الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

إعدام لم يحقن الدماء




أفراح وزغاريد وأحضان وقبلات.. بكاء وصراخ وعويل وإغماءات.. مشهدان متناقضان عاشتهما أمس أسر ضحايا وأسر المتهمين في القضية المعروفة إعلامياً  بـ«مذبحة استاد بورسعيد» التي راح ضحيتها 74 شخصاً من مشجعي النادي الأهلي.
 
القضية تنظرها محكمة جنايات الإسماعيلية برئاسة المستشار صبحي عبدالمجيد وعضوية المستشارين طارق جاد المتولي ومحمد عبدالكريم والتي انعقدت أمس بمقر أكاديمية الشرطة في التجمع الخامس.. قضت بإحالة أوراق 21 متهماً إلي فضيلة مفتي الجمهورية وحددت جلسة 9 مارس المقبل للنطق بالحكم.
بمجرد أن انتهي المستشار صبحي من تلاوة نص القرار ضجت قاعة المحكمة بالزغاريد والهتافات والتكبيرات والبكاء من أهالي الضحايا بينما انقلبت مدينة بورسعيد إلي كتلة نار حيث حاول بعض أهالي المتهمين اقتحام السجن العمومي في بورسعيد لتهريب ذويهم وقامت قوات الشرطة المكلفة بتأمين السجن بمنعهم باستخدام القنابل المسيلة للدموع.. «روزاليوسف» رصدت وقائع المحاكمة وتداعيات الحكم في ثلاثة مشاهد.
المشهد الأول أسر الشهداء: الحكم برد نارنا
 

 
 
كتب- محمد فرج وسعد حسين ورمضان أحمد ونسرين صبحي
شهدت قاعة المحاكمة اجراءات أمنية مشددة شارك فيها 5 آلاف ضابط ومجند من القوات المسلحة والشرطة لتأمين نقل المتهمين من محبسهم بسيارات مصفحة، وتأمين أسر الشهداء، وتحولت الاكاديمية إلي ثكنة عسكرية.
وحضر الجلسة العديد من رجال الإعلام والصحافة الحاصلين علي تصاريح من وزارة العدل وشهدت الساعات الأولي من الصباح حالة من الاستياء والغضب بين اهالي الشهداء والاعلاميين لمنعهم من الدخول وتغيير بوابة الدخول ولكن تم ادخالهم بعد تهديدات بالتصعيد وارتكاب مذبحة جديدة وتم ادخالهم قاعة المحاكمة التي تحولت إلي مظاهرة وأخذوا يرددون الهتافات التي تطالب بالقصاص لدم ابنائهم وفي تمام الساعة التاسعة والنصف صباحًا قام حاجب المحكمة بالنداء علي المتهمين الذين حضروا جلسة النطق بالحكم وهم اللواء عصام الدين محمد سمك مدير أمن بورسعيد سابقًا، واللواء عبد العزيز فهمي حسن سامي مدير الادارة العامة للأمن المركزي سابقًا، واللواء محمود فتحي محمد عز الدين نائب مدير أمن بورسعيد سابقًا ، واللواء كمال علي جاد الرب السيد مساعد مدير أمن بورسعيد للأمن العام، وأبو بكر حامد مختار هاشم مساعد مدير أمن بورسعيد للوحدات، والعقيد محمد محمد محمد سعد رئيس قسم شرطة البيئة والمسطحات المائية ببورسعيد وتم اثبات حضورهم واعتلت هيئة المحكمة منصة القضاء في تمام الساعة العاشرة وأخذ اهالي الشهداء يكبرون بصوت مرتفع، وقام أحد المحامين المدعين بالحق المدني بتوجيه حديثه