الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

د.شوقى علام وريث الأنبياء

د.شوقى علام وريث الأنبياء
د.شوقى علام وريث الأنبياء




على مر التاريخ، يشكل العلماء حصن الدفاع الأول عن الأمة، بمعتقداتها وشرائعها ضد الظلام، فلن تنهض الأمم إلا بالعلماء، لذا استحقوا المكانة العالية فى الإسلام، فهم الذين يحملون أمانة العلم والمعرفة إلى العالمين، هم المنارة التى تهتدى بها الشعوب، وقد وهبنا الله عددا كبيرا من «ورثة الأنبياء» الذين نفخر بهم بين الأمم، بينهم الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية.
يتمتع بشخصية هادئة، هدوء العالم الحكيم، حاسم، لا يدخل فى صراعات، هو أول مفتى للجمهورية يأتى بالاقتراع السرى بهيئة كبار العلماء، إذ انتخب الاثنين 11 فبراير 2013  فى اقتراع سرى، وذلك بعد التعديلات التى أجريت بقانون الأزهر.
■ ■
الدكتور شوقى علام تولى الإفتاء فى فترة عانت فيها البلاد حالة من الاضطرابات بسبب حكم «الجماعة الإرهابية» ومحاولات التدخل فى  شئون الأزهر والمؤسسات الدينية،  كان نموذجا يحتذى به فى كل شيء فقد سن تقليدا جديدا لأول مرة فى تاريخ دار الإفتاء المصرية، وهو إجراءات التسليم والتسلم بين مفتى الجمهورية المنتهية فترة عمله، ومفتى الجمهورية الجديد، تأكيدا على قيمة الوفاء.
منذ يومه الأول وضع دستورا لدار الإفتاء، يقوم على التصدى لجميع الفتاوى التى تصدر من أشخاص غير مسئولين خارج الدار، والتى تخلقها بعض العقول الشاذة، كذلك أنه لم يسمح لأحد لجره للمعترك السياسى أو الحزبى أبدا، وأنه سيحافظ على وسطية الدار والإفتاء.
لم ينس مفتى الديار المصرية شركاء الوطن فى «عام الشدة» الذى حكم فيه الإخوان، حيث بث لهم رسالة طمأنينة وأمان معلنا للجميع أنهم جزء لا يتجزأ من هذا البلد وأن العمل معهم فريضة وطنية.
ولم يعرف عنه وقتها الكثير سوى أنه من مواليد محافظة البحيرة  عام 1961، ورئيس قسم الفقه بكلية الشريعة والقانون، ولكن كانت له جهود علمية جعلت هيئة كبار العلماء تصوت لصالحه كمفتى للجمهورية.
يمتلك شيخنا الجليل 25 مؤلفا فى «الحقوق السياسية للمرأة المسلمة دراسة مقارنة بين الفقه والقانون، والقواعد الفقهية ودورها فى التفسير القضائى للعقد عند التنازع فى ألفاظها، والمرأة والعولمة فى شبه الجزيرة العربية، المرأة المسلمة فى العصر الحديث».
■ ■
منذ توليه الإفتاء يعمل دائما فى صمت ومع ذلك أصبحت جهوده على الساحة العالمية والوطنية محل أنظار الجميع، ومع زوال حكم الإخوان وتنامى  محاولات الجماعة الإرهابية والفكر المتطرف السيطرة على عقول الشباب والمجتمع من خلال أفكار وتوجهات متطرفة باسم الدين كان للدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية جهود كبيرة فى الوقوف فى وجه التطرف والإرهاب.
