الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«اطمئنوا».. الجنيه لن يتراجع.. وتصريحات «عامر» إيجابية

«اطمئنوا».. الجنيه لن يتراجع.. وتصريحات «عامر» إيجابية
«اطمئنوا».. الجنيه لن يتراجع.. وتصريحات «عامر» إيجابية




أثارت تصريحات طارق عامر، محافظ البنك المركزي، والتى نشرتها شبكة بلومبرج منذ أيام قليلة، الكثير من اللغط بين المتابعين والاقتصاديين، لاسيما فيما يتعلق بإشارة «عامر» إلى أن سعر الصرف سيشهد خلال الفترة المقبلة تحركًا أكبر، حيث قال البعض ومنهم اقتصاديون إن محافظ البنك المركزى يمهّد بتصريحاته لارتفاع الدولار أمام الجنيه فى الفترة المقبلة.
وبالنظر بشكل تفصيلى إلى تصريحات طارق عامر، سنجد أنه تم اجتزاؤها ليخرج المعنى من السياق المقصود.. بل يبدو أن البعض يقوم بذلك من أجل مصالح شخصية لا أكثر ولا أقل غير عابئ بمصلحة الاقتصاد واستقرار البلاد.
والدقيق أنه تم توجيه سؤال إلى محافظ البنك المركزي.. مفاده أن سعر الصرف شهد استقرارًا بل شبه ثبات خلال الفترة الماضية.. فهل كان ذلك نتيجة تدخل البنك المركزي؟ (السؤال تشكيكًا فى تحرير سعر الصرف).. فكان رد «عامر» أن البنك المركزى لم يتدخل أبدًا فى تثبيت العملة وأن السوق حر بشكل كامل، وتأكيدًا لحديثه فقد ذكر أن البنك المركزى ألغى مؤخرًا نظام ضمان تحويلات المسثمرين الأجانب الذى كان يلتزم فيه «المركزي» بتحويل مستحقات الأجانب عند الخروج من السوق.
 وبإلغاء آلية تحويل أموال المستثمرين الأجانب من خلال البنك المركزي، تُركت المسئولية للبنوك العاملة بالسوق المحلية، بحيث يمكن للمستثمرين التعامل مع البنوك عند الدخول أو الخروج من السوق، وذلك من شأنه خلق سيولة ومرونة أكثر فى تحرك سعر الصرف صعودًا وهبوطا، كما أن إتاحة الفرصة للبنوك للتعامل المباشر مع المستثمرين الأجانب من شأنه أن يعزز من دخول الاستثمارات الأجنبية للسوق، حيث ستبذل البنوك ما فى وسعها من أجل اجتذاب تدفقات أجنبية إلى خزائنها.
وقد أكد «عامر» أن إلغاء آلية تحويلات المستثمرين الأجانب ستجعل هناك مرونة أكبر لتحرك سعر الصرف بشكل أكبر من ذى قبل.. وذلك جاء تأكيدًا أيضًا لمبدأ تحرير سعر الصرف الذى من شأنه أن يعزز ثقة المؤسسات والمستثمرين فى الخارج والداخل بالاقتصاد المصرى.
فلماذا إذن يدعى البعض أن تصريحات محافظ البنك المركزى تعنى أن الدولار سيرتفع بشكل كبير أمام الجنيه؟.. حديث المحافظ كان أكثر وضوحًا مما يريد أن يروجه كثيرون.
وما يؤكد أن تصريحات «عامر» لم يكن المقصود منها انفلات سعر الدولار أو حدوث تقلبات كبيرة فى العملة.. أنه أكد فى تصريحاته أن التحركات ستكون فى حدود مقبولة ، حيث شدد على أن لدى البنك المركزى فى الوقت الراهن الأدوات الكافية والاحتياطى النقدى القوى اللذان يمكنانه من مواجهة أية محاولات للمضاربة غير الصحية على العملة.
