الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فى اليوبيل الذهبى لمعرض الكتاب ســـور الأزبكيـــة.. إلـــى أيـــن؟

فى اليوبيل الذهبى لمعرض الكتاب ســـور الأزبكيـــة.. إلـــى أيـــن؟
فى اليوبيل الذهبى لمعرض الكتاب ســـور الأزبكيـــة.. إلـــى أيـــن؟




شكل سور الأزبكية بكتبه المميزة العتيقة ورائحتها التى لا تخطئها أنف العاشقين محورا مهما وركنا أساسيا فى حياة أجيال متعاقبة تربت وترعرعت من خير كتب وثروات سور الأزبكية، وكان ملتقى سور الأزبكية السنوى بمعرض الكتاب من كل عام يعد متنفساً للهواة والمحترفين من القراء ولا أبالغ إن قلت عيداً يجتمع فيه لم شمل الأسرة متوسطة الحال والبسيطة بعيدا عن غلاء أسعار بعض دور النشر فيتقابل فيه القاصى والدانى باحثين عن درر مكنونة يعلم أسرارها بائعو السود كما يعرفون محبيهم وعاشقى الكتب القديمة.
ومع اقتراب موعد معرض الكتاب السنوى وتزامنا مع نقل مقره من أرض المعارض إلى التجمع الخامس واكب هذا التغيير تغييرا جذريا آخر أثارت جدلا واسعا من فئات عديدة وهو عدم مشاركة سور الأزبكية لأول مرة بتاريخ المعرض.. معا نرصد أآراء المثقفين والكتاب والناشرين.
يقول الناشر أمير الاكيابى مدير دار العالمية للنشر والتوزيع: عدم مشاركتهم تؤثر بشكل كبير على القارئ خاصة وأن أسعارهم رخيصة وهو ما يتيح للقراء شراء عدد أكبر من العناوين، وأعتقد أنه كان يجب الوصول معهم لاتفاق ليكونوا متواجدين بشكل يليق بهم وبتاريخ سور الأزبكية خاصة أننا فى اليوبيل الذهبى للمعرض الكتاب ومكان جديد كان يجب تواجدهم فيه بشكل أو بآخر.
وأعتقد أن اتحاد الناشرين المصريين اتفق مع الناشرين على عرض كتابهم المخزنة بأسعار رخيصة جدا لتعويض رواد المعرض عن غياب سور الأزبكية وهذا يحسب للناشرين المصريين وللاتحاد بقيادة رئيسه الأستاذ سعيد عبده.
أما الشاعر والمسرحى أحمد سراج فيرى أنه يجب الفصل بداية بين نقل المعرض والإجراءات الإصلاحية، يقولون إن نقل المعرض لتحقيق معايير عالمية؛ فالمعارض ليست أسواقا للبيع.. ويقول آخرون: إنها فرصة لمنع سرقات الكتب من خلال المزورين، وما يدحض هذا الربط هو: هل وجود المعرض فى مكانه يمنع هذه الإجراءات؟، أما بخصوص تحول المعرض فى مصر إلى سوق فهذه ميزة وليست عيبا، وسمة للمعارض العربية كلها.
هيئة الكتاب ترفع سعر المتر للضعف، واتحاد الناشرين يضع شروط عرض قاسية، ومن الطبيعى أن تصرخ مجموعة: لا نستطيع. ومن الطبيعى أن تكون هذه المجموعة هى بائعو سور الأزبكية.. يراهن المخططون على أن الناس ستقبل بالوضع بعد ترسيخه، رضوخا للفعل الذى سينتصر على المنطق كما جرى حين تم نقل المعرض لمدينة نصر، فالذى كان يجد تجمعا ثقافيا يطمئن فيه إلى الثقافة وبها.. لن يجد سوى مراتع التطرف والإرهاب.
ويؤكد الروائى رشيد غمرى أن عدم مشاركة سور الأزبكية فى معرض الكتاب هو خصم من قيمته، فباعة الكتب القديمة ليسوا فقط المصدر الرئيسى للكتاب الرخيص الذى يستطيع الشباب وبعض الأسر شراءه، ولكنه أيضا مصدر للكتب النادرة، ومنجم للاكتشافات، ومساحة للمغامرة يعرفها جيدا عشاق القراءة، والبحث عن الكتب. أيضا هو مصدر رئيسى للعديد من الطبعات الخاصة التى نبحث عنها، وأيضا المكان الذى يمكن العثور فيه على أعداد قديمة من مجلات ودوريات، بعضها توقف عن الصدور منذ عشرات السنين، وينظر لها أحيانا ككنوز. أعتقد أن هذا الغياب هو تآكل لقيمة المعرض، متوقع مع تآكل الكثير من مساحات معنية بالوعى والثقافة.
ويقول «غمرى»: أنا شخصيا حصلت على معظم كتبى الأولى من سور الأزبكية، وتعرفت على كبار المبدعين من خلاله، بل حتى العديد من الدوريات الثقافية التى تصدرها هيئة الكتاب، حصلت على أعدادها السابقة من باعة الكتب القديمة فى معرض الكتاب. كما أننى أعرف العديد من الأصدقاء العرب المثقفين الذين يحضرون فعاليات المعرض، وأجدهم يحرصون على زيارة سور الأزبكية، ويتحدثون بفخر عن الكنوز التى يحصلون عليها، ويقارنون ذلك بأماكن مشابهة فى بلادهم. أعتقد أن المعرض سينقصه الكثير بدون سوق الأزبكية، هذا فضلا عن نقله إلى مكان بعيد.
