الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

فى مهرجان الهيئة العربية للمسرح.. زخم مسرحى وبث مباشر من مصر للشارقة

فى مهرجان الهيئة العربية للمسرح.. زخم مسرحى وبث مباشر من مصر للشارقة
فى مهرجان الهيئة العربية للمسرح.. زخم مسرحى وبث مباشر من مصر للشارقة




بث يومى مباشر من القاهرة إلى الشارقة لمتابعة فعاليات الدورة الحادية عشرة من مهرجان المسرح العربى بكل تفاصيلها من عروض وندوات على الهواء مباشر وفرصة للاجتماع والتلاقى وتبادل الثقافات والإطلاع على رؤى الآخرين، تحقق ذلك خلال ستة أيام فقط انطلقت فيها فعاليات المهرجان العربى بالقاهرة التى بدأت بالاحتفاء برواد ومبدعى المسرح المصرى سواء من خلال التكريم الذى شهده المهرجان بتكريم 25 شخصية من كبار المسرحيين أو من خلال تغطية مسرح دار الأوبرا بلفتات وصور الراحلين الذين صنعوا حركة مسرحية حقيقية فمن مصر بدأ التاريخ وبدأ الفن يغزو العالم العربى.
تنافس العالم العربى على جائزة الشيخ سلطان بن محمد القاسمى حاكم الشارقة حيث شاركت بالمسابقة الرسمية تسعة عروض مسرحية «الطوق والأسورة» مصر، «النافذة» الأردن، «شابكة» المغرب، «ذاكرة قصيرة» تونس، «الرحمة» الكويت، «نساء بلا ملامح» الأردن، «المجنون» الإمارات، «عبث» المغرب، اشتركت هذه العروض فى ميزة واحدة حرص صناعها على تقديم صورة مسرحية شديدة الجودة والإتقان بعناصر الديكور والإضاءة والملابس والمكياج فيعتبر هذا المهرجان مهرجان الصورة بامتياز حتى عروض المسار الثانى اهتمت أيضا بتقديم صورة مسرحية جاذبة ومميزة مثل «قمرة 14»، «تقاسيم على الحياة» و«سلالم يعقوب» تعد أيضا من بين الأعمال الهامة التى قدمت صورة مسرحية صنعت بحرفة فنية عالية حتى ولو خلا العرض من نص درامى له قوام وقالب مسرحى قوى مثل عرض «سلالم يعقوب» تفوق هذا العمل فى صنع لحظات إضاءة مميزة لكنها للأسف صنعت فى الفراغ فجاء العمل فارغا من محتواه الفنى وتسببت هذه الأزمة فى صنع حالة من عدم التواصل بينه وبين الجمهور، تأليف وإخراج الحاكم مسعود، على النقيض كان عرض «قمرة 14» من تونس الذى اهتم صناعه بتقديم نص وقوام مسرحى قوى وفكرة مبتكرة فى المقارنة بين الماضى والحاضر بالوضع الذى تثبت عنده الثورات فكل ثورة لها من يخونها أو بمعنى أدق كل ثائر خان فكرته التى ثار لأجلها استدعى المؤلف من التاريخ شخصيات ثائرة وأصحاب ثورات وأفكار لم تكتمل بالتاريخ التونسى مثل السيدة المنوبية ثم منصور الهوش كل هؤلاء ثائرون خانوا ثوراتهم وكأن الحاضر يعيد الماضى بصور أخرى متجسدة فى الشباب الذى قام بثورة لم تكتمل ولم تحقق ما أرادت العيب الوحيد بالعرض عدم وضوح مخارج الألفاظ من البطل والتحدث سريعا باللهجة التونسية المحلية مما تعذر على الحاضرين التواصل بشكل دائم ودقيق مع العمل برغم جودة فكرته الرئيسية، «قمرة 14» إخراج دليلة المفتاحى وتأليف بوكثير دومة.
