الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فى كل بيــــــــــــت شهيد بطل

فى كل بيــــــــــــت شهيد بطل
فى كل بيــــــــــــت شهيد بطل




«الداخلية».. أبطال ضحوا بأرواحهم لحفظ أمن واستقرار الوطن

لوحة شرف ممتدة لاينقطع عنقودها لأبطال ضحوا بأرواحهم وبذلوا دماءهم من أجل تراب الوطن وحفظ أمنه واستقراره، 725 نبيلاً زينوا رءوس المصريين بالشهادة، 725 شهيدًا منذ أحداث 25 يناير 2011، وحتى الآن، منهم 157 ضابطًا و334 فردًا و22 خفيرًا و207 مجندين و5 موظفين، بالإضافة إلى 18140 مصابًا، جاء ذلك وفقًا لما أعلنه مصدر بوزارة الداخلية، فى عيدها الـ67.
معركة الصمود والتحدى، وهى المعركة التى صمدت فيها قوات البوليس المصرى ومعهم الفدائيون من أبناء منطقة القناة بأسلحة خفيفة ضد دبابات ومدفعيات الإنجليز بقيادة البرجيدير إكسهام، الجميع محاصر فى مبنى البستان «مبنى مديرية الأمن حاليًا» من فجر يوم الجمعة 25 يناير وحتى غروب الشمس، استشهد فى هذه المعركة 56 شهيدًا وأصيب 80 مصريًا بحسب ما تم تداوله إعلاميًا وقتها، وسجلها التاريخ فى صفحات من نور.
تُجرى وزارة الداخلية الاحتفالات بعيد الشرطة رقم 67، الذى خاض فيه أبطال الشرطة ملحمة وطنية بالإسماعيلية، عندما تصدوا للإنجليز ببسالة ورفضوا تسليم مبنى المحافظة، مما جعل الجنرال الإنجليزى الشهير «إكسهام» يمنح جثث شهداء الشرطة التحية العسكرية لدى خروجها من المبنى بسبب شجاعتهم ووطنيتهم.


لم ولن تكون الأخيرة لرجال الشرطة، فالملاحم مستمرة، فطالما تخوض وزارة الداخلية حرب وجود على الإرهاب، وهناك وزير داخلية برتبة «إنسان» يعمل على مدار الـ24 ساعة فى صمت وبهدوء، لا يحب الضجيج، يعشق الإنجاز على أرض الواقع، فمنذ أن وطأت قدم اللواء محمود توفيق، أروقة الوزارة والرجل يحقق نجاحات فى كل المجالات.
ليست هذه فقط، ولكنهم يسطرون بطولات بجهودهم المبذولة، هناك ضباط بقطاع الأمن الوطنى يخططون لتوجيه ضربات استباقية لشل الإرهاب وإرباك المتطرفين، وهناك ضباط بالأمن العام يقتحمون البؤر الإجرامية وينفذون الأحكام ويضبطون الأسلحة غير المرخصة والمخدرات، وضباط بالمفرقعات يواجهون القنابل، وآخرون بالحماية المدنية يواجهون النيران فى الحرائق ويتحركون أسفل العقارات المنهارة لإنقاذ الضحايا، وأبطال بالأمن المركزى يستبسلون للدفاع عن الوطن، ورجال مرور ينظمون الشوارع، وضباط تموين يلاحقون السلع الفاسدة، وضباط أموال عامة يواجهون الرشوة والكسب غير المشروع.
ولا ننسى أنه طالما هناك قطاع للإعلام والعلاقات بوزارة الداخلية يدقق رجاله فى المعلومات ويفندون الشائعات ويردون عليها، من خلال مركز إعلامى به ضباط كخلية نحل يعملون على مدار الـ24 ساعة، يتواصلون ويجاوبون، وتخرس بياناتهم ألسنة المشككين، يُطوعون التكنولوجيا لصالح العمل الأمنى، ويضربون المثل فى الانضباط والدقة والموضوعية، يشرف عليهم مساعد للوزير حريص على التطوير والتحديث، فلن تكون الأخيرة.
طالما نقدم الشهداء الذين يتسابقون للحصول على الرتبة الأسمى فى وزارة الداخلية «رتبة شهيد»، وطالما ننام فى منازلنا آمنين بينما يقف فى برودة ليالى الشتاء القاسى عيون ساهرة تحرس فى سبيل الله، بل ونحتفل بالأعياد والمناسبات المختلفة، وهناك أبطال يقفون فى الشوارع لتأمين فرحتنا وحراستها، لا يذهبون لأسرهم حتى تنتهى الاحتفالات بسلام، فكان لزامًا علينا أن نقول لهم فى عيدهم الـ67، كل عام وأنتم خير أجناد الأرض، فهم يسطرون ملاحم بطولية وتاريخية بفضل جهودهم، ولو ضحوا بأرواحهم.

 

فى صباح يوم الجمعة 25 يناير 1952 استدعى القائد البريطانى بمنطقة  القناة «البريجادير إكسهام» ضابط الاتصال المصرى، وسلمه إنذارًا بأن تسلم قوات البوليس «الشرطة المصرية» بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وتخرج من دار المحافظة والثكنات، وترحل عن منطقة القناة كلها والانسحاب إلى القاهرة بدعوى أنها مركز اختفاء الفدائيين المصريين ضد قواته فى منطقة القنال، ورفضت المحافظة الإنذار البريطانى وأبلغته إلى وزير الداخلية «فؤاد سراح الدين باشا» الذى أقر موقفها، وطلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام.
وتابع، فقد القائد البريطانى أعصابه فقامت قواته ودباباته وعرباته المصفحة بمحاصرة قسم شرطة البستان بالإسماعيلية لنفس الدعوى، بعد أن أرسل إنذارًا لمأمور قسم الشرطة يطلب فيه بتسليم أسلحة جنوده وعساكره، غير أن ضباط وجنود البوليس «الشرطة» رفضوا قبول هذا الإنذار، وواجهوا دباباتهم ومدافعهم، وأطلق البريطانيون نيران قنابلهم بشكل مركز وبشع دون توقف ولمدة زادت عن الساعة الكاملة، ولم تكن قوات البوليس «الشرطة» مسلحة بشىء سوى البنادق العادية القديمة.


