الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بيع أدوية التأمين الصحى فى الصيدليات حرام





 
يسأل قارئ قائلا: «نرجو إفادتنا عن بعض الأمور المتعلقة بمهنة الصيدلة من حيث الحل والحرمة وبيان الحكم الشرعى وهى:
 قيام بعض الصيادلة بشراء وبيع أدوية التأمين الصحى من خلال صيدلياتهم العامة لغير المستحقين من جمهور المرضى، مع العلم أنه لا يجوز صرفها إلا من هيئة التأمين الصحى وليس من الصيدليات العامة، مما يضيع الكثير من الأموال من الميزانية العامة للدولة.
ويجيب د. على جمعة مفتى الجمهورية:
العلاج هو من الاحتياجات الأساسية التى تدعمها الدولة، وتلتزم بتوفيره للمواطنين حتى لو ارتفعت أسعار التكلفة أو الأدوية، وتتحمل الدولة أعباء ذلك من أجل القضاء على المرض، وأن تستفيد منه شرائح المجتمع كافة، خاصة الفقراء منهم؛ باعتباره حاجةً أساسية وضرورية، ولتضع بذلك حدًّا للتلاعب باحتياجات الناس الأساسية، وهى أيضًا طريقة من طرق سد حاجة محدودى الدخل ورفع مستواهم المادى بإيصال المال إليهم بصورة غير مباشرة، وهى صورة الدعم، وهذا كله من الواجبات الشرعية على الدول والمجتمعات تجاه مواطنيها، خاصةً محدودى الدخل منهم.
وقيام بعض الصيادلة بشراء وبيع أدوية التأمين الصحى من خلال صيدلياتهم العامة لغير المستحقين من جمهور المرضى يُعد شرعًا ضربًا من ضروب الاعتداء على المال العام، وفى ذلك ظلمٌ بيّن وعدوان على حقوق الناس وأكلٌ لها بالباطل، وفى ذلك يقول الله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تَأكُلُوا أَموالكم بينَكم بالباطِلِ﴾ [النساء: 29]، ويقول النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «إنّ دِماءكم وأَموالَكم وأَعراضَكم عليكم حَرامٌ كحُرمةِ يَومِكم هذا فى بَلَدِكم هذا فى شَهرِكم هذا» رواه الشيخان عن أبى بَكرةَ رضى الله تعالى عنه. وبيع الدواء المدعوم لمن لا يستحقه حرامٌ شرعا؛ من حيث كونه استيلاء على مال الغير بغير حق، ويزيد فى كِبَرِ هذا الذنب كونُ المال المعتدى عليه مالاً للفقراء والمحاويج مِن المرضى الذين يحتاجون إلى مَن يرحمهم ويأسوا جراحهم ويخفف أمراضهم، لا إلى مَن يضرهم وينتقص من حقهم فى العلاج والدواء ويعتدى عليه بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
 وقيام العاملين بوزارة الصحة أو مَن استُؤمن على إيصال هذا الدواء إلى أماكنه المخصصة له ببيعه لمن لا يستحقه ولمن لم يُؤذَن لهم فى بيعه لهم يُعَدُّ أيضًا خيانةً للأمانة التى ائتمنهم الله تعالى عليها ورسولُه صلى الله عليه وآله وسلم، وائتمنهم عليها المجتمع الذى عاشوا فى ظلاله، وأكلوا من خَيْرِه، ثم سَعَوْا فى ضَيْرِه؛ فهم بذلك داخلون فى قول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ﴾ [الأنفال: 58]، والله تعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال: 27]، كما أن فى فعلهم هذا تبديدًا للمال العام؛ لأنهم مستأمنون على هذا الدواء المدعوم حتى يحصل عليه المواطنون من غير عناء، فتفريطهم فى الأمانة ببيعهم هذا الدواء للجشعين ليبيعوه للناس بأغلى من سعره، أو ليستعملوه فى غير ما خُصِّص له هو مشاركة لهم فى الظلم والبغى والاستيلاء على حقوق الناس، وناهيك بذلك ذنبًا وجرمًا، فهم مرتكبون بذلك لهذه الكبائر من الذنوب التى لا طاقة للإنسان بأحدها فضلا عن أن تتراكم عليه أحمالها، كما أن فى فعلهم هذا مخالفة لوليّ الأمر الذى جعل الله تعالى طاعتَه فى غير المعصية مقارِنةً لطاعته تعالى وطاعة رسوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم؛ فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 59].