الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الشاعر السورى نواف يونس: أوضاع المهمشين والمطحونين.. قضية الكتاب والمثقفين

الشاعر السورى نواف يونس:  أوضاع المهمشين والمطحونين.. قضية الكتاب والمثقفين
الشاعر السورى نواف يونس: أوضاع المهمشين والمطحونين.. قضية الكتاب والمثقفين




نواف يونس شاعر وقاص ومسرحى وناقد وكاتب صحفى سوري، يقيم فى الإمارات، وهو أيضا عضو اتحاد الكتاب الإماراتيين، والاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب ويعمل بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، بدأت الكتابة لديه من خلاله إدراكه لمعضلة الحياة.. نواف يونس الذى احترف الصحافة، واستهل مسيرته الإبداعية بالشعر آواخر الستينيات من القرن الماضى، هو أحد المبدعين الكبار الذين اختطوا مسارا جماليا مغايرا على مستوى الشكل والبناء، متكئا على ثقافة رفيعة وعميقة مثلت مظلة واسعة ينهل منها ويوظف عناصرها فى إنجاز مشروعه الإبداعى الثقافى  الراسخ.
تكتظ عوالم «يونس» القصصية والمسرحية بأنماط من البشر ونماذج إنسانية تضم بشرا عاديين ومهمشين وفقراء ومنسحقين وقتلة وفاسدين ومغنيين ورواة وحكاءين.. عالم زاخر يموج بالأساطير المؤسسة لواقع مؤلم وحزين.. عالم يرصد دراما التحولات العاصفة التى ضربت العالم العربى فى الربع الأخير من القرن المنصرم.عُنى يونس بهذه التحولات العاصفة، لأنها هى التى تحدد احتمالات المستقبل، ولأنها تحولات تتم فى الواقع بسرعة رهيبة، وهناك تغيرات كبيرة طرأت على سلوك وأوضاع الأفراد فى المجتمع، ونمط تفكيرهم، من هنا اشتغل نواف يونس من خلال مشروعه الإبداعى على رصد التحولات المعرفية، والاجتماعية، والسياسية، لكن من خلال الذائقة الجمالية والبنى الاجتماعية. وبديهى أن يكون نواف يونس ابن فترة القلق العظيم شاهدًا ومؤرخًا ومسجلاً جماليًا لهذه التحولات التى تفتحت عيناه عليها جديدة، من أعماله القصصية حلم تحت خط الصفر، ومن أعماله المسرحية الرحيل، ومن أعماله الشعرية: رماد الأصابع، كما فاز بالعديد من الجوائز.. حول تجربته الإبداعية وخبراته المتراكمة دار حوارنا معه.
■ كيف ترى اختيار الشارقة عاصمة عالمية للكتاب للعام 2019؟
من حسن حظى أننى كنت شاهدا و مشاركا فى مشروع الشارقة الثقافى الذى انطلق فى بداية الثمانينيات من القرن الماضى، والذى يتبناه شخصيا صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمى عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، وتابعت هذا المشروع بصفتى كإعلامى فى المجال الثقافي، وشاركت فى الفعاليات التى تتضمن الإصدارات الجديدة، والجوائز الثقافية فى المسرح والفن التشكيلي، وكل الأجناس الأدبية من شعر ورواية وقصة قصيرة، وهذا المشروع الذى بدأ بالاهتمام بالطفل، والاستثمار والتنمية فى الإنسان، فهناك المسرح المدرسى والورشات التى بدأت فى المدارس التى تشارك فى المهرجانات المدرسية والجامعية والشبابية إلى أن نصل إلى مهرجان أيام الشارقة الثقافية والذى سيتم افتتاحه بعرض عربى هو العرض المصرى «الطوق والأسورة» الذى فاز بجائزة الهيئة العربية للمسرح بالقاهرة، هذا المشروع يؤسس للبنية التحتية والبيئة الثقافية والاجتماعية بدعم مادى ومعنوى من حاكم الشارقة.
■ ما دلالة حصولك على جائزة شخصية العام الثقافية من حاكم الشارقة.. ماذا مثل لك هذه الجائزة؟
حصولى على هذه الجائزة إن دل على شيء فإنه يدل على الرعاية الثقافية لصاحب السمو الشيخ سلطان القاسمى انطلاقا من الشارقة وامتدادا للوطن العربى من المحيط إلى الخليج، فقد فاز بالجائزة شخصيات اعتبارية وثقافية من مصر الجزائر والمغرب ودول الخليج والمشرق العربى.
■ أكملت دراستك فى القاهرة.. حدثنا عن هذه التجربة؟
أتيت إلى القاهرة فى بداية ستينيات القرن الماضي،عندها كانت القاهرة منارة ثقافية للعالم العربى بكامل، شاهدت عروض المسرح القومى مثل: المفتش العام، وطائر النورس لتيشكوف، وغيرها. كان سعر الكتب قرش صاغ واحد، وفى حقبة الستينيات والسبعينيات كان التعليم فى مصر واجهة حضارية، لكن كان هناك الرقيب على المطبوعات.
■ ما الفرق بين القاهرة فى الماضى والقاهرة اليوم؟
المتغيرات التى عصفت بالعالم سريعة الإيقاع، واجتاحت الكثير من المعايير التى كنا نعتمدها فى جوانب كثيرة من الحياة ولكن دائما الشعوب والقوة الناعمة ممثلة فى الثقافة هم من يحافظون على هوية الشخصية وسط هذه المتغيرات السريعة.
