الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ماجدة الرومى الـماسـة

ماجدة الرومى الـماسـة
ماجدة الرومى الـماسـة




 متصوفة تركن إلى الصمت، صمت يتبعه انفجار ينتظره الملايين فى كل ربوع الوطن العربي، ينتظرونه كل يوم منذ ظهورها وهى شابة تغنى لعملاقين «صلاح جاهين – كمال الطويل»  قبل أكثر من أربعين عاما أغنية «مفترق طرق»، مرددين فى كل صباح « وأرجع وأقول: لسه الطيور بتفن/والنحليات بتطن/والطفل ضحكه يرن/مع إن مش كل البشر فرحانين» ، فقد سكنت المطربة اللبنانية ماجدة الرومى القلوب بصوتها المشحون بالعذوبة والقوة معًا، صوت يوالف بين الحرير والألماس هو باختصار صوت القلب.
■ ■
رقيقة كالفراشة ، لذا لم تستطع أن ترى وطنها تمزقه الفتنة وتعيش كأن لا شيء يحدث، فرفضت العمل فى السينما مرة أخرى مع المخرج الراحل يوسف شاهين وبررت ذلك قائلة: «بعد تقديمى لفيلم عودة الابن الضال ليوسف شاهين، لم يكن لى أن أترك وطنى فى ظل الحرب اللبنانية، وكان من الصعب أن أرى قتلى هنا وهناك ورءوس تتطاير، وأنا فى النهاية إنسانة لا يمكن أن أترك جيرانى وأهلى وأقف أمام الكاميرا»، ثم عادت بعد سنوات طويلة لتتذكر تلك الأحداث الدامية وكيف أن مصر كانت على أبواب تلك الفتنة لكن الله حماها، معلنة أنها تحب الرئيس «السيسى» بشدة لأنه كان على دراية تامة بالمؤامرات السياسية التى تحاك ضد مصر والمصريين بل والعالم العربى، وقالت: إن «السيسى» احتضن المصريين وحذرهم من الخطر الأكبر وهو خطر الفتنة الطائفية التى اكتوت لبنان بنيرانها ومازالت حتى الآن».
■ ■
هى ملكة بحق، كما وصفها الفنان الراحل أحمد زكى، دائمة البحث عن الكلمة المشحونة بالعاطفة والجمال والمعانى السامية، بغضّ النظر عن كاتبها، لذلك توصف بأنها فنانة النخبة، أو مغنية المثقفين، مع أن جمهورها يزداد اتساعاً ليشمل أطيافاً وأجيالاً متعددة.
ليست مصرية الهوى كغيرها من كبار الفنانين اللبنانيين الذين سبقوها إلى «هوليوود الشرق»، لكنها مصرية أبًا عن جد، فأمها كانت دائمًا تحكى لها عن ذكريات عائلتها فى مصر وأنهم من منطقة شبرا وروض الفرج، وأن جدتها لأمها وتدعى «وردة يوسف حبيب» تزوجت مصريا، ووالدتها هى «صوفى شفتشى» من عائلة شديدة الالتصاق بالتقاليد المصرية تعمل بمجال الذهب، وتقول: عندما أتواجد فى مصر يصبح لى عالم صغير بالذهاب إلى كنيسة معروفة للكاثوليك فى الزمالك، وإلهام شاهين ويسرا وكارول سماحة هن صديقاتي المقرات فى مصر وبتغدى معهن دائمًا».
وعت ماجدة الرومى على الدنيا تغنّى وهى ابنة العشر سنوات كلّما رآها أحد الجيران يقول لها «غنّى لنا..» وكان أوّل تسجيل غنائى لها ترتيل كنيسة حفظته عند الروم الكاثوليك بعنوان «ميلادك»،   لكن والدها حليم الرومى الذى كان وراء بروز «أسطورة الغناء» فيروز، رفض أن تدخل هذا المجال لكنه بعد أن تأكد من جمال صوتها وساندها رايموند صدفى ابن عمها وقال «أنها تملك صوتا استثنائيا يمكن أن يحدث ثورة إن احترفت الغناء»،   وافق واتجهت نحو برنامج استديو الفن البرنامج الأكثر شهرة فى لبنان  أذهلت لجنة التحكيم بأدائها المتميز لأغنية المطربة ليلى مراد «أنا قلبى دليلى» فمنحتها المركز الأول وبكل تفوق.
■ ■
للحفاظ على النجومية طقوس صارمة تتبعها ماجدة الرومى فهى تستيقظ فى تمام الساعة 5.30 صباحاً، عكس ما يعيش نجوم الفن الذين يستيقظون عقب الظهر، ثم تصلى لمدة ساعة ونصف بمفردها مع الله، وبعدها تمارس بعض الرياضة مع اليوجا، وتصفى ذهنها وتحضر صوتها، وتقول: لا أحب السهر لأننى أعيش بمفردى فأنا أعيش حالة تصوف كبيرة فى شخصيتى، واقرأ لمحللين سياسيين فى فرنسا وأتابع فكر عدد محدود من الشخصيات السياسية المرموقة وبفهم منهم كل شىء عن السياسة».
ماجدة الرومى هى معجزة غنائية تنضم إلى اساطين الطرب فى الوطن العربى فهى الوحيدة فى سنّها التى تغنّى  مباشرةً على الهواء، هذا بالإضافة إلى أن الأغنيات مكتوبة بمقام معيّن وكانت تغنّيها عندما كانت فى الثلاثينيات من عمرها، فى العادة تقوم المطربات بتخفيضها أكثر من مقام لتناسب صوتها، لكنّ ماجدة الرّومى حافظت على نفس المقام فى هذا العمر، فحينما نسمعها تغنى  «يا بيروت» تتذكر المخلية تلك الشابة ذات الإمكانيات الصوتية الرهيبة وهى تقف على المسرح وأمامها آلاف العاشقين.
■ ■
هى روح الوطنية.. هى وريثة أم مصرية.. فنانة فى أدائها.. ملكة متوجة على قلوب محبيها.. قديسة متفردة فى ألحانها وكلماتها عند العاشقين والحالمين.. هى بحق معنى الغناء وأصالته.. مهمومة بقضايا العروبة ومصر فى قلبها وعقلها شمس العرب وكرامتهم.. من أجل هذا وأكثر وجدناها تستحق بكل فخر «وسام الاحترام».