غيري. أتسألنى ما بها، فكيف وبماذا أجيبها؟!
تقول لى بعينيها: ضمينى أشعرينى بالحنان ليس لى غيرك فى هذه الدنيا القاسية.
أحبتنى صغيرة كى أحنو عليها كبيرة ضمتنى رضيعة فضممتها عجوزا لا حول ولا قوة لها.
قالت صحبتك السلامة فى صباح يوم ثم رحلت أمى عن الدنيا، استراحت من عذاب المرض وتركتنى لعذاب الفراق، اخفى دموعى عن الناس فيظنون أنى نسيتك، اضحك وتحت صوت ضحكى نارٌ تُحرِّقنى.. اشتاق لحديثنا أمي، اشتاق لابتسامتك الحنونة بعد يوم عمل شاق، اشتاق لأحلامك معي، اشتاق لحضنك الحانى عندما تشتد بى المحن، اشتاق لعقلك الراجح عندما أريد نصيحة غالية، اشتاق لرؤيتك أمى، اشتاق لرؤيتك أمي، اشتاق لقسوتك الحانية، اشتاق لنظرات العتاب واللوم والحب والأمومة، اشتاق لسمرنا معا طوال ليل أو نهار. كلما أتذكر حلمًا معًا حلمناه، أعلم أننى لا أريد أن أحققه وحدى دونك أمى، أردت أن أكون قوية لكننى لا أقوى على القوة بعدك، أردت أن أعيش حياتى، لكننى لا أرغب فيها وقد تركتيها، أردت أن تكونى معى فرحلت، فلا أحلام بعدك ولا أحباب بعدك