إلي هيئة المحكمة وهو رافعا يده قائلا «يا قضاة مصر انقذوا مصر، انقذوا مصر، أنقذوا مصر» وطلبت المحكمة من الجميع الهدوء وهددت بطرد كل من يتسبب في إثارة الشغب وأعلنت المحكمة قرارها بإحالة أوراق 21 متهمًا إلي فضيلة المفتي وهنا هلل الأهالي وأخذوا يكبرون وتعالت أصوات الزغاريد في أنحاء قاعة المحاكمة واغشي علي بعض الأهالي الشهداء من الفرحة وأخذوا يتبادلون التحية والأحضان والتقبيل فرحا بالحكم الذي اثلج صدورهم جميعا، وأخذوا يهتفون باسم المستشار رئيس المحكمة.
كانت النيابة العامة قد احالت 73 متهمًا للمحكمة، لأن المتهمين من الأول إلي الحادي والستين في أول فبراير 2012 قتلوا وآخرون مجهولون المجني عليهم عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم علي قتل بعض جمهور فريق النادي الأهلي «الألتراس» انتقاماً منهم لخلافات سابقة واستعراضاً للقوة أمامهم، وأعدوا لهذا الغرض أسلحة بيضاء مختلفة الأنواع ومواد مفرقعة «شماريخ وباراشوتات وصواريخ نارية» وقطعاً من الحجارة وأدوات أخري، مما يستخدم في الاعتداء علي الأشخاص، وتربصوا بهم في استاد بورسعيد، الذي أيقنوا سلفاً قدومهم إليه لحضور مباراة كرة القدم بين فريقي النادي الأهلي والنادي المصري، وإثر إطلاق الحكم صافرة نهاية المباراة هجموا عليهم في المدرج المخصص لهم بالاستاد، وما أن ظفروا بهم حتي انهالوا علي بعضهم ضرباً بالأسلحة والحجارة والأدوات المشار إليها، والإلقاء من أعلي المدرج، وحشراً في السلم والممر المؤدي إلي بوابة الخروج مع إلقاء المواد المفرقعة عليهم قاصدين من ذلك قتلهم، وقد اقترنت بهذه الجناية وتلتها وتقدمتها جنايات أخري هي أنهم في ذات الزمان والمكان سالفي البيان: قتلوا وآخرون مجهولون عدداً من المجني عليه وباقي القتلي المبينة أسماؤهم بالتحقيقات والبالغ عددهم «71 شخصاً» عمداً مع سبق الإصرار والترصد.
القي القبض علي المتهمين واحيلوا للمحكمة التي اصدرت حكمها السابق.
ومن جانب آخر صرح المستشار حسن ياسين، رئيس المكتب الفني للنائب العام، بأن المستشار طلعت عبدالله، النائب العام، كلف النيابة باستكمال تحقيقاتها مرة ثانية في قضية مذبحة بورسعيد، عقب صدور حكم بإحالة أوراق 21 من المتهمين إلي المفتي، وأشار إلي أن النيابة ستقدم ما تملكه من أدلة جديدة ضد المتهمين في أحداث بورسعيد الذين لم يذكروا في هذه القضية أو تمت الإشارة إليهم ولكن بأدلة ضعيفة.
أرجع ياسين عدم الأخذ بالمذكرة القانونية التي أرسلها النائب العام إلي أن هيئة المحكمة هي الجهة الوحيدة التي تملك القرار السيادي بتأجيل النطق بالحكم وإعادة التحقيقات من عدمه.
المشهد الثاني الغضب يجتاح بورسعيد.. ومقتل 27 في اشتباكات بين الأهالي والشرطة
 

