الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

رحلة الدم والهوية أبرز قضايا مسرح الأرمن فى مصر

رحلة الدم والهوية أبرز قضايا مسرح الأرمن فى مصر
رحلة الدم والهوية أبرز قضايا مسرح الأرمن فى مصر




«مات فى مصر خلال رحلة عملية.. خرج من وطن.. ووصل هذه المدينة «القاهرة»..تنفس الهواء وربح أيضًا.. وا أسفاه على حظه التعس كانت أمنيته العودة إلى بيته فى الوطن»؛ كتبت هذه العبارات على شواهد قبور معظم الأرمن المدفونين فى تراب مصر الذين جاءوا بعد مذابح الأتراك فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر فهناك من جاء إلى الاستقرار نهائيًا ومنهم من جاء زيارة مؤقتة لكنه مات قبل حلم العودة إلى الوطن..أشار المخرج محمود أبو دومة أن مصر دائمًا كانت بمثابة الحضن الدافئ الذى يحتوى  الجميع حيث استقر معظم الأرمن المهاجرين بين القاهرة والإسكندرية».
 الحركة المسرحية الأرمنية
أسس الأرمن فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر بعض المؤسسات الخيرية مثل «الجميعة الخيرية الأرمنية» فى عام 1886 أسسها بعض وجهاء الأرمن الكاثوليك وظلت هذه الجميعة حتى الآن بحى مصر الجديدة تقدم خدمات اجتماعية وثقافية وفنية، مثلما أشار الدكتور محمد رفعت الإمام فى كتابه «الأرمن فى مصر» والكاتب عطا درغام فى سرد وتحليل الحركة المسرحية الأرمنية.. «للأرمن حركة مسرحية كبيرة بالمسرح المصرى منذ وقت استقرارهم بمصر امتلكوا مسرح الهوسابير وشكل المسرح الأرمنى المصرى من الفرق الأرمنية المحترفة الزائرة من خارج مصر وفرق الهواة وأشباه المحترفين التى تكونت من أرمن مصر، قدم المسرحيون الأرمن عروضًا متباينة لمجموعتين رئيستين من المؤلفين أولاهما أرمنية وثانيتهما أجنبية، بالنسبة للمؤلفين الأرمن، نجد أنهم ينتمون إلى المسرح الأرمنى بفرعيه الشرقى والغربي، قدمت أعمالهم على المسارح المختلفة بالمناطق التى شهدت تجمعات أرمنية، منهم على سبيل المثال لا الحصر  توماس ترزيان  1838-1939  وعملاه «أرشاج الثانى» و«القديسة سانتوخد»، هاجوب بارونيان 1843 1892، ومسرحياته «طبيب الأسنان الشرقى»، «البكاش»، «المتسولون الشرفاء»، «الأخ بغداسار»، ليفون شانط  1869 – 1951  ومسرحيتاه «أميرة القلعة الساقطة» و«الآلهة القديمة» هاجوب ملك هاجوبيان الشهير برافى  1835- 1888 ومسرحياته «صموئيل» و«الشرارة» و«الملوك الخمس» و«دافيت بك» و«المجنونة».
ومن المؤلفين الأرمن أيضا  أفيديس أهارونيان  1866- 1948 ومسرحيته «وادى الدموع»، يرفانت أوديان  1869 – 1926  ومسرحياته «تشارتشله آرتين أغا» «ط فارتان ماميجونيان» و«المسكين»، وكذا آفيديك ساهاجيان 1875 – 1957  ومسرحيته «أبو العلاء المعرى»، هوفانيس طومانيان  1869 – 1924  وعملاه « فى البلد»، «احتلال القلعة»، والكاتب شيرفانزاده ومسرحياته « من أجل الشرف» و«آرمينوهى» و«روح الشر».. ويضيف.. قدموا أعمالاً من كلاسيكيات المسرح العالمى مثل» عطيل»، «هاملت»، « تاجر البندقية»، وأعمال فيكتور هوجو مثل «البؤساء»، «ريجوليتو»، وروايات دستوفيسكى مثل «الجريمة والعقاب» و«قضاء الله على العالم»، وأعمال مؤرمنة من تأليف كتاب أجانب، حولها أرمن من عالم مؤلفيها.