■ قصصك تهتم بالمهمشين والمسحوقين.. هل تعتقد أن الكتابة هى الملاذ الأخير لهؤلاء فى الدفاع عن حقوقهم؟
أوضاع المهمشين والمطحونين هى القضية الأساسية لنا ككتاب ومثقفين ندعى الثقافة ونحمل لواء الدفاع عن قضايا الإنسان العربي، وشخصيات قصصى أغلبها هامشية ذات أسماء هامشية مثل غريب أو بدوي، وهى ذات رموز دلالية أكثر منها واقعية.
■ ألم تفكر فى كتابة رواية؟
لدى محاولات فاشلة عديدة فى كتابة الرواية، ولدى حس نقدى قوي، وكلما تقدمت فى كتابة روايتى التى أشتغل عليها الآن وهى بعنوان» مقامات الشيخ على البحرى» أقوم بتغيير الكثير من الجمل والأفكار، وتضم مجموعة رسائل توجه إلى أحد أصحاب مقامات الأولياء الصالحين، وفى هذا الزمن فقد الإنسان الأمل فى أى حل، فأصبح يكتب رسائل استعطاف وطلب المساعدة من الأولياء الصالحين، فشخصيتنا العربية تعيش الكثير من التناقضات فنحن نحب الأسود والأبيض معا.
■ أعمالك مفعمة بالسخرية.. ما مصدرها؟
مصدر هذه السخرية هى دراستى للفلسفة لأنى تخرجت فى قسم الفلسفة بكلية الآداب، وأتناول القضايا بشيء من السخرية المحببة والحقيقية، فإذا زادت جرعة السخرية عن المطلوب تكون غير مرغوبة، يجب أن توزن السخرية حتى تكون إبداعية وفلسفية وتأصيلية.
■ أنت الآن على أبواب السبعين.. ما الكتابة التى تطمح للوصول إليها؟
أتمنى أن اعتزل الكتابة فى سن السبعين، لكن للأسف تطاردنى الكتابة فى كل مكان، فى القطار والطائرة، والليل، والنهار، إما أن تقرأ أو تكتب. والعمل الصحفى هو الذى سبب هذه الأزمة.حيث أصبح مطلوبا منى أن أقرأ 23 ساعة فى اليوم، والباقى للنوم. لكنها حياة جميلة، ولو خيرت أن أعيد تجربتى الحياتية، فبالتأكيد سوف أختار مهنة الكتابة والصحافة بكل متاعبها؛ لأنها قدر لبعض الناس أمثالنا.
■ كيف يتصارع الناقد والمبدع فى داخلك؟
لا إبداع من دون النقد، فالنقد هو الذى يصحح ويعدل مسار الإبداع فكريا وفنيا، ولكل عصر معاييره النقدية، ومسطرته النقدية، التى تواكب الكتابات الجديدة،وما يحيط بها من ظروف ومعطيات تؤثر فى مسيرة الإبداع. لكنى لا أعترف بوجود نظرية نقدية عربية أو فرنسية أو أمريكية، كلها نظريات نقدية حضارية وإنسانية، رغم أن النقاد العرب استلهموا العديد من النظريات النقدية ومن أبرزها البنيوية، وتفكيك النص، وهو ما حال دون وجود النقد الانطباعى الذى أنحاز إليه كثيراً؛ لأنه يعتمد على ثقافة الناقد وعلاقته بالنص المحلي، وبيئته الاجتماعية، وظروفه الحياتية التى ولد منها هذا النص.
■ كيف تنظر بعين المثقف للوضع الملتهب فى سوريا؟
شهدت السنوات الماضية الكثير من الدمار لسوريا، ولكننا نأمل بمستقبل أفضل، وأستشهد هنا،بمقولة الزعيم الأفريقى نلسون مانديلا: إن الحل الأمثل لكل مشاكل جنوب أفريقيا هو التسامح والتوافق من أجل الوطن وهذا ما آمله فى سوريا كوطن أحبه ومسقط رأسي، ولدور سوريا الوطنى والثقافى والاجتماعى فى وطننا العربي. والمسألة لم تعد متعلقة بدور المثقف، فالذى يسأل من الناس، ما دور المثقف؟ يجعلنا على يقين أنه يعرف هذا الدور، ومن يطرح سؤالا كهذا عليه أن يسأل عن دوره هو؛ لأن الوعى بالسؤال يضمر الوعى بإجابته، اليوم كل إنسان عليه أن يسأل نفسه ما دوري، أما المثقف فليس بالضرورة هو المثقف الموجود اليوم، فهو كل مثقف عاش وقدم شيئا لم يزل موجوداً حتى لو رحل عنا.
■ كيف ترى معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الخمسين التى تتزامن مع اليوبيل الذهبى لتأسيسه؟
أبارك لمصر وللمعرض يوبيله الذهبى والمعرض جسد مكانة القاهرة الثقافية عربيا.،فأن تبقى الثقافة وتستمر فهذا يعنى أن هناك مكانا لنا فى المستقبل،وهذا ينطبق على ضرورة وود معارض كتب عربية،ومشاركتى فى معرض القاهرة هذا العام كانت فرصة لكى أرى بعينى وأعيش فعاليات هذا المعرض، وخصوصا أنه حفل هذا العام بعدد كبير من أعلام الثقافة والأدب فى العالم العربى والعالم.