أطلق الشيخ المستنير مبادرة عاجلة أواخر 2013 لتفنيد فكر التكفير وتحذير المجتمع من الانجرار إليه، كما قام بإنشاء مرصد بالدار يرصد ويتتبع فتاوى التكفير ومقالاته على مدار الساعة فى كل وسائل الاتصال والفضائيات وشبكة الإنترنت، إيمانا بأنه من خلاله يمكن التعاطى مع الحدث بشكل أسرع وأكثر إيجابية.
المفتى رغم أن خروجه الإعلامى كان قليلا، إلا أنه ظهر بقوة  فى المرحلة الانتقالية التى مرت بها مصر ليعلن الموقف الشرعى من الوقوف بجوار الوطن وحفظ دماء المصريين، لا سيما مع محاولات الجماعة الإرهابية إسالة الدماء بسبب إطاحة المصريين بهم من سدة الحكم.
كانت أولى الرسائل الموجهة من المفتى فى هذا الوقت التأكيد على أن دماء المصريين كلها حرام وضرورة الإدانة لكل عمل يدفع أهلنا للقتل بالقول أو الفعل، والوصول لوسيلة للتعايش السلمي، باعتبار أن كل الأديان تحقن الدماء وجعلت من يقتل نفسا بغير حق كمن يقتل الناس جميعا.
دعم كل ما يحفظ دماء المصريين ويردع الإرهاب بأشكاله وألوانه ويحقق السلم والأمن الاجتماعيين، وكانت أشهر كلماته أن الإرهاب والشغب لن ينتصرا على مصر.
رغم عدم اشتغاله بالسياسة، إلا أن حسه الوطنى دفعه إلى توجيه رسالة فى مطلع  عام 2014 للشعب المصرى بكل شرائحه أن يلبوا نداء الوطن للخروج والمشاركة فى استفتاء الدستور للتقدم بمصر وعدم السماح لحملات الصدام مع الدستور.
■ ■
تبنى الدكتور شوقى علام نهجا دينيا وسياسة وطنية واضحة مفادها أن الدولة أقوى من الجماعات والأفراد، وأن الإسلام باق حتى لو زال حزب الإخوان، وأعلنها واضحة أنه يقف بشدة ضد كل ما يهدد مؤسسات الدولة ويريد تقسيمها ويحاول التشكيك فيها، وأن مؤسسات الدولة جيشا وشرطة وإعلاما هى الحاكمة لأمن هذا المجتمع وأمانته، وأى محاولة لهدم تلك المؤسسات هى هدم للدولة المصرية.
لم تكن مواقف المفتى من الإرهاب داخل مصر فقط، بل كانت له جهود عالمية فى مواجهة التطرف، إذ أطلق حملة عالمية فى مواجهة التطرف والإرهاب وتصحيح صورة الإسلام فى الغرب عام 2015، واعتبر أول مسئول مصرى منذ عام  2011 يكتب فى صحف عالمية ضد التطرف، بدأها بكتابة مقال فى «وول ستريت جورنال» الأمريكية الأوسع انتشارًا فى الولايات المتحدة الأمريكية والعالم، حول الأخطاء المنهجية للجماعات الإرهابية، ثم مقال باللغة الفرنسية بصحيفة «لوموند» الفرنسية الأوسع انتشارًا فى فرنسا حول تحديات التطرُّف الدينى فى الواقع المعاصر، ومقال بصحيفة «ذى أونتاريو هيرالد» الكندية يبين  حقائق الدين الإسلامى فى ظل حملات التشويه التى يتعرض لها الإسلام فى الإعلام الغربى.
■ ■
هو صاحب حكمة تميزه فى اختيار موضوعاته الوطنية، حمل على عاتقه تحسين صورة الإسلام وتقديمه بالشكل اللائق به بعد أن استشعر أن جماعات الظلام قد شوهته فى الداخل والخارج، فكان أن تصدى بمنهج مؤسسى كحائط دفاع عن الوطن ضد الهجمات المتطرفة والأفكار الهدامة، وشعاره دائما أن مصر والوطن قبل أى شيء وحماية شعبها وضمان استقراره هو رسالة الدين التى ينبغى أن يقدرها ويعيها الجميع، لأجل ذلك وأكثر وجدناه يستحق وسام الاحترام.

 

روزاليوسف