الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

المستشار حسين عبده خليل لـ«روزاليوسف»: أنقذنا الدولة من دفع 115 مليار جنيه فى منازعات داخلية وخارجية خلال 5 أعوام

المستشار حسين عبده خليل لـ«روزاليوسف»: أنقذنا الدولة من دفع 115 مليار جنيه  فى منازعات داخلية وخارجية خلال 5 أعوام
المستشار حسين عبده خليل لـ«روزاليوسف»: أنقذنا الدولة من دفع 115 مليار جنيه فى منازعات داخلية وخارجية خلال 5 أعوام




وقار رجل القضاء يسيطر على جوارحه، وفى مواجهته إحدى حوائط مكتبه وقد تراصت صور رؤساء الهيئة منذ نشأتها فى عام 1876 وحتى اللحظة التى يقف فيها أمامهم متأملًا تاريخ رجال عظماء حملوا لواء الدفاع عن المال العام وحققوا من الانجازات والنجاحات قدرًا لا يغفل التاريخ عن ذكره، ليعلن أمامهم فخره بالانتساب لصرح قضائى كبير بحجم «هيئة قضايا الدولة».
هيئة هى الأقدم بين هيئات القضاء المصرى المستقلة، حماية الحق والمال العام دورها الأساسى وفقًا لأحكام الدستور والقانون تمثل النيابة المدنية القانونية عن الدولة يتصدى قضاتها للدعاوى والمنازعات فى الداخل والخارج لتمثل حائطًا منيعًا لصد محاولات الاعتداء على المال العام المملوك للشعب.
دور الهيئة لا يتوقف عند هذا الحد بل يشمل إلى الدور الذى تلعبه الهيئة لتسوية المنازعات التى تكون الدولة طرفا فيها، والرقابة الفنية على إدارات الشئون القانونية فى الجهاز الإدارى للدولة، وإعداد وصياغة العقود التى تكون الدولة طرفًا فيها.
المستشار حسين عبده خليل، رئيس هيئة قضايا الدولة، أحد قضاتها الأجلاء وحامل راية استرداد المال العام، قال لـ«روزاليوسف»: إن الهيئة نجحت فى تجنيب الدولة دفع ما يزيد على 107 مليارات جنيه على مدار 3 سنوات من خلال التصدى لعدد من المنازعات الدولية التى كانت مصر طرفًا فيها.

 

■ «الحفاظ على المال العام» باعتباره أهم اختصاصات الهيئة،، ما أبرز ملامح الدور المنوطة به وفقاً للدستور والقانون؟
- وفقًا لدستور 2014 فقد أنيط بهيئة قضايا الدولة عدة اختصاصات باعتبارها هيئة قضائية مستقلة فهى تختص بالنيابة القانونية عن الدولة فى الدعاوى والمنازعات فى الداخل والخارج وثانيها تسوية المنازعات التى تكون الدولة طرفًا فيها فى أية مرحلة من مراحل التقاضى وثالثها صياغة عقود الدولة وأخيرًا الإشراف الفنى على إدارات الشئون القانونية بالجهاز الإدارى للدولة.
ونصت مواد الدستور على تمتع أعضاء الهيئة بجميع الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطة القضائية لتمكينهم من الدفاع عن الحق والمال العام، ونيابة الهيئة عن الدولة ليست وكالة بل هى نيابة مصدرها الدستور والقانون فهى نيابة مفروضة على الأصيل والنائب معاً بحيث لا يجوز لأيهما أن ينهى هذه النيابة أو يغيرها ولا يجوز للأصيل أن يختار نائباً آخر عنه يمثله أمام القضاء.
■ هل فعلت الهيئة اختصاصها بصياغة العقود التى تكون الدولة طرفًا فيها؟
- اعداد وصياغة العقود التى تبرمها الدولة أصبح وفقًا للدستور من ضمن اختصاصات الهيئة الأصيلة حيث يعد ضمانة لصياغة تلك العقود صياغة قانونية سليمة وبالتالى لا تقع الدولة فريسة بعض العقود التى تُصاغ بشكل غير دقيق من الناحية القانونية مما يترتب عليها مشكلات عند تنفيذ العقد أو تعويضات بحجة مخالفة نص غير واضح أو غير دقيق المعنى.
وتنتظر الهيئة صدور تعديلات قانون الهيئة لتفعيل ذلك الاختصاص وإن كانت بعض الجهات الإدارية فعلت النص باعتباره واضح الدلالة والمعنى.