أعمال تاريخية
 ويواصل الكاتب فى مقاله شرح وتحليل المشهد المسرحى للأرمن فى مصر.. «دارت القضايا التى طرحها المسرح الأرمنى المصرى حول المحاور التالية تاريخي، اجتماعى، ثقافى، ركزت القضايا التاريخية على الفترات الحاسمة فى تاريخ الشعب الأرمنى خاصة التحول من الوثنية إلى المسيحية وما صاحب ذلك من اضطهادات، كفاح الشعب الأرمنى من أجل إلقاء وإثبات الذات، حركات التحرر الأرمنى ضد المستعمر، الإبادة العرقية عام 1915... وابتغت هذه الأعمال «تذكير» الأرمن المصريين وربطهم بتاريخهم وبيان مدى ما لاقاه الأجداد فى سبيل الحفاظ على الأرض والهوية، كان التاريخ وسيلة من وسائل تعميق الجذور وترسيخ الهوية الأرمنية، وتعد مسرحية «حرب فارتان» من ألمع صفحات تاريخ المسرح الأرمنى المصري، إذ كان الأرمن يستلهمون منها فى أوقات نكباتهم وفى مهاجرهم تضميد جراحهم وتعبئة روحهم بالوطنية وشحذ هممهم بالرغبة فى الانتصار من أجل بقائهم أحياء مثل «صخور جبال بلدنا أرمينية».
حياتهم فى الأستانة
ولم تقتصر العروض على استلهام موضوعاتها من حياة أرمن مصر فحسب، ولكنها أيضًا استلهمت مادتها من الحياة الاجتماعية للأرمن فى الآستانة والقوقاز وأسقطتها على الواقع الاجتماعى الأرمنى المصري، وكانت محاولة إلى تذويب الفوارق الطبقية بين الأرمن ودعوتهم إلى التلاحم والترابط الأسرى وعدم الزواج من الأجنبيات حفاظًا على الكيان الأرمنى من التمزق والذوبان.. ثمة قضايا أخرى طرحها المسرح الأرمنى تتمثل فى تعريف الأرمن المصريين بثقافات وحضارات الشعوب المتباينة لاسيما الفرنسيين والإسبان والأمريكيين، كما قامت أغلبية المؤسسات والجمعيات الاجتماعية الثقافية الأرمنية التى انتجت عروضًا مسرحية بتوظيف إيراداتها فى خدمة الفقراء والأيتام والمعوزين الأرمن سواء فى مصر أم خارجها، كما خصص إيراد بعض العروض المسرحية لصالح مؤسسة بذاتها أو غرض بعينه وقدمت العروض تكريما للشخصيات المهمة فى ميدان الثقافة الأرمنية، وجدير بالذكر أن جميع المؤسسات والهيئات والجمعيات الطلابية والخيرية والاجتماعية والنسائية والرياضية والحزبية الأرمنية المصرية قد نظمت عروضاً مسرحية لتحقيق جماهيرية أوسع، ونظم الصليب الأحمر الأرمنى عرضا مسرحيا فى ديسمبر 1915 على مسرح برينتانيا بالقاهرة تحت رعاية الجنرال ماكسويل، وقدم الأرمن الكاثوليك مسرحية «هاملت» فى دار الأوبرا الملكية يوم السبت 11 ديسمبر 1943 تحت رعاية الجنرال السير ه.ماتيلاند ويلسون، كما قدمت عروضاً مسرحية بدار الأوبرا الملكية بين عامى 1942-1944 تحت رعاية الملك فاروق الأول وخصصت إيراداتها للتلاميذ الفقراء فى مدرسة نوباريان، قدم الأرمن عروضهم المسرحية على أهم وأفضل دور العرض المصرية، بلغ عدد المسارح «10» مسارح بالقاهرة و«4» بالإسكندرية، أما مسارح العاصمة فهى رمسيس، ريتس «الريحانى»، الأزبكية وحديقته، برنتانيا، كونكورديا، الكورسال، فيردى، الأوبرا، كازينو حلوان، آمباسادور، وفى الإسكندرية  الليسيه فرانسيه، الهمبرا، بيلفيدير، يونيون أرتستيك فرنسيز. ويلاحظ تفوق المسرحيات الكوميدية على نظيرتها التراجيدية.
