الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الكاتبة المغربية غادة الصنهاجى: أكتفى بجمال الأحلام وألا يتحول خيالى لأوهام

الكاتبة المغربية غادة الصنهاجى:  أكتفى بجمال الأحلام وألا يتحول خيالى لأوهام
الكاتبة المغربية غادة الصنهاجى: أكتفى بجمال الأحلام وألا يتحول خيالى لأوهام




غادة الصنهاجى قاصة وكاتبة وإعلامية مغربية، حررت نصوصها ومنحتها أجنحة وأطلقتها لتحط بنا فى عمق الفضاء المغربى وتنقله لنا دالاً ومدلولاً.
تستخدم الكاتبة البوح بمستوياته المتعددة ابتداء من البوح الشفيف وانتهاء بالكاشف وما بينهما من أثر على قارئ قصصها إلا أن الثيمة الأساسية لهذا الشلال الهادر من الحكى هى البوح الذى يعتبر بمثابة بنية سردية تعتمد الكشف والمصارحة أولاً، وهو بذلك يعتبر مؤشرنا الأهم للولوج إلى عوالم الشخوص المحكى عنها.
وقصص غادة الصنهاجى تنوعت مضامينها وكثرت شخوصها وازدحامها بالأحداث والأمكنة وبالتفاصيل الكبيرة والصغيرة، معظم هذه الأحداث والتفصيلات جاءت عبر وعى الشخصية بنفسها وبحالتها صدر لها أربع مجموعات قصصية هى: «الهاربة»، و«هى وهو»، و«البلابل لا تحلق فى الأعالى»، و«نساء غير مشهورات».كما تقدم برنامجين ثقافيين على الفضائية المغربية وهما:» كتاب اليوم» ، و» ثقافة بلا حدود».
حول أفكارها ورؤاها كان حوارنا معها فإلى نصه.

