الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

تنقية التراث.. البداية لتجديد الخطاب الدينى

تنقية التراث.. البداية لتجديد الخطاب الدينى
تنقية التراث.. البداية لتجديد الخطاب الدينى




 شدد الدكتور حسان موسى نائب رئيس مجلس الإفتاء السويدية والأمين العام للوقف السويدي للحوار والتواصل، على أهمية فتح باب الحوار والنقاش حول الكتب التراثية لبيان سلبيات التشدد والتكفير مطالبًا بعدم الانسياق وراء مطالب حظر بعض الكتب التراثية لكون آثارها سلبية.


«روزاليوسف» حاور «د. حسان» على خلال مشاركته فى مؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية التاسع والعشرين الذى عقد بالقاهرة تحت عنوان: «بناء الشخصية الوطنية وأثره فى تقدم الدول والحفاظ على هويتها»، للحديث عن الخطوات المصرية فى عملية التجديد، والاستعانة بالمرأة فى الدعوة، وكذلك خطورة ضعف الدعوة على مستقبل الفهم الدينى الصحيح للدين، وفيما يلى نص الحوار:
  ■ كيف ترى الاهتمام ببناء الشخصية الوطنية فى الوقت الحالى؟
- اعتقد أننا كأقليات مسلمة نثمن اجتماعنا الذى دعت إليه وزارة الأوقاف المصرية فى مؤتمرها الدولى الذى شاركنا فيه للتركيز على بناء الشخصية الوطنية وارتباطها بالهوية الدينية، وهذه مسألة بحاجة إلى تأصيل ومن ثم تثبيت وتوريث للأجيال جيلًا بعد جيل خدمة لديننا، ولأوطاننا ولشعوبنا، ولأمتنا.
وبناء الشخصية الوطنية هو تأكيد على أن حب الأوطان من مقاصد الشرع حيث انه بحب الأوطان يقام العمران والدين، وعندما نتحدث على هذا الأمر لابد أن نستقرئ سيرة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الذي أصل لمفهوم حب الوطن، حيث أحب مكة ولولا أن قومها أخرجوه منها ما خرج، كما قال صلى الله عليه وسلم، كما أن سير الصحابة عند هجرتهم الأولى للحبشة وللمدينة وما ذكر عنها من آثار تتحدث عن لوعة الاشتياق وذكريات الطفولة ومرابع الرعى والسقى واللعب والصيد دليلا على أن حب الأوطان أمر فطري وجبلة إنسانية لا تتعارض والشرع الحنيف.. تجلت هذه المشاعر الوجدانية فى فتح مكة من سجود شكر لله تعالى وتقبيل للأرض الطاهرة وإنسكاب دموع المهاحرين وهم يتحسسون جدران البيوت وطرقات مكة.
■ من المقدم على رأس المقاصد الشرعية «حفظ الأوطان» أم «حفظ الدين»؟
- أعتقد أن الدين لا يحفظ بلا وطن، والدين يقام فى نفس الإنسان وتقام طقوسه وشعائره وحدوده، فى أرض ووطن، فالدين يثمر وينتشر فى الأوطان، ويتلاشى ظله ويخفض صوته إذا دمرت الأوطان.
■ ولماذا تقف الجماعات المتطرفة ضد مصطلح ومفهوم الوطن؟
- جماعات التطرف والعنف والإرهاب لا تؤمن إلا بشذوذات المسائل والأفكار فنظرتها ظلامية، وفهمها سقيم، وهى عن مقاصد الشرع بعيدة وللصراط المستقيم متنكبة، فهى لا تحسن إلا جز الرؤس وبقر البطون وتدمير العمران، هم لا يعترفون بالوطن والحدود ناهيك عن الوطنية هم معاول هدم وسرطان ينخر فى جسم الأمة وجب استئصاله وبتره لتستريح الأمة وتتحقق التنمية ويعم الأمن والسلام، إن جماعات الإرهاب والعنف العابرة للحدود والقارات أعداء العمران والأوطان ، ولا يعقل أن يكون هناك عمران بلا أوطان ، فمتى سلم الوطن منهم تحقق العمران
■ هل تأخر تجديد الخطاب الدينى أضعف الانتماء لدى الشباب؟