وفى تصريحات «عامر» ذكر نقطة هامة وهى أن تدفقات الاستثمارات الأجنبية (المقصود فى الأوراق المالية) شهدت أول تدفق ايجابى خلال شهر يناير الجارى منذ مايو 2018.. وذلك يعطى طمأنة بشأن تدفقات المستثمرين الأجانب فى الأوراق المالية والتى شهدت تراجعًا ملحوظًا فى الشهور الماضية.. ليس فى مصر فقط ولكن فى معظم الأسواق الناشئة، بل وأثرت على عملات الكثير من الدول وعلى رأسها تركيا والأرجنتين والبرازيل وغيرها من الدول.
وقد قلل من تأثيرات خروج الاستثمارات الأجنبية فى الأوراق المالية من السوق المصرية ( تراجعت من نحو 23 مليار دولار إلى نحو 10 مليارات دولار فى الوقت الراهن) أن البنك المركزى جنّب جزءًا كبيرًا من هذه الاستثمارات فى حساب بعيدًا عن الاحتياطى النقدى للبلاد، وهو ما حفظ الاحتياطى من مواجهة هزات عنيفة.. بل وقد تم الحفاظ على قيمته بما يغطى 9 أشهر واردات سلعية وهى نسبة تزيد كثيرًا عن نسب الأمان العالمية الخاصة باحتياطيات النقد الأجنبى والتى تفترض أن تغطية الاحتياطى لما يزيد على 3 أشهر واردات يعد فى نطاق الحدود الآمنة.
وتشهد البلاد تحسنًا فى تدفقات النقد الأجنبى من كافة القطاعات وعلى رأسها السياحة والاستثمار الأجنبى المباشر وقناة السويس والتصدير وتحويلات المصريين فى الخارج التى سجلت مستويات قياسية مقتربة من 25 مليار دولار.. لكن ذلك لا يعنى أن هناك تحديات فالبلاد ملتزمة بسداد ديون خارجية خلال الفترة المقبلة.
وتُظهر بيانات رسمية للبنك المركزى أن مصر كان من المقرر أن تسدد ديونًا خارجية بقيمة 14.7 مليار دولار خلال العام الجاري، وبحسب تقرير الوضع الخارجى لمصر الذى أصدره البنك المركزي، فإن مصر ستسدد نحو 6.129 مليار دولار فى النصف الأول من العام الجارى و8.608 مليار دولار فى النصف الثانى.
لكن البنك المركزى والحكومة نجحا منذ أيام قليلة فى تجديد ودائع سعودية كانت ضمن الديون المقرر سدادها خلال العام الجارى وقيمتها تتجاوز 6 مليارات دولار، أى أن القيمة الاجمالية المقرر سدادها  تراجعت من 14.7 مليار دولار إلى 8.7 مليار دولار، وقد شهدت مصر سداد مديونيات أكبر من ذلك فى الأعوام الماضية، وهو ما يعنى أنه رغم تحدى سداد الديون إلا أن ذلك لن يكون له تأثير كبيرخلال 2019 على سعر الصرف أو الاحتياطى.
كل المؤشرات والأرقام السابقة تشير إلى أن السوق أصبحت أكثر اتزانًا وأنه لا توجد ضغوط يمكن أن تدفع سعر الصرف للانفلات فى الفترة المقبلة.. بل إن المتوقع هو تحرك سعر الصرف صعودًا وهبوطًا فى حدود (مقبولة).
والسؤال هنا.. من المستفيد من ترويج الشائعات.. هل هم أصحاب توكيلات ومعارض السيارات.. الذين بدأوا بالفعل الترويج أن سعر الدولار الجمركى سيرتفع وأن أسعار السيارات بناء على ذلك ستزيد.. أم أنهم مضاربون جدد يحاولون إعادة السوق السوداء للعملة بعد أن دهستها قاطرة الاصلاح الاقتصادى وتحرير سعر الصرف.