■ وماذا عن اختصاص هيئة قضايا الدولة بالإشراف على الإدارات القانونية؟
- هو اختصاص أوكله الدستور للهيئة وقد بدأت الهيئة بالفعل مع بعض الوزارات والمحافظات فى إنشاء أقسام قضائية بالوزارات والمصالح الحكومية بلغ عددها 12 قسماً، وفى المحافظات بلغ عددها 19 قسماً قضائياً، وفى الهيئات العامة بلغ عدد أقسام الهيئة المنشأة بها 4 أقسام، للإشراف الفنى على الإدارات القانونية بها وهو ما حقق بالفعل سرعة فى إنجاز تحضير المستندات والمذكرات والمعلومات وإرسالها للقسم المختص بالهيئة لتسليمها للمستشار المختص بمباشرة الدعوى وتقديمها فى أسرع وقت ممكن بعد إعداد الدفاع القانونى اللازم للمحكمة المختصة، وهو ما حقق العدالة الناجزة فى الفصل فى تلك الدعاوى.
■ ما أهم القضايا التى ربحتها الهيئة والمبالغ التى أعادتها لخزينة الدولة؟
- تقوم الهيئة بدورها أمام القضاء فتدافع عن الدولة فيما يُرفع منها أو عليها من دعاوى فى الداخل والخارج، ففى الداخل تنوب الهيئة عن الدولة بكل شخصياتها الاعتبارية العامة إلا ما استثنى بنص القانون من الهيئات العامة، كما تنوب عن الدولة بسلطاتها الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية.
وقد تصدت الهيئة للكثير من القضايا وحصلت على الكثير ليبلغ إجمالى ما حصلته الهيئة لصالح الدولة خلال عام 2018 «153 مليونا و997 ألفا و708 جنيهات، وجملة الأراضى التى استردتها الهيئة للدولة خلال ذات العام 37092 فدانا، كما جنبت الهيئة الخزانة العامة عن دفع مبلغ 8 مليارات و96 مليونا و44 ألفا و968 جنيهاً.
■ وماذا عن النجاحات التى حققتها الهيئة فى المنازعات الخارجية؟
- حققت الهيئة لصالح الدولة بمباشرتها المنازعات الخارجية والتحكيمات الدولية المقامة ضد الدولة، العديد من النجاحات فخلال الفترة من «30/6/2013 حتى 1/6/2018» فقد بلغ إجمالى تلك المنازعات التى باشرتها الهيئة 39 منازعة وتحكيم دولي، حُكم لصالح الدولة المصرية منها فى 10 منازعات وتحكيم دولي، وصدر ضد الدولة حكم واحد ضدها، ودرأت الهيئة عن الخزانة العامة دفع مبلغ 107 مليارات و203 ملايين و330 ألف جنيه مصرى تقريباً.  
■ ما شكل التعاون بين الهيئة والهيئات الأخرى المنوطة بحماية المال العام، وهل هناك عقبات تواجهها الهيئة؟
- الهيئة وفقاً للدستور والقانون تنوب عن الدولة فيما يُرفع منها أو عليها من دعاوى أمام جميع الجهات القضائية مثل المحكمة الدستورية العليا، ولدينا قسم خاص بالمحكمة الدستورية العليا، يباشر جميع الدعاوى المنظورة أمامها وكذلك تباشر الهيئة جميع الدعاوى المرفوعة من أو على الدولة أمام القضاء العادى ومحاكم مجلس الدولة، وقد أكدت المحكمة الدستورية العليا فى العديد من أحكامها أن دور الهيئة يساعد ويسهم فى تحقيق العدالة باعتبار الهيئة أقدم الهيئات القضائية فى مصر والشرق الأوسط وساهمت فى إنشاء جميع الجهات والهيئات القضائية الأخرى وأعطت من اختصاصاتها لتلك الجهات والهيئات الكثير، بل ودعمت تلك الجهات والهيئات القضائية على مر العصور بالعديد من مستشاريها وترأس بعضها البعض من أبرز مستشارى الهيئة منهم على سبيل المثال: المستشار الدكتور عوض المُر، رئيس المحكمة الدستورية العليا، الذى بلغت فى عهده المحكمة الدستورية العليا المرتبة السادسة على العالم، والمستشار الدكتور السنهوري، الذى ترأس مجلس الدولة عند إنشائه، كما كان المستشار عبد الحميد باشا بدوي، رئيس هيئة قضايا الدولة الأسبق أول قاض مصرى عربى عضواً بمحكمة العدل الدولية.
