الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

باهر زاهر: الحركة الثقافية المستقلة تشهد حراكًا غير مسبوق

باهر زاهر: الحركة الثقافية المستقلة تشهد حراكًا غير مسبوق
باهر زاهر: الحركة الثقافية المستقلة تشهد حراكًا غير مسبوق




 تزخر محافظات مصر وخاصة محافظات الصعيد بالعديد من المواهب الشاملة والتى لا تتوقف على نوع بعينه من أنواع الكتابة، باهر زاهر صبحى من مواليد محافظة المنيا 1979 يكتب الشعر ونشرت له قصائد عدة بالعامية والفصحى نشر ديوانه الأول «اشتغالة» سنة 2010 وديوانه الثانى «شابه أباه» عن 2019 كما انشغل بالكتابة المسرحية من خلال عروض الفرق المستقلة فقدم نصوص «عفريت انجليزي» و«باتنين ونص» وحصل به على جائزة مهرجان مسرح ضد التمييز برعاية اتحاد نساء مصر عن النص المسرحى 2018» وحصل كذلك بمسرحية «هُس» على جائزة أفضل عرض مسرحى الفئة «أ» من مهرجان الجيزويت للفنون والثقافة 2019».. التقيناه فى حوار كاشفًا عن رؤيته وأفكاره مسلطًا الضوء على أدب الصعيد وثقافته.
■ حدثنا عن تجربتك مع العمل الثقافى فى محافظة المنيا خصوصا الصعيد عامةً، على المستويين الحكومى والأهلى؟
تجربتى فى العمل الثقافى بمحافظة المنيا بدأت من قصر الثقافة مشاركًا فى مختلف فاعليات نادى الأدب واتحاد الكتاب والمؤتمرات الأدبية حتى تأسيس جماعة أدبية مستقلة عرفت بـ«جماعة حلم الجنوب الثقافية»، ومن بعدها مركزا ثقافيا مستقلا حيث عملنا من خلالهما على توفير الفرصة لشباب المبدعين عبر إتاحة فرص التدريب والعرض والوصول للجمهور عبر قنوات عرض أقل تكلفة وأقل تعقيدًا من المسارح وقاعات العرض الرسمية ووصولا إلى تنظيم مهرجان شمال الصعيد الأول للفنون، والذى جبنا من خلاله عشرات القرى بالمحافظة وتمكنا من اكتشاف أكثر من خمسين موهبة بالقرى الأبعد والأفقر والأكثر احتياجًا تنوعت بين المواهب المسرحية والموسيقية والأدبية والفنون التشكيلية، خلال تلك الفترة يمكننى أن أقول أن الحركة الثقافية المستقلة بالصعيد تشهد حراكا غير مسبوق من حيث الكم فعشرات الكيانات والمراكز الثقافية تفتح أبوابها، ولكن يبقى الكيف والمحتوى يشكل هاجسا فقد لا يتناسب ما تم على الأرض مع حجم وعدد وتمويل الكثير منها، وقد يرجع هذا إلى غياب التغطية الإعلامية مما يجعل الكثير من فاعليات هذه الكيانات بلا جمهور حقيقى سوى الفنانين والمشتغلين بالعمل الثقافى أنفسهم، وأيضا غياب المسارح ودور العرض الأقل تكلفة، والتى تتيح للكثيرين تكوين الفرق الفنية والسعى فى مواجهة الجمهور فليلة عرض تكلف آلاف الجنيهات لإيجار للمسرح فقط تشكل عائقا حقيقيا أمام فرقة مستقلة ناشئة بالصعيد ترغب فى بداية مشوارها الفنى.
■ تنوعت مشاركاتك الإبداعية بين شعر العامية والمسرح، أين ترى نفسك من الكتابة الإبداعية شاعرًا ومسرحيا فى ظل الزخم الإبداعى الذى تشهده الحركتين الشعرية والمسرحية فى مصر الآن؟
أرى نفسى هاويًا ومحبًا للأدب أكثر من كونى محترفا، وهى الصفة التى تمنح صاحبها لذة الشغف والمتعة وتقيه شر التصنع والإنتاج للتواجد والإحباط الذى قد يصيب محترفا موهوبا إن لم تلق أعماله الترحيب اللازم فى ظل سيادة معايير أخرى؛ لتقييم العمل الأدبى أو الفنى عموما، وحتى مع صفة الهاوى فإن هذا لا يمنع المشاركة ومحاولة التجديد والتطوير المستمر لكل نص أدبى سواء كان شعريا أو مسرحيا أو سرديا.
■ هل تتوقف طويلًا أمام اختيار النوع الأدبى الملائم لرؤيتك التى تود طرحها عبر كتابتك شعرًا كانت أو مسرحا؟ أم تكتب ما تريد، كيفما تأتّى لك؟
بما إنى لست غزير الإنتاج واعتدت على التأنى قبل الخوض فى كتابة عمل إبداعى ما فإن الفكرة تأتى عادة مجردة، ولكن لحظة كتابتها تكون قد اختمرت تقريبا واختارت هى لنفسها بنفسها وعاء أدبيا تخرج فيه للناس، كما أنى أميل لطرح القضايا العامة وما يهم الناس مباشرة على المسرح، بينما يكون النص الشعرى وعاء أكثر ملاءمة عندى للحديث عن الذات والنفس البشرية عموما بكل صراعاتها وتعقيداتها الشعورية.