لم تقتصر العروض بصفة عامة على اشتراكها فى صنع صورة جيدة أو فى تقديم لحظات إضاءة استثنائية بينما اشترك أيضا معظمها فى تناول قضايا إنسانية رفيعة وتحديدا ما يخص سؤال الوجود وفلسفة الحياة والموت ما بين الرغبة فى الموت وإنهاء الحياة كنوع من الخلاص أو طرح أسئلة وجودية عن قيمة وجودنا فى هذه الحياة وماذا بعد الموت، من ضمن هذه الأعمال والتى كان لها أثر بليغ وقدمت هذا التناول بطرح وشكل غير مألوف فى قالب مسرحى جيد الصنع كان العرض الكويتى «الرحمة» تأليف عبد الأمير الشمخى وإخراج فيصل العبيد تفوق هذا العمل على مستوى الصناعة الفنية بدءا من التمثيل إلى السينوغرافيا ثم الحبكة الدرامية المتماسكة والإيقاع الفنى المدروس والحركة المسرحية الدقيقة من الجميع تناول العرض قضية رجل يعانى العزلة والوحدة التى فرضها على نفسه ويبدأ فى محاكمة ذاته وتأنيب ضميره كنوع من الشعور بالذنب على ما اقترفه من هجر وغياب لزوجته التى ماتت تحمل طفلته يسترجع هذا الرجل المعذب نفسيا والذى لا يرى قيمة لوجوده بالحياة من خلال ظله والذى تمثل فى ثلاثة أشخاص مختلفين فهو رجل تبعه ظلال ذنبه، من بين النصوص الجيدة المتماسكة والملفتة دراميا عرض «الطوق والأسورة» دراماتورج سامح مهران وإخراج ناصر عبدالمنعم قدم العرض طرحا مكثفا مختزلا وغير مخل لفكرة الرواية الرئيسية بجانب اعتماده على تشكيل فنى مبتكر للرواية الأشهر والتى قدمت مرارا وتكرارا لكن قدمها صناع العمل فى شكل فنى حميمى قريب ومتلاحم مع المتلقى كى يثير خوفه على مستقبله بعد أن هدم حاضره بالصراع والجرى وراء الخرافات، ويعتبر العرضان من بين أكثر العروض منافسة على جائزة السلطان القاسمى نظرا لاكتمال الحالة المسرحية بهما عن الأعمال السابقة فمعظم العروض الأخرى اهتمت بالشكل على حساب المضمون فكان للصورة حضور لافت وواضح أكثر من الدراما.
«ليلك ضحى» الأكثر واقعية فى عرض القضية، فى حين أن العمل انتصر لثقافة الموت على الحياة إلا أنه من بين العروض شديدة العذوبة التى قدمت على هامش فعاليات المهرجان ففى العرض تناول واقعى لما يعانيه عالمنا العربى اليوم من ترسيخ لثقافة الموت وإعدام الحياة هكذا فعل المخرج والمؤلف غنام غنام عندما قرر بطلاه مدرسا الموسيقى ليلى وزوجها ضحى الانتحار والموت بعزة وكرامة قبل أن يعثر عليهما حاملو رايات الإرهاب الفكرى والدينى والتطرف جماعات إرهابية تصر على منعهما من الحياة وممارسة الموسيقى وتأمر بقتلهما لاتهامهما بنشر الفتنة والفسق بين الشباب والفتيات ليلى وضحى يمثلان الحياة بما حملاه من نور العلم والحب والموسيقى لكنهما لم يقدرا على مواجهة قوى الظلام فاختارا الموت بديلا للحياة، برغم قتامة وقسوة نهاية العرض إلا أنه جسد الواقع بصدق شديد..!
لم تتوقف فعاليات المهرجان عند عروض الهامش والتسابق بل كان لمصر مسار ثالث ضمن عروضه بمشاركة 10 عروض مسرحية من الثقافة الجماهيرية وأخرى من إنتاج البيت الفنى للمسرح ومسرح الهناجر عرضوا بالتوازى مع المسابقة الرسمية، كما احتوى المهرجان على ندوات يومية ومؤتمرات فكرية وأخرى لمناقشة الأعمال المشاركة ضمن فعالياته من المسارات الثلاثة، بجانب ورش فنية فى السينوغرافيا، الإضاءة، الجسد، وورشة فى أكاديمية الفنون.