الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الجميـلات و البريـمة

الجميـلات و البريـمة
الجميـلات و البريـمة




المساواة وتمكين المرأة بمختلف المجالات، ثقافة تدعمها الدولة بشكل كبير، بعد  حرمانها من الذهاب إلى الصحراء، فى صورة أقرب لفيلم «للرجال فقط» لـ«نادية لطفي» و«سعاد حسني» الذى يحكى عن مهندستين تعملان بشركة بترول القاهرة، وطلبتا من المدير العمل بالصحراء بجوار حقول الحفر، ولكن المدير يرفض بحجة الصحراء للرجال فقط.. المستحيل أصبح حقيقة، ونافست المرأة الرجل فى متاعب العمل بالصحراء، من الجهد فى حقول البترول والصعود على البريمة، وتستعرض «روزاليوسف» بعض تجارب مهندسات البترول بالعمل على البريمة وبالبحر.

سارة مشرقى

عاشقة التحدى

سارة مشرقى مهندسة بشركة شل التحقت بالجامعة وتخصصت فى دراسة هندسة البترول، بتشجيع من والدها لتكون متميزة فى دراستها وعملها.. وتخرجت فى 2013.
مشرقى كانت منبهرة بالدراسة، وعندما جاءت الشركات إلى الجامعة لعمل البرامج التدريبية زاد انبهارها، وقالت: جذبنى العمل بحقول البترول لأن كنت أريد تحديا غير عادى أثبت نفسى به وأتميز بنجاحى فيه، إذ أن أعداد الفتيات العاملات على البريمات فى حقول البترول قليلة جدا، بل تكاد تكون منعدمة.
«لا مجال للخطأ» هذا ما تؤكده سارة، التى بدأت عملها بأحد مواقع البترول دون الخبرة الكافية، وبالتالى اكتسبت الخبرات من تجارب الآخرين، وكان هناك احترام