الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مصر ــ إفريقيا.. علاقات تاريخية

مصر ــ إفريقيا.. علاقات تاريخية
مصر ــ إفريقيا.. علاقات تاريخية




تترأس مصر الاتحاد الإفريقى لعام 2019، لتقود خلاله مسيرة تنمية القارة السمراء التى حملتها على عاتقها على مر العصور، إذ تقع القارة الإفريقية فى مقدمة أولويات السياسة الخارجية المصرية لما يربطنا بها من جغرافيا وتاريخ وتراث وثقافة مشتركة على مر العصور.

مصر أول من دعم الوحدة الإفريقية
وتعد مصر من أهم الدول المؤسسة لمنظمة الوحدة الإفریقیة، إذ كان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر هو صاحب الفكرة التى كانت بداية اجتماعاتها فى إبريل عام ١٩٥٨فى أكرا عاصمة غانا وشارك خلالها نحو15 دولة إفريقية مستقلة واعتبر ذلك الاجتماع التأسيسى لمنظمة الوحدة الإفريقية.
وتأسست منظمة الوحدة الإفريقية رسميًا عام 1963، ثم تحول اسمها إلى الاتحاد الإفریقى عام 1999، خلال القمة الأفریقیة التى عقدت فى مدینة سرت اللیبیة، وقد لعبت مصر دور مهم فى الحفاظ على روح ميثاق المنظمة واستضافتها لأول قمة إفريقية على أرضها فى يوليو ١٩٦٤.
بدأت منظمة الوحدة الأفريقية باتفاق 32 دولة أفريقية على تأسيسها، ثم تم انضمام 21 عضواً لها من الدول الأفريقية المستقلة آنذاك، وبعد إنشاء الاتحاد الإفريقى عام 2002 ازداد عدد الدول الأعضاء إلى 53 دولة إفريقية مستقلة، وفى عام 2011 انضم جنوب السودان ليُصبح العضو رقم 54.
ناصر العصر الذهبي
يعتبر عصر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر العصر الذهبى للعلاقات المصرية الإفريقية، إذ اتسمت فيه بالقوة والتماسك، خاصة أنه دعم وساند زعماء حركات التحرر فى إفریقیا وأمدهم بالسلاح والمال، بجانب الدعم السیاسى والدبلوماسي، وقد ظهرت ثمار ذلك فى استقلال جمیع الدول الإفریقیة، حیث أعلنت 17 دول إفریقیة استقلالها فى عام 1960.
كما ساندت القاهرة كفاح شعوب تونس والمغرب ولیبیا، وكان لمصر دورها الفعال فى حركة تحرر دول شرق إفریقیا مثل الصومال، وكینیا وأوغندا، وتنزانیا، وفى غرب وجنوب القارة مثل غانا والكونغو ونیجيریا، كما قامت مصر بدور مؤثر وفعال فى إجهاض محاولات الانفصال التى كادت تحدث فى بعض الدول الإفریقیة، مثل منطقة بیافرا فى نیجيریا بسبب الثروة البترولیة، ومنطقة كاتنجا الغنیة بالثروات المعدنیة فى الكونغو.
20 اتفاقية عززت موقف مصر
عززت مصر تواجدها فى الاتحاد كما قامت بالتصديق على ٢٠ اتفاقية فى إطار الاتحاد بالإضافة للنظام الأساسى للجنة القانون الدولى للاتحاد الإفريقى كما وقعت مصر على الميثاق الافريقى للشباب والاتفاقية الافريقية لإنشاء برنامج التعاون الفنى وميثاق النهضة الثقافية الافريقية والمعاهدة الإفريقية لإقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية (معاهدة بليندبا) والاتفاقية المؤسسة للمعهد الإفريقى لإعادة التأهيل وبروتوكول لميثاق الإفريقى لحقوق الإنسان والشعوب بشأن إنشاء محكمة إفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.
مصر تقود مبادرة للتشاور بين إفريقيا وأوروبا
وقعت مصر على البروتوكول المنشئ لمجلس السلم والأمن الإفريقى فى مارس ٢٠٠٤، ثم أودعت وثيقة التصديق على البروتوكول فى مارس ٢٠٠٥، وانتخبت عضوًا بالمجلس عن إقليم الشمال وبدأت فى ممارسة مهام عضويتها من ٢٠٠٦ حتى ٢٠٠٨.
 كما أطلقت القاهرة المبادرة المصرية لإنشاء آلية التشاور بين مجلسى السلم والأمن الإفريقى والأمن الدولى خلال رئاستها لمجلس السلم والأمن فى ديسمبر ٢٠٠٦.
القاهرة لاعب قوى فى التجمعات الاقتصادية الإفريقية