بناء المسرح الأرمنى المصرى
وأشار عطا درغام.. وضعت عروض الفرق الأرمنية المحترفة الزائرة حجر الأساس فى بناء المسرح الأرمنى المصرى وقد وفدت من الآستانة والقوقاز مع بعض العناصر الفردية من أوروبا.. احتلت فرقة  «جوق» سيروفبى بنجليان صدارة الفرق الوافدة من الآستانة، وقد ضمت هذه الفرقة أفضل العناصر الأدائية الفنية فى المسرح الأرمنى الغربى وتكونت من « 36» فنانا وفنانة تحت إدارة يغيازار ملكيان، وظلت الفرقة تتردد سنويًا على مصر منذ أوائل ثمانينات القرن التاسع عشر حتى عشية الحرب العالمية الأولى لتقديم عروضها المسرحية على أهم مسارح العاصمة والثغر، ولما كانت التركية هى لغة هذه العروض، فقد جذبت إليها الجماهير الملمة بهذه اللغة، أما الفرقة المسرحية الأرمنية القوقازية المحترفة، وصلت مصر فى منتصف ديسمبر 1907 ومكثت بها حتى أواخر يناير 1908 واستقبل المتفرجون الأرمن عروضها التى قدمت باللغة الأرمنية بترحاب شديد. وفى عام 1929 وفدت فرقة جوستانيان مع بعض العناصر المحلية ولم تلق نجاحًا جماهيريًا كبيرًا.
أشهر أعمال فيروز ونيللى
على جانب آخر سرد الدكتور والناقد المسرحى عمرو دوارة أشهر الأعمال المسرحية التى قدمتها أشهر الفنانات الأرمنيات بمصر وعلى رأسهم الفنانة الراحلة فيروز وعائلتها لبلبة ونيللى وميمى جمال، قال دوارة لفيروز مساهمات مسرحية عديدة لا يعلمها كثيرون حيث شاركت قبل اعتزالها النهائى فى بطولة مسرحيتين هما سفير «هاكا باكا» لفرقة «إسماعيل يس» عام 1966، تأليف أبوالسعود الإبيارى إخراج فؤاد الجزايرلى، وقدمت على مسرحى «ميامي» بالقاهرة، و»إسماعيل يس» بالأسكندرية، «شقة وخمسين مفتاح» لفرقة نجوم المسرح حسن أبو داود عام 1969، تأليف كرم النجار ومصطفى جمعة وإخراج أحمد طنطاوى وعرضت على مسرح «إسماعيل يس» بكامب شيزار بالأسكندر، أما الفنانة لبلبة فشاركت بفرق مسارح الدولة - «مصر بلدنا» 1978وفى القومى للطفل «على بابا كهرمانة شكرًا» 1986 وفى القطاع الخاص «المسرح الضاحك» حسن يوسف، «راجل ومليون ست» 1969 ومع الفنانين المتحدين «قصة الحى الغربى» 1972 «شهرزاد»،  «المتشردة» 1978.
ويضيف..كما كان للفنانة نيللى مشاركات مسرحية فى الريحانى «الدلوعة»، «حكاية كل يوم» 1964، «الزوج أول من يلعب»، «عريس فى أجازة» 1966 نجوم العصر، سوق العصر 1969»الفنانين المتحدين «سرى جدا جدا» 1969، «العيال الطيبين»، «حصة قبل النوم» 1972، «مدرسة المشاغبين»، «كباريه» 1974، «سندريللا والمداح» 1973 «مسرح الفن» إنقلاب 1988 «سوق الحلاوة»  وعلى فيصل ندا 1993 «المدرسون ودروسهم الخصوصية»؛ وأخيرا كان للفنانة ميمى جمال نصيب الأسد فى الأعمال المسرحية «أصل وصورة»، «حادث قطار»، «مقالب محروس»، «العبيط» 1964، «أخلص زوج فى العالم» 1965، «نمرة 2 يكسب»، «جوزين وفرد»، «عسكر وحرامية»، «عطوة أفندي» 1966، «مين قتل مين» 1967، «سفاح رغم أنفه» 1970 الحديث 1963» مراتى نمرة 11» 1959، «بين القصرين»، «الستات ما يعرفوش يكدبوا» 1963، «فى بيتنا طفل»  1972 «كلام رجالة» 1971، «حب ورشوة ودلع» 1975،  «المتحدين» وكالة نحن معك 1972، «مدرسة المشاغبين» 1973»، «الهنيدي»، «أنا آه أنا لأ»، «عشرين فرخة وديك» 1977، يسرى الإبيارى «عش المجانين» 1979، وغيرها الكثير.