- السبب هو غياب برامج تربوية تأكد على قيم الوطنية والمواطنة بالإضافة إلى مفاهيم خاطئة تربى عليها الناشئة تعتبر الوطنية نقيض الإيمان والإسلام، كما أن بعض الكتب الدينية تجاهلت الدولة القطرية وحاولت من خلال أفكار أممية ثلم هذه المعانى فى وجدان الناشئة، كما أن التربية الوطنية أهملت فى نصوص المقرارات الدراسية ولم تعط الوقت والقوة فى معدلات النجاح والرسوب، لهذا نحن بحاحة الى تكريس هذه المفاهيم والرفع من شأنها فى المقرارات والوجدان العام واعتماد خطاب إسلامى يجمع بين النص والعقل، يجمع ولا يفرق، يوحد ولا يمزق، يعلى من شأن الوطن والمواطنة يعتبر أن الوطن اولا وقبل كل شىء، ينشر قيم التسامح والتعايش، يحرر المرأة بالدين لا من الدين، خطاب قائم على التبشير والتيسير، وعلى المحبة والحوار والإخاء والتعاون والمساواة ، وفعل الخيرات واجتناب المنكرات.
■ ما رأيك فى دعوات حظر كتب التطرف والعنف مثل ابن تيمية وغيره؟
- ابن تيمية عالم من علماء الأمة له مدرسة وأتباع ومريدين، وليس كل ما ينسب إليه صحيح ولا كل ما يقال عنه أكيد، وهو له اجتهادات أصاب فيها وأخطأ.
أما الحظر فأنا لا أؤمن بمحاكم التفتيش كما فى العصور الوسطى ولا أؤمن بالمنع، ولكن أؤمن بالرد الجميل والبيان والبحث العلمى الرصين الذى يفند ويوضح ويكشف عوار كل فكره شاذ أو أى فكرة ظلامية أو تكفيرية لأن كل ممنوع مرغوب، وكم من أشياء منعت فكانت الرغبة فيها أشد، وكم من أشياء سمح بها نوقشت وحررت فيها المسائل ، وتم إظهار مسالبها، فماتت فى مهدها واندثرت مع مرور الزمن، أما المنع فهو طريق إلى القراءة الكهفية، والكهفية طريق إلى الظلامية، وخفافيش الظلام لا يحسنون العيش الا فى الكهوف والفضاءات المظلمة فلا حل الا بالانارة والتنوير ومقارعة الحجة بالحجة والدليل بالدليل.
■ كيف تقيم جهود الاوقاف المصرية فى عملية التجديد؟
 - نحن بحاجة إلى قراءة جديدة للتراث والموروث الفقهى يراعى حركة الإنسان والكون، وقراءة نصوص الوحيين فى ظل مقاصد الشريعة ومآلات الأحكام، ووفق مقاربة تجمع بين فقه النص والواقع المتجدد المتسارع، خطاب يستشرف المستقبل دون أن يهمل الحاضر، خطاب يعتبر التاريخ فى ظاهره لا يزيد إلا على الأخبار وفى باطنه نظر وتحقيق كما يقول العلامة ابن خلدون.
■ كيف ترى جهود وزارة الأوقاف المصرية فى عملية التجديد؟
- فى الحقيقة يبذل وزير الأوقاف محمد مختار جمعة جهد كبير من خلال عمل دؤوب ودناميكية تشهدها الوزارة شعارها: التجديد والابداع والأصالة والمعاصرة، وأن ليس كل قديم أصيل، وليس كل جديد دخيل، مع التأكيد على المقاصد الشرعية، ومآلات الأحكام خدمة للإسلام والوطن والأمة، كما يحاول أن يبتكر ولا يستنسخ من خلال نظرة استشرافية تخدم الإسلام ومكونات المجتمع وتحقق مفهوم المواطنة والمواطن الصالح الذي يؤدي الواجبات ومن ثم يطالب بالحقوق، واقامة شراكات مع مؤسسات المجتمع المدنى، والانفتاح على مل ماهو جديد ونافع خدمة للدين والوطن. بالاضافة الى التواصل والاتصال بالأقليات المسلمة فى بلاد الغرب وافريقيا وأسياء والأمريكيتين.
■ ما تعليقك على تجربة الأوقاف فى إشراك المرأة فى الدعوة والوعظ؟
المرأة هى جزء لا يتجزأ من المجتمع بل نصف المجتمع.. بل قد تكون هى المجتمع كله، هى الأم والأخت والبنت والزوجة، فكيف لا تكون جزءا من العملية الدعوية والإرشادية والوعظية خاصة أننا فى عصر التخصص والتنوع والتكامل حيث هناك قضايا ومسائل لايمكن غير المرأة القيام بها. اعتقد أنه أحسن الوزير صنعا عندما دفع بهذا القطاع النسوى الى المشاركة الايجابية والتفاعل مع رسالة الوزارة، تحقيقًا للشهود الحضاري والبلاغ المبين.