عدم مشاركة الأزبكية فى معرض الكتاب تعتبر واحدة من أهم حلقات القضاء على شكل المعرض القديم هكذا يرى الروائى والمترجم يوسف نبيل ويضيف أن نقل المعرض إلى منطقة نائية يزيد من تكلفة المواصلات على المواطن ثم مطالبة الأزبكية باشتراك تصل قيمته إلى أضعاف الاشتراك السابق... كلها خطوات لا تؤدى لشيء إلا لمزيد من رفع تكلفة الكتاب. قيمة المتر زادت على الناشرين العاديين إلى أكثر من ضعف قيمة العام السابق، والأمر كذلك مع الأزبكية مع تقليل المساحة، فما المفترض أن يحدث؟ بالطبع ستزيد كلفة الكتاب، وعند حد معين لا يعود بإمكان الأزبكية التى تستهدف أولا وأخيرًا المواطن محدود الدخل أن تستمر. أما كل دعاوى تزوير الكتب وما إلى ذلك فهى فى النهاية كلام فارغ، لأنه ببساطة هذه مسئولية الجهة المختصة التى يمكنها فى أى وقت طوال المعرض أن تفتش على البائع وتتخذ الإجراء القانوني، لكن ذلك ليس مبررًا لتضييق الخناق على باعة الكتب المستعملة. يجب أن يُفهم الأمر فى سياقه الصحيح، فالأمر لا يتعلق بتطوير المعرض لأن المكان القديم غير مناسب أو انتهاء الإيجار أو كل ذلك.
وتعتقد الكاتبة نسرين البخشونجى أن عدم مشاركة مكتبات سور الازبكية بمعرض الكتاب فى دورته الخمسين له وجهان أحدهما ايجابى والآخر سلبى. فتقول تكمن الايجابية فى القضاء على مشكلة الكتب المزورة والتى تسبب لدور النشر خسائر فادحة, كما اننى شاهدت بنفسى بعض التجار بسور الأزبكية يطلبون من بعض رواد المعرض شراء نسخ مخفضة من كتب الهيئة العامة للكتاب نظير مبلغ من المال. ولكن لا يمكن أن أنسى أن سور الأزبكية كان واجهة عدد كبير من رواد معرض الكتاب فى الدورات السابقة. خاصة الباحثين عن الكتب النادرة سواء أكاديمية أو أدبية.
من وجهة نظرى أن محاولة اتحاد الناشرين لتقنين تواجد مكتبات سور الأزبكية إلى 33 ناجحة وإن كنت اعتبر زيادة أسعار إيجار المكان بالمعرض فكرة غير عادلة تماما. أما بالنسبة لقرار تجار سور الأزبكية بإقامة معرض كتاب مواز  فى مقر مكتباتهم فربما يراها البعض محاولة لمنافسة معرض الكتاب فى دورته الخمسين وهو أمر غير منطقى حيث لا توجد منافسة أساسا ولكنى أظن أنهم يحاولون تقليل خسارتهم المادية لعدم مشاركتهم بدورة معرض القاهرة هذا العام.
وتؤكد الناشرة كرم يوسف مؤسسة مكتبة ودار نشر الكتب خان على أن سور الأزبكية يرتبط دائما فى وعينا بالكتب القديمة والمطبوعات القديمة وغيرها من مجلات وصور وبوسترات أفلام، كل ما هو متعلق بالقديم من الكتب والمطبوعات والصور والخرائط. وبالتالي، من لديه  القدرة على المشاركة بمثل هذه النوعية من الكتب والمطبوعات أعتقد أنه قد شارك فى المعرض. أما من لم يستطع المشاركة، تأكدى إنهم من يقومون بتزوير الكتب. والحقيقة هناك الكثير منهم يقومون بتزوير الكتب العربية والأجنبية وهذا شيء المفروض نقف ضده ونجرمه وتصدر القوانين والعقوبات لمنعه.
تصف الكاتبة رضوى الأسود ما حدث من عدم مشاركة لسور الأزبكية بمعرض الكتاب بالخسارة الفادحة فترى كما يرى الكثيرون أنه كان متنفسا للأسرة بكاملها وكان يحقق سنوياً أكبر مكاسب وأكبر عدد من زوار المعرض كانوا يأتون من كل حدب وصوب إلى سور الازبكية فى مكانه المعروف بالمعرض كل عام .وتضيف «كلنا متربيين على كتب سور الأزبكية» ولا أستطيع تخيل معرض الكتاب بدونه خاصة مع ارتفاع أسعار الكتب ومع التخوفات من ضعف الإقبال هذا العام من نقل المكان كان يجب الحرص على تواجد سور الأزبكية لضمان الإقبال على المكان الجديد لأنه عامل جذب هام لا يستهان به.
وعلى جانب آخر أعلنت الهيئة المصرية العامة للكتاب، خلال المؤتمر الصحفى الذى تم عقده الأسبوع الماضى بحضور الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة، عن مشاركة 6 تجار من سور الأزبكية، برغم إعلان التجار عن عدم مشاركتهم فى المعرض بسبب تسكينهم بين دور النشر المشاركة، وهو الأمر الذى سيظهر الوقت صحته وتبعاته من عدمها.