كما أن الهيئة عند مباشرتها لاختصاصاتها إذا تكشف لها أية صورة من صور الفساد أو الإضرار بالمال العام تقوم بإخطار الجهات الرقابية والقضائية المختصة لاتخاذ شئونها، أما بالنسبة لقضايا الفساد المتداولة أمام القضاء فإن الهيئة لا تألوا جهداً فى التدخل فيها والادعاء مدنياً وفقاً للقانون لمصلحة الشعب المصري، وتساعد جهات العدالة فى تسهيل مهمتها إظهاراً للحقيقة.
■ ماذا عن العقبات التى يواجهها أعضاء الهيئة خلال أداء عملهم؟
- يواجه بعض مستشارى الهيئة أثناء العمل، ولكن يتم التواصل مع تلك الجهات أوالهيئات الأخرى ذات الشأن لإزالة تلك العقبات ومعوقات العمل، والحقيقة أن تلك الجهات والهيئات تتفهم دور الهيئة وأنها خصم شريف فى مباشرة عمل الهيئة القضائى وتستجيب لإزالة تلك المعوقات لعمل الهيئة حرصاً منا جميعاً على الصالح العام.
■ هل هناك تضارب فى الاختصاصات بين الهيئة والهيئات الأخرى؟
- لا يوجد تضارب بين دور الهيئة وأى هيئة أو جهة أخرى وفقاً لما نص عليه الدستور المصرى بنص المادة 196 منه، فدور الهيئة الأساسى فى النيابة عن الدولة فيما يُرفع منها أو عليها من دعاوى فى الداخل أو الخارج دور أساسى مقرر وفقاً للنظام القضائى المصرى منذ أكثر من 144 عاماً ولا تقوم به سوى الهيئة التى أُنشأت سنة 1876م، وما نشأ من هيئات أو جهات قضائية أخرى تالية على تاريخ نشأتها.
■ ما دور قسم المنازعات الخارجية، وآخر النجاحات التى حققها؟
- يختص قسم المنازعات الخارجية بهيئة قضايا الدولة والذى أقوم برئاسته شخصياً بمباشرة قضايا التحكيم الدولى بنوعيه التجارى والاستثمارى أمام هيئات التحكيم الدولية المختلفة، فمنذ بداية الثمانينيات بدأ القسم بمباشرة هذا النوع من القضايا على نطاق ضيق نظراً لقلة قضايا التحكيم الدولى المرفوعة ضد الدولة المصرية آنذاك، ومع ازدياد عدد قضايا التحكيم الدولى ولجوء المستثمرين الأجانب له كوسيلة لفض المنازعات أزدهر دور القسم خاصة عقب ثورة 25 يناير 2011، وعلى إثر ذلك قام القسم بعمل العديد من التطورات لمواكبة كيف وكم القضايا المتلاحقة.
ويوجد داخل القسم مجموعات عمل؛ تختص بكل ما يتعلق بالقانون الدولي، وتضم أعضاء يتقنون عدة لغات أجنبية بطلاقة، وسبق لبعضهم الدراسة فى جامعات أجنبية، والبعض الآخر عمل فى مكاتب محاماة دولية قبل الالتحاق للعمل بالهيئة ومدربين على هذا النوع من القضايا المعقدة والتى تتعرض لأكثر من فرع من فروع القانون الداخلي، والقوانين الأجنبية، وكذا القانون الدولى ومبادئه العامة، ويقوم بتوجيه الأعضاء مشرفين من ذوى الخبرة والدراية الواسعة بالتحكيم والمنازعات الدولية.
■ ما عدد المنازعات الخارجية التى خاضتها الهيئة مؤخرًا؟
- قام قسم المنازعات الخارجية بالهيئة؛ فى السنوات الأخيرة بمباشرة عدة منازعات تحكيمية ليبلغ عدد القضايا التى تباشرها الهيئة حوالى 22 قضية تحكيمية أمام المركز الدولى لتسوية منازعات الاستثمار التابع للبنك الدولى (الإكسيد)، والمحكمة العليا بلندن، والمحكمة الفيدرالية بنيويورك، وغرفة التجارة الدولية بباريس، ومحكمة التحكيم الدائمة بلاهاي، ومحكمة الاستثمار العربية، والمحكمة الإدارية لجامعة الدول العربية، ومركز القاهرة الإقليمى للتحكيم التجارى الدولي.
