الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

هوية وثقافة لا تندثر

هوية وثقافة لا تندثر
هوية وثقافة لا تندثر




تزخر قارة إفريقيا بالعديد من المميزات التى لم تتوفر لغيرها من القارات ومن أهم تلك المميزات التى لم تتأثر بتيارات الاستعمار كانت المشافهة وهى وسيلة الاتصال الرئيسية فى الحضارة الإفريقية القديمة،

 وكانت الأخبار والأساطير والأشعار تنتقل من قبيلة إلى أخرى، ومن جيل إلى جيل عن طريق الرواية الشفوية، وكان الراوية شخصاً متميزاً بمكانة مرموقة فى قبيلته، لامتلاكه قدرة بلاغية خاصة، وتمتعه بقوة الذاكرة، وتبادل الأمثال والأشعار والحكايات بين روادها.
يمكن القول: إن مجمل ما وصل إلينا من هذه الآداب الشفوية يدور حول الخرافات والأساطير التى تشوبها المبالغة، ويختلط فيها الواقع بالخيال المجنح، إضافة إلى بعض الأشعار ، كما أسهمت الفنون الاحتفالية بدور مميز فى هذه الآداب، وتضمنت نقداً اجتماعياً. وقد تراجعت هذه الآداب مع بداية التوسع المدنى، وما رافقه من تحولات أدت إلى ظهور الآداب المكتوبة.
انتشر التراث الشفوى الإفريقى فى العالم الجديد مع تجارة العبيد، ويشمل هذا التراث أنماطاً شعرية وقصصية غنية ومتنوعة لمعظم القبائل الإفريقية. وتعد الأساطير وقصص الخلق من أغناها وأكثرها تنوعاً وخيالاً.
أما الشعر الإفريقى فتطغى عليه عبارات التمجيد والتبريك التى تشمل الآلهة والإنسان والحيوان والنبات والبقاع أيضاً، وأهم أناشيد التمجيد فى إفريقيا تلك التى تتناول زعماء القبائل وقادة الحروب.
وتنتشر القصص الشعبية فى إفريقيا إلى جانب الشعر والأساطير، وأشهرها وأكثرها انتشاراً قصص الحيوانات الماكرة، ويعتمد فن الحديث عند الأفارقة على الأمثال اعتماداً واسعاً، وقد أخذ معظم هذه الفنون الشعبية الموروثة يخبو منذ منتصف القرن العشرين، لا سيما ما يتعلق منها بالطقوس الدينية، وأخذت صيغ التبريك والمديح فى الشعر تتحول إلى رجال السياسة، وقد تأخذ صورة الرقى والتعاويذ فى هجاء الخصوم، بيد أن النزعة القومية لدى الأفارقة ونزوعهم إلى التحرر من الاستعمار الغربى أديا إلى ازدياد اهتمامهم بتراثهم الحضاري، فلم يعد العمل على جمعه ودراسته منحصراً فى دوائر التبشير وعلماء الأجناس واللغات الأجانب، وأضحت المجموعات التى دونها كتّاب أفارقة منذ ثلاثينات القرن العشرين أفضل مجموعات التراث الشعبى الإفريقي. وظهرت آثار هذا التراث فى أعمال معظم الكتاب الأفارقة مثل آموس توتولا.