وتقوم مصر بدور الوسيط لضمان تحقيق التوافق الإفريقى بشأن إنشاء سلطة الاتحاد الذى يقوم على تسريع عملية التكامل الإفريقى على أسس علمية وتعظيم دور التجمعات الاقتصادية الإقليمية، كما يوجد للقاهرة تمثيل فى البرلمان الإفريقى، وفازت بعضوية المجلس الاقتصادى والاجتماعى والثقافى.
 وتشارك مصر فى بعثات حفظ السلام على مستوى القارة الإفريقية وتلعب دورًا مهمًا داخل التجمعات الاقتصادية المختلفة.
تراجع العلاقات فى عهد السادات ومبارك
تراجعت العلاقات مع إفریقیا بشكل كبير فى عهد الرئیس الراحل أنور السادات عقب معاهدة السلام بین مصر وإسرائیل، وازدادت العلاقات سوءًا فى عهد الرئیس الأسبق محمد حسنى مبارك نظرًا لعدم وجود اهتمام واضح منه فى المحافظة على العلاقات بین مصر والدول الإفریقیة، ثم امتناعه عن حضور إجتماعات القمة الإفریقیة عقب محاولة اغتیاله فى أدیس أبابا عام 1995 مما ترتب عليه من تجمید العلاقات المصریة الإفریقیة.
تدمير العلاقات فى عهد مرسى وأزمة مائية
اتسعت الفجوة فى العلاقات بین مصر ودول القارة فى عهد المعزول محمد مرسى خاصة مع دول حوض النیل، الأمر الذى ساعد على ظهور الأزمة المائیة بقوة، إذ لم یتخذ أى خطوات لتأمین حصة مصر من میاه النیل أو الحفاظ عليها، وقد انعكس هذا التراجع فى العلاقات على الموقف الذى اتخذه الاتحاد الأفریقى بتجمید عضویة مصر بعد ثورة 30 یونیو، إذ أن مصر كانت قد تركت موقعها فى القارة.
تجميد عضوية مصر
كان للتراجع فى العلاقة بين مصر وإفريقيا انعكاس على الموقف الذى اتخذه الاتحاد الإفريقى بتجميد عضوية مصر بعد ثورة ٣٠يونيو، إذ أن مصر كانت قد تركت موقعها فى القارة خلال عهد المعزول، ولم يكن هناك دور مصرى يشرح لأعضاء الاتحاد حقيقة ما يجرى داخلها، إلا أن الدبلوماسية المصرية ممثلة فى وزارة الخارجية حملت هذه المسئولية التاريخية عى عاتقها وبدأت بالتحرك فى عدد من العواصم الإفريقية فى إطار خطة واضحة ومحددة أكدت خلالها أنه حان الوقت لإعادة مصر إلى جذورها الإفريقية من خلال التركيز على خلق مصالح مشتركة طويلة المدى تقوم على تحقيق المنفعة المتبادلة لكل الأطراف.
دور قوى للدبلوماسية المصرية
قامت الدبلوماسية المصرية بدور وطنى جوهرى كبير، إذ حشدت كافة جهودها وأدواتها لتوضيح الحقائق وتصويب الصورة الخاطئة عن حقيقة ما حدث فى مصر مستندين فى ذلك على أدلة وبراهين ووثائق لشرح أسباب قيام ثورة ٣٠ يونيو والتعريف بخارطة الطريق التى اتفق عليها المصريون آنذاك، وقد تكللت جهودهم بالنجاح فى ١٧يونيو ٢٠١٤ وعادت مصر إلى أحضان قارتها السمراء، ثم توجت بتولى القاهرة رئاسة الاتحاد 2019 .
السيسى يعيد مصر إلى القارة السمراء
كان لحضور الرئيس عبد الفتاح السيسى القمة الإفريقية فى مالابو بغينيا الاستوائية بمثابة نقطة تحول وعودة حقيقية نحو القارة، وتوالت مشاركاته وحرصه على حضور القمم الإفريقية المتعاقبة والتواصل مع القادة الافارقه، كما سعى جاهدًا لتوصيل الصوت الإفريقى إلى المجتمع الدولى، وجعل قضايا القارة فى أولوية المحافل الدولية عقب فوز مصر بمقعد غير دائم فى مجلس الأمن الدولي.
كما ترأس الرئيس السيسى اجتماع لجنة القادة الأفارقة المعنية بمواجهة تغير المناخ، عرض خلالها الشواغل الإفريقية لضمان عدم تجاهل احتياجات القارة.
 كما فازت مصر فى عهده للمرة الأولى بعضوية مجلس السلم والأمن الإفريقى ٢٠١٦-٢٠١٩ عن إقليم الشمال بتأييد 47 دولة من دول الاتحاد، وهو أحد أهم أجهزة الاتحاد إذ أنه المعنى بمهمة منع وإدارة وتسوية النزاعات، فضلاً عن بناء وحفظ السلام فى أنحاء القارة، كما فازت مصر بمنصب مفوض البنية التحتية والطاقة بالاتحاد الإفريقى.