وبلغ إجمالى المنازعات الخارجية والتحكيمات الدولية خلال الفترة من 30 يونيو 2013 حتى 1 يونيو 2018، 39 منازعة وقضية، صدر منها لصالح الدولة المصرية أحكاماً فى عدد 10 قضايا ومنازعات استثمارية دولية، قيمة المطالبات المالية فى تلك المنازعات التى قضى فيها لصالح الدولة 107 مليارات و203 ملايين، و330 ألف جنيه مصرى تقريباً لتنقذ الهيئة خزانة الدولة من دفع تلك المبالغ الكبيرة، ولم يصدر ضد الدولة سوى حكم وحيد فى قضية تتعلق بعقد نظافة بين محافظة القاهرة وشركة أجنبية والمبلغ المقضى به فى التحكيم كان مسلماً به من قبل الدولة.
■ حدثنا عن دور الهيئة فى استرداد الأراضى المملوكة للدولة وهل هناك حصر بالمساحات المستردة؟
- تقوم الهيئة بدورها أمام القضاء فتدافع عن أراضى الدولة المعتدى عليها ضد من تسول له نفسه التعدى أو الاستيلاء عليها، وأنشأت الهيئة قسماً قضائياً بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بوزارة الزراعة لهذا الغرض لمكافحة الاستيلاء على أراضى الدولة والاعتداء عليها.
وقد بلغت جملة الأراضى التى استردتها الهيئة للدولة 37092 فدانا تقريباً خلال العام 2018م.
■ هل تستعين الهيئة بمكاتب محاماة واستشارات خارجية فى مباشرة النزاعات الخارجية؟
- نعم وفقاً للصلاحيات المقررة قانوناً فى هذا الصدد، حيث تشترط بعض قوانين الدول الأجنبية ضرورة حصول الحاضر أمام محاكمها على جنسية ذات البلد؛ إلا أن الهيئة هى التى تقوم بإعداد المستندات ومذكرات الدفاع اللازمة للرد على الدعوى والتحكيم المقام ضد الدولة المصرى وتتابع الدعوى أولاً بأول حتى صدور حكم نهائى فيها لصالح مصر.
■ مؤخراً تم تعديل اتفاقيات الغاز بين مصر والأردن، هل تراجع الهيئة اتفاقيات الغاز؟
- حتى الآن لم يتم تفعيل النص الدستورى بإعداد وصياغة العقود التى تبرمها الدولة ويحتاج تفعيل هذا الاختصاص تعديل قانون الهيئة ونحن فى انتظار صدور تلك التعديلات كما سبق وأشرت.
وقد أعدت الهيئة التعديلات المقترحة على قانون الهيئة وأرسلتها إلى الجهات المختصة لعرضها على البرلمان لإقرار القانون، وتفعيل اختصاصات الدستورية الجديدة.
■ بعد تعديل الدستور،، هل تتمتع الهيئة بكامل الحصانة؟
- الهيئة هى هيئة قضائية منذ تاريخ إنشائها وحتى الآن، وسبق للمحكمة الدستورية العليا أن قررت ذلك فى ظل أحكام دستور 1971م، وما نص عليه الدستور الحالى للبلاد هو تقرير لما استقر عليه الواقع منذ قرن ونصف من الزمان تقريباً، كما أكدت المادة 196 من الدستور المصرى الحالى على أنه «يكون لأعضائها كافة الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطة القضائية، وينظم القانون مساءلتهم تأديبياً».
■ للهيئة دور رائد فى ضم المرأة للعمل بالسلك القضائي،، ما تجربة الهيئة مع المرأة القاضية؟
- آمنت الهيئة من بداية إنشائها بتعيين المرأة فى العمل القضائى بها، وقد أصدرت قراراً بتعيين 6 سيدات من المستشارين نواب رئيس الهيئة، فى رئاسة الأقسام والفروع الرئيسية بهيئة قضايا الدولة، وذلك فى سابقة هى الأولى من نوعها منذ تاريخ إنشاء الهيئة.
وهذا القرار يأتى فى ضوء ما أثبتنه من كفاءة وجدارة واستحقاق، وإيماناً من الهيئة بدور المرأة فى العمل فى المجال القضائي، فتولى المناصب القيادية داخل هيئة قضايا الدولة يخضع لمعايير المهنية والكفاءة والتميز والقدرة على الإنجاز، دون أى تفرقة بين الرجال والسيدات من أعضاء الهيئة.
ويربو عدد المستشارين من النساء بالهيئة ما يربو على 300 مستشار.