■ كيف ومتى بدأت رحلتك مع الكتابة؟
- كنت أدرس فى المرحلة الابتدائية عندما أصابنى شغف القراءة لتتزامن معه رحلتى مع الكتابة، وأذكر أن أول عمل كتبته هو قصة حياة جدى وجدتى اللذين كانا يزوران بيتنا باستمرار ويمضيان عندنا فترات طويلة خلالها يحكيان لى عن أحداث عاشاها قبل ولادتي، وكنت أجدها معلومات عجيبة أحرص على تدوينها فى دفتر سرى وأخفيه بعناية بين أغراضى، لكن شقيقى اكتشفه يوما أثناء وجودى بالمدرسة، وترك لى بين صفحاته رسالة ما زلت أذكر من كلماتها وصيته لى بأن أكتفى بجمال الأحلام وألا يتحول خيالى إلى أوهام الوصول إلى مصاف الأدباء، وإلا سوف يكيل لى الواقع صفعة مؤلمة.
■ لماذا اخترت القصة القصيرة كفضاء إبداعى؟
- ربما ليس اختيارا بقدر ما هو نتاج قلة صبرى، الذى لا يسمح لى بالتروى وأخذ وقتى الكافى فى أى شىء أقوم به؛ فعندما أقرأ أهرول بنظرى بين السطور لأصل إلى نهاية الكتاب فى أسرع وقت، وعندما أكتب تركض الحروف وتقفز الكلمات وكأننى إذا لم أتم كلامى بسرعة سوف يضيع منى ويبتلعه النسيان.
■ هل كتابة القصة القصيرة مجرد عتبة لكتابة الرواية فيما بعد؟
- لا توجد عتبات للكتابة، وليس بالضرورة أن يدفعك جنس أدبى نحو جنس أدبى آخر؛ فأحيانا نعبر عما يخالجنا بكلمة أو جملة فقط، ونحار فى تصنيفها.
وكتابة القصة القصيرة عندى كمن يلتقط صورة لمنظر جميل بعدسة محترفة، أما كتابة الرواية فهى تصوير مقطع فيديو يستلزم مخرجا محنكا.. لهذا، أتريث فى تصوير مشاهد روايتى الأولى، حتى لا تبدو كأعمال الهواة.
■  “الهاربة «هو عنوان مجموعتك القصصية الأولى.. ما دلالة الهروب؛ هل هروب من الواقع أم إلى الأحلام؟
- أشار الروائى والناقد المصرى الراحل فؤاد نصر الدين، فى مقدمة كتبها للمجموعة القصصية سالفة الذكر، إلى كون قصة «الهاربة» تقدم نظرتى التفاؤلية والفلسفية للحياة والموت، فلا مفر ولا هروب من الموت.. لذا علينا أن نسعى إلى السعادة ولنعش الحياة، وهو بهذا يكون قد أجاب مكانى عن هذا السؤال.
■ أحلام مستغانمى تكتب فى غرفة نومها، وفى ظل إضاءة قوية .. ما هى طقوسك فى كتابة قصصك؟
- لا شك فى أن الكتابة فى غرفة النوم عادة مريحة، خصوصا إذا كانت الكتابة ذات طابع رومانسى حالم، لكن هذا مع الأسف لا ينطبق على طقوسى فى الكتابة، فهى تزورنى فى أماكن وفى أوقات تكون أحيانا غير ملائمة البتة.. فقد أتوقف فى وسط الطريق لأدون شيئا، ومرارا أنسى حضورى فى المناسبات العائلية ولقاءات الأصدقاء وحتى أثناء العمل، وأنغمس فجأة فى كتابة قصة ما.. ولا أخفى سرًا إذا قلت إن الانشغال بالكتابة على هذا المنوال يزعج فى الغالب القريبين مني، وأحيانا يتركوننى أكتب وينصرفون غاضبين.
■ القصة طفولة ثانية والمبدع لا يموت فيه الطفل.. أين الطفل فى قصصك؟
- الطفل فى قصصى هو ذلك الطفل الذى ظلم، فانزوى بعيدا عن الأعين، وهو الذى يحلم بزيارة تلك العوالم الغرائبية التى يشاهدها فى الرسوم المتحركة ويتمنى لقاء شخصياتها الخيالية، وهو الذى لا يقتنع عندما يحدثه الكبار عن المسموح والممنوع على أرضهم. والقصة بالنسبة إلى ذلك الطفل هى عالمه اللامتناهى الذى صنعه لنفسه، ليعيش فيه حرا ويفعل كل ما يريد.
■ «هى وهو» هو عنوان مجموعتك القصصية الثانية واضح من العنوان الانحياز إلى الأنثى .. هل تكتبين كتابة نسوية؟
- فى مجموعة «هى وهو» كنت متحيزة إلى الصراع الذى بين الرجل والمرأة على السواء، وكان قلمى محايدا حين واجهتهما معا فى قصص حوارية لا تخلو من بوح ومكاشفة.
■ يقال إن الإنسان ابن بيئته.. هل كان للبيئة دور فى تحديد شكل الكتابة لديك؟
- طبعا، للبيئة دور كبير جدا فى تحديد شكل ونوع الكتابة؛ فأنت حين تقرأ مثلا رواية «النهايات» للرائع عبدالرحمن منيف تجد أن رؤيته الإبداعية نابعة من موقعه الجغرافى وتأثره بثقافة المكان وبيئة الصحراء.
وبالنسبة إلى لا أجدنى قد وصلت إلى مرحلة نضج الكتابة الذى قد أحدد فيه شكلها فى علاقته مع بيئتى، فعلى الرغم من غنى وتنوع هذه البيئة وانفتاحها على ثقافات وحضارات تتيح لى الانتقال بداخلها زمنيا ومكانيا، فإننى ما زلت أحاول نحت حجر فى المكان الذى أنتمى إليه ويشبهني.
■  إلى أى مدى يمكن أن تصل حرية الكاتب؟ وإلى أى مدى من الممكن أن تنتهى؟
- هذا يتوقف على المقاسات التى وضعها الكاتب للحرية؛ فهناك من يراها على بُعد خطوة واحدة من قدميه، وهناك من يراها ممتدة إلى اللانهاية.. إن الحرية كالشمس لا بد لها من أن تشهد مرور الغيم والشروق والغروب والكسوف أيضا، وكلما صفت الأجواء واتخذت الشمس موقعها نهارا وسط السماء كلما أنارت الأقلام واختفى الظلام من العقول.
■ هل تفضلين أن يعكس أبطال قصصك أيديولوجيات خاصة بك كامرأة عربية أم تكتبين بروح ثائرة على النمطى والسائد فى المجتمع؟
- تحمل القصص فى عالمها التخيلى خليطا من الأيديولوجيات تماما كما فى العالم الحقيقي؛ لكن بالنسبة إلى فهى تمثل شخصياتها فقط، ولا أتبنى ككاتبة أيا منها وإلا كان الأفضل أن أكتب فى المجال الفكرى وأحدد عبره قناعاتى ومبادئي.. لقد اخترت مجال الكتابة الأدبية الإبداعية، ولا يمكن لهذا النوع من الكتابة إلا أن يكون ثائرا، وليس على واقع المجتمع فقط؛ بل حتى على الخيال.
■ تقدمين برنامجين ثقافيين على الفضائية المغربية.. كيف تقيمين هذه التجربة؟ وما الذى أضافته للوسط الثقافى المغربى والعربى؟
- أعدّ وأقدم البرنامج الحوارى الثقافى الأسبوعى «ثقافة بلا حدود» والبرنامج الثقافى اليومى «كتاب اليوم» على القناة الفضائية المغربية «تيلى ماروك»؛ وهى تجربة لا أخفى أننى شعرت برهبة فى بدايتها، لأن الثقافة وعى ومسئولية وإدراك. كما أن التعامل مع الثقافة والمثقف يتطلب احتراما وفهما صحيحا للإبداع بأنواعه، وهذا ما جعلنى أضاعف من مجهودى لكى أكون عند حسن ظن الضيف والمتابعين على الشاشة.. وبالنسبة إلى تقييم هذه التجربة وما الذى أضافته للوسط الثقافى المغربى والعربي، فالجواب لدى المهتمين بمواكبة هذين البرنامجين مشاهدةً ونقداً وتصنيفاً.