■ كيف ترى المسرح والشعر الدينى اللذين تقدمهما الكنيسة؟ وهل ترى الفن بوصفه غاية؟ أم بوصفه وسيلة لأداء مضمون معرفى معين يتم تحديده سلفًا؟
أولا: هذا سؤال مهم وشائك ويستحق التحية لأنه يتطرق إلى مناقشة مجال فنى على ضخامته وغزارة إنتاجه قلما نراه موضوعا للمناقشة خارج وسائل الإعلام التابعة رسميا للكنيسة، فقد ظل الإنتاج الفنى الكنسى حبيسا للدور الوعظى لفترات طويلة بل ويمكن القول أنه كان مقيدا بقيود دينية وعقائدية لا حصر لها، صحيح أن الفن الكنسى لابد أن يبقى معبرا عن رؤية الكنيسة التى ترعاه وتقدمه ومتماشيا مع دورها الروحى وعقيدتها إلا أن الأمر يشهد انفتاحا كبيرا الآن فصرنا نشاهد العروض الكوميدية والمسرح الاجتماعى والمسرح النفسى «السايكودراما» على المسارح الكنسية، وهنا لابد أن أذكر أن محافظة المنيا تحديدا تشهد ثورة حقيقية تتمثل فى أكاديمية الموهوبين التى أسسها ويرعاها نيافة الأنبا مكاريوس الأسقف العام وأشرف بالعمل فيها متطوعا كمدرب للقسم الأدبى التى تقدم تدريبا فنيا حقيقيا يقوم به مدربين من المسلمين والمسيحيين أسفر فى خمس سنوات هى عمر الأكاديمية عن عروض غير دينية وفرق تقدم الأغانى الوطنية والمقطوعات الموسيقية إلى جانب الترانيم والألحان الكنسية التقليدية، وصرنا نشاهد فرقا كنسية تشارك فى المهرجانات الفنية بعروض تناقش موضوعات عامة وتنافس بشدة كغيرها مما يعنى أن حتى الفن الكنسى صار تدريجيا أكثر انفتاحا على مفهوم الفن للفن.
■ متى بدأت كتابة الشعر؟ نشرت ديوانك الأول «اشتغالة» الصادر  عام 2010، كان عمرك إذاك 31 عامًا، هل تظن أن النشر خطوة تأخرت كثيرا حينها؟ وها أنت تنشر ديوانك الثانى «شابٍه أباه» بعدها بتسعة أعوام، هل تعتبر نفسك من المقلّين كتابةً ونشرًا؟ ولماذا؟
قد أكون من المقلين نشرا بالفعل وان كان إنتاجى المكتوب أكثر من المنشور بعدة أضعاف ولكنى أحب الحذر قبل تقديم نصا جديدا للقارئ، فإما أن يحمل النص الجديد تطورا يعبر عن تطور موهبة وتجربة صاحبه، ويقدم للقارئ تجربة جديدة فى الشكل والمضمون أو يبقى حبيس المفكرة الشخصية كتجربة شعورية لطيفة لكنها لا ترقى بعد لمستوى النشر.
■ هل يمكن اعتبار ديوان شابه أباه، متتالية نصّية، أى ديوان يأخذ شكل المشروع المتماسك؟ أم هو مجموعة نصوص كُتِبَتْ فى أجواء متفرقة، بمضامين مختلفة وإن جمعته الروح ذاتها؟
أميل لاعتبار «شابه أباه» مشروعا متماسكا حاولت فيه أن أقدم ما يشبه السيرة الذاتية عبر شذرات شعرية تتنوع فى الأسلوب والموضوع، يمكن تماما قراءة كل منها على حدة ولكنها تبقى معا معبرة عن روح واحدة بدون أن يفقد النص الواحد فيه ذاتيته واستقلالية موضوعه وتفرد أسلوبه.
■ كيف ترى تجربتك الشعرية من حيث علاقتها بالآباء الشعريين؟ وكيف تنظر إلى مستقبل الشعر العامى؟
تفتحت محبتى للشعر حقيقة على يدى بيرم التونسى وأحمد فؤاد نجم حيث التعبير الأبسط والأقرب لروح الشارع لغة وموضوعا ويعتبر عبدالرحمن الأبنودى وفؤاد قاعود «المظلوم المنسى» هما بوابتى لعالم أرحب يأخذ العامية إلى عالم الشعر الأوسع من بوابة الزجل والأبعد عن المباشرة، احترم مدرسة فؤاد حداد جدا وأتعلم منها لكنى قد لا أعتبر نفسى من أبنائها المباشرين، فللشعر  العامى جذور ومستقبل أكبر بكثير من حصره فى مدرسة واحدة وإن كانت عظيمة بالفعل وغزيرة الإنتاج، وأرى أن الشعر العامى ينتظر ثورة شعرية جديدة حين يأتى جيل قادر على التمرد على كل المدارس الشعرية الموجودة ليتكلم بصوته الخاص معبرا عن همومه وما يشغله بطريقته صانعا بهذا مدرسة لا تهدم ما قبلها بل تضيف إليه، وهذا هو مستقبل الفن الجيد عموما أن يتعلم مما سبقه كى يسبقه، ويضيف إليه فيصبح ابنا بارا للموروث له بصمته ولونه أكثر من كونه تابعا مقلدا.