كتبت- هبة فرغلي- بورسعيد ـ محمد الغزاوي
اجتاحت بورسعيد حالة من الغضب الشديد عقب النطق بالحكم في قضية مجزرة الاستاد وإحالة 21 من المتهمين إلي مفتي الديار واعتبر اهالي بورسعيد أن الحكم خرج في إطار التسييس لإرضاء الفصيل الاهلاوي علي حساب بورسعيد وشعبها علي حد وصفهم .
 وانطلقت الأعيرة النارية من عدد من الأسلحة الآلية كانت بحوزة مجموعة ملثمة من المتواجدين وسط الحشود المتجمهرة أمام سجن بورسعيد العمومي أسفرت عن استشهاد النقيب احمد الفلكي أمام سجن بورسعيد العمومي بينما أصيب العشرات من المواطنين.
وحاولت أعداد من الجماهير الغاضبة اقتحام أقسام الشرطة ببورسعيد وإحراق قسمي شرطة الشرق و العرب بالقاء عدد من زجاجات المولوتوف علي السيارات المتواجدة في محيط السجن واطلاق نار من اسلحة الية عليه يقابلها استبسال من ضباط شرطة القسم من خلال أسلحتهم الشخصية. وأضرمت النيران في استراحة مدير الأمن اللواء محسن راضي ومديرية الكهرباء وسكن الأمن المركزي.
 وحاول عدد آخر من الجماهير الغاضبة إضرام النيران بمجمع محاكم بورسعيد  بإلقاء أعداد كبيرة من زجاجات المولوتوف عليه إلا أن سيارات الحماية المدنية سيطرت علي الموقف واغلقت قوات الشرطة مداخل ومخارج بورسعيد من حدودها الإدارية مع محافظات الجوار ونشرت القوات المسلحة قواتها بطول المجري الملاحي لقناة السويس وبمنطقة شرق التفريعة .
 وقطع اهالي قري بحر البقر الطريق الجنوبي الفاصل بين محافظتي بورسعيد والاسماعيلية، وتوقفت حركة الملاحة بين مدينتي بورسعيد وبور فؤاد بعد ان قطع الاهالي طريق مرسي المعديات محاولين اقتحام قسم شرطة الميناء الموازي للمرسي.. وانتشرت البارجات الحربية التابعة للقوات البحرية في المجري الملاحي للقناة تحسبا لوقوع أية اعمال تخريبية
واستمرت الاشتباكات في شوارع المحافظة وارتفع عدد الاصابات الي ما يقرب من 283 حالة بينما بلغ اعداد الوفيات 27 منهم 6 بمستشفي بورسعيد العام و3 بمستشفي آل سليمان و6 حالات بمستشفي الزهور بينهم ضابط وأمين شرطة والباقي مدنيون.
وسادت حالة من الذعر لجميع المواطنين في ارجاء المحافظة وخاصة في الوحدات السكنية القريبة من السجن بعد تعرضها للاقتحام من قبل البعض للاختباء بها عقب اطلاق الغازات المسيلة للدموع وأشعل عدد من الاهالي النيران في مقر مركز نجدة بورسعيد القديم الذي يتواجد به أفراد وجنود الامن العام كسكن إداري لهم.
وانهال المواطنون علي بنك الدم الرئيسي وفروعه بالمحافظة للتبرع بالدم لمساعدة في إنقاذ الحالات الحرجة الموجودة داخل المستشفيات وحطمت الجماهير الغاضبة سيارات القنوات الفضائية التي تواجدت في محيط الاحداث وتم الاعتداء علي الاطقم العاملة بها.
المشهد الثالث: الألتراس يحتفل في النادي الأهلي.. ويوافق علي عودة الدوري
كتب - محمد عصام
عمت الفرحة العارمة علي الآلاف من أعضاء رابطة مشجعي النادي الأهلي «ألتراس أهلاوي» الذين تواجدوا عند مقر النادي الأهلي بالجزيرة عقب النطق بالحكم.
وأشعل بعض أعضاء الألتراس الشماريخ ورددوا الهتافات ورفعوا الأعلام واللافتات أمام مقر النادي عقب النطق بالحكم في القضية التي راح ضحيتها 74 مشجعا من النادي الأهلي عقب مباراة المصري والأهلي كما رددوا العديد من الهتافات الخاصة بالألتراس.
كما وافق مجلس ادارة النادي الاهلي علي فتح الابواب للرابطة للاحتفال بملعب مختار التتش بالجزيرة.
كان عشرات من أعضاء رابطة الالتراس الأهلاوي توافدوا علي أكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة لانتظار الحكم في قضية مجزرة استاد بورسعيد.
وتجمع الالتراس أمام البوابة رقم 8 بأكاديمية الشرطة علي الرغم من أن البوابة رقم 5 بالاكاديمية مخصصة لدخول أسر الشهداء التي تقع علي الجانب الآخر من المكان الذي يتجمع فيه افراد الالتراس.
وردد الألتراس الهتافات المطالبة بالقصاص من قتلة الشهداء.. كما رفع العديد من أعضاء الرابطة صورا لشهداء المذبحة بالإضافة لزي موحد مدون عليه رقم "72" و"القصاص للشهداء".
وفي نفس السياق رددت رابطة الالتراس شعارات ضد الرجال المتهمين من وزارة الداخلية في ارتكاب المذبحة "الدور عليكي يا داخلية".. مؤكدين أن الفرحة ستكتمل في الحكم النهائي.
في الاطار نفسه وافقت رابطة الالتراس علي استئناف نشاط الكرة في مصر بعد توقفه منذ الاول من فبراير الماضي بعد صدور الحكم علي المتهمين في قضية بورسعيد ويعد قرار الرابطة أحد ثمار العدل.
وقد اكد أحد كابوهات "الألتراس" أن الحكم "مفرح" للجميع لكننا نريد الحكم العادل أيضا علي المتهمين الأساسيين في القضية من كوادر الداخلية ورجال الأمن "البلطجية" لأنهم تسببوا في وصول القتلة إلي الجماهير كما نريد معرفة الممولين لهم وسننتظر يوم 9/3 لمعرفة ذلك.
يأتي هذا في الوقت الذي أطلقت رابطة الالتراس بيانا علي صفحتها الرسمية "الفيس بوك" كان نصه كالآتي:
الحمد لله اليوم هو بداية القصاص وليس القصاص الكامل.. اليوم بداية استرجاع حقوق الشهداء.. اليوم تأكيد ان الحق عمره ما يضيع طول ما وراه رجالة.. تمت إحالة اوراق 21 متهما لفضيلة المفتي.. وباقي المتهمين يوم 9 مارس إن شاء الله.. جميع افراد الجروب انصرفوا من أمام النادي الاهلي.
 
تصوير: مايكل سعد