وأوضح البطل إسماعيل بيومى، أحد أبطال حرب أكتوبر، أنه قبل غروب شمس ذلك اليوم حاصر مبنى قسم البوليس «الشرطة» الصغير مبنى المحافظة فى الإسماعيلية، سبعة آلاف جندى بريطانى مزودين بالأسلحة، تدعمهم دباباتهم السنتوريون الثقيلة وعرباتهم المصفحة ومدافع الميدان، بينما كان عدد الجنود المصريين المحاصرين لا يزيد على 800 فى الثكنات و80 فى المحافظة، لا يحملون غير البنادق. واستخدم البريطانيون كل ما معهم من الأسلحة فى قصف مبنى المحافظة، ومع ذلك قاوم الجنود المصريون واستمروا يقاومون ببسالة وشجاعة فائقة ودارت معركة غير متساوية القوة بين القوات البريطانية وقوات الشرطة المحاصرة فى القسم، ولم تتوقف هذه المجزرة حتى نفدت آخر طلقة معهم بعد ساعتين طويلتين من القتال، سقط خلالهما 56 شهيدًا و80 جريحًا وهم جميع أفراد جنود وضباط قوة الشرطة التى كانت تتمركز فى مبنى القسم، وأصيب نحو 70 آخرين، هذا بخلاف عدد آخر من المدنيين وأسر من بقى منهم، ولم يستطع الجنرال «إكسهام» أن يخفى إعجابه بشجاعة المصريين فقال للمقدم شريف العبد ضابط الاتصال‏:‏ «لقد قاتل رجال الشرطة المصريون بشرف واستسلموا بشرف، ولذا فإن من واجبنا احترامهم جميعًا ضباطًا وجنودًا».

 

كتاب بوابة مصر الشرقية، والذى صدر فى السبعينيات بمجموعة من المؤرخين فى الإسماعيلية، كشف عن الأسباب التى أدت إلى معركة الشرطة فى 25 يناير 1952، حيث بدأت المقاومة الشعبية والتى أطلق عليها وقتها بأعمال الفدائيين فى منطقة القناة ضد المحتل كانت البداية فى 16 أكتوبر 1951 بمظاهرات الطلاب والعمال وتم حرق مبنى النافى مجمع استهلاكى للمواد الغذائية البحرية للجنود الإنجليز وأسرهم، ومكانه حاليًا فى ميدان عرابى أمام محطة السكة الحديد وتوالت عمليات الفدائيين ومنها واقعة كوبرى سالا أمام منطقة الجمرك فى شارع محمد على، والتى راح ضحيتها العشرات من الجنود الإنجليز، وكان أحد أبطالها الراحل محمد خليفة الشهير «بشزام»، حيث تجمع ثلاثة أفراد من الفدائيين بعربة يد بها كمية من البرتقال وتوقفت العربة بالقرب من أحد الأكمنة الخاصة بجنود الاحتلال وافتعل الفدائيون معركة وتركوا عربة البرتقال ليسطوا عليها جنود الاحتلال وتنفجر القنبلة التى كانت أسفل العربة لتتناثر أشلاء جنود الاحتلال على جانبى ترعة محمد على، وفى الشارع لتبدأ غضبة قيادات الاحتلال البريطانى والتنكيل بالمدنيين من أبناء المدينة وترك العمال عملهم فى معسكرات الإنجليز، وتوقف متعهدو المواد الغذائية عن توريد الأغذية لجنود الاحتلال، وكان عددهم 80 ألف جندى، وسجل المؤرخون فى كتاب بوابة مصر الشرقية عدد العمال الذين تركوا عملهم فى معسكرات الإنجليز بـ91572 عاملاً وذلك فى الفترة من 16 أكتوبر 1951 وحتى 30 نوفمبر من العام نفسه، وتوالت عمليات الفدائيين وغضب الإنجليز حتى جاء يوم 25 يناير 1952.

 

وفى هذا اليوم تنظم مديرية أمن الإسماعيلية احتفالية لاستعراض جميع المعدات والأسلحة للإدارات المختلفة، فى طابور عرض يبدأ من أمام مبنى المديرية فى شارع محمد على حتى ميدان السادات فى نهاية الشارع، وتعزف الموسيقات العسكرية السلام الوطنى بحضور قيادات الشرطة والقوات المسلحة ومحافظ الإسماعيلية، وتوقف الاحتفال لمدة عامين فى 2012 عقب أحداث 25 يناير ثم العام الذى تلاه، وعادت الاحتفالات بداية من 2014، وهى احتفالات رمزية بسيطة يتم خلالها تكريم عدد من رموز وقيادات الشرطة، وكانت محافظة الإسماعيلية تحتفل بالعيد القومى لها فى اليوم نفسه، حتى تم تغيير العيد القومى للمحافظة العام الماضى من 25 يناير إلى 16 أكتوبر حتى تظل الاحتفالية خاصة بالشرطة وثورة 25 يناير.