الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«أركون» .. المُصلح المُستنير المغترب فى بلاده

«أركون» .. المُصلح المُستنير المغترب فى بلاده
«أركون» .. المُصلح المُستنير المغترب فى بلاده




بمعرض القاهرة الدولى للكتاب فى يوبيله الذهبى وضمن فعاليات الصالون الثقافى شهدت قاعة سهير القلماوى مؤخرًا ندوة لمناقشة كتاب «حكاية الفتى أركون» للكاتبة فاطمة الحصي، وشهدت الندوة حضور النقاد شرقاوى حافظ ومحمد أبوالليف ود.سعيد اللاوندى وأدارها هشام العربى.
فى بداية الندوة أشار «العربى» إلى أن صدور «حكاية الفتى أركون» كان فى عام 2018 ، وجاء الكتاب مقسمًا إلى خمسة فصول تناولت فيها المؤلفة ظواهر اجتماعية وثقافية عديدة، كما ألقت الضوء على المفكر والأكاديمى والمؤرخ الجزائرى «محمد أركون» باعتباره أحد المفكرين المستنيرين فى القرن العشرين الذين أثروا فى مفهوم الحداثة.
بدوره أكد الشاعر والمترجم شرقاوى حافظ أن:  «أركون» كتب فى نقد العقل الإسلامى، وله العديد من المؤلفات التى وصل عددها إلى 30 كتابا أغلبها بالفرنسية لأنه يرى أن اللغة العربية مقصرة فى المصطلحات، كما نادى إلى الإصلاح الدينى وكان يرى أن الدين متمثل فى المقدس فقط، وأنه كان أحد من بدأوا النقلة من العصر الهجرى إلى الحديث وأشار إلى مقولة أركون «أعطونى جيلا بدون أحكام سابقة؛ وسأجعلهم مفكرين وبدون عنف» .. لافتا إلى أن «أركون» شخصية عانى من التفرقة فى الجزائر لأنه أمازيغى بربرى وفى باريس لأنه مسلم وعربى.
فى حين لفت الباحث والكاتب محمد أبوالليف إلى أن أركون مثال للصاعد من قاع المجتمع الإنسانى إلى قمته، وأن مفتاح شخصيته هو المحبة من الأب لأبنائه وليس بسبب التفرقة التى عاشها، وأنه يجب الاهتمام باللغة العربية.
وجاء حديث د.أحمد عبدالحليم عطية أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة عن دلالة ما قالته الكاتبة فى كتابها من علامات أركون التنويرية، ووصف أركون بالغريب فى حياته ومماته وأن الغرباء هم من يغيرون الحياة.
وذكر أن الفصل الأول يتحدث عن تكوين محمد أركون وهو فى أخطر ما يكون منه وعينا وهو المعتقد الدينى، والفصل الثانى هو ملامح المشروعات الفكرية وهو يقدم برامج دراسة لعدد من الباحثين، وميزت الكاتبة بين المشروع النقدى ونقد العقل الإنسانى، ويرى أن أركون ونصيف نصار من لبنان هم من أصحاب الحداثة الحقيقية التى تؤمن باحترام التعدد وأن تكون حضارتنا العربية ندية مع الحضارة الأوروبية وليست بديلا عنها.
واختلف سعيد اللاوندى المفكر ونائب رئيس تحرير الأهرام؛ أن أركون ليس غريبا بل كان حاضرا؛ فهو كان صديقاً مقربا له يراه كل أسبوع فى باريس أو يهاتفه؛ وأن الكاتبة التقت به فى باريس أيضًا، ونوه إلى أن الكتاب هو الأول عن أركون وهو فتح جديد فى الثقافة المصرية، وأن أركون كان يعشق مصر ويتمنى أن ينشر له حوار فى الأهرام حتى يعرفه المصريون فكان يرى أن مصر هى أهم محطة لأى كاتب وأنه تتلمذ على كتب الأزهر.
يذكر أن المفكّر والمؤرّخ الجزائرى محمد أركون ولد فى 1928 بقرية تاوريرت ميمون بولاية تيزى وزو فى منطقة القبائل الكبرى، بالجزائر فى أسرة أمازيغيّة فقيرة.
وهو ما حال دونه ومزاولة تعليمه بالجزائر العاصمة فقد اضطرّ إثر انتهاء تعليمه الابتدائى إلى الالتحاق بمعهد يشرف عليه الآباء البيض بولاية وهران (1941-1945) حيث تعرّف على القيم المسيحيّة وتمكّن من الاطلاع على الثقافة والأدب اللاتينيّين..أمّا دراسته الجامعيّة فكانت بدءًا بكلّية الآداب بجامعة الجزائر حيث درس الأدب والفلسفة والقانون، ثمّ التحق بجامعة السوربون بناءً على توصية من المستشرق لويس ماسينيون، وفيها حاز شهادة الدكتوراه فى الفلسفة سنة 1969.
عمل أستاذا فى عديد الجامعات العالمية واعترافا بكفاءته وخبرته اختير عضوا فى عدد من لجان تحكيم الجوائز الدوليّة وكذلك المجالس العلميّة، ويعدّ محمد أركون من أبرز المفكّرين الذين اهتمّوا بنقد العقل الدينى انطلاقا من النصوص الدينيّة وأصول الفقه فى علاقة بالظروف التاريخيّة والاجتماعيّة والسياسيّة والعقائديّة، وتجلّت مواقفه من خلال كتاباته المختلفة التى كتبت فى قسم كبير منها بالفرنسية وترجمت إلى العربيّة، توفى محمد أركون يوم 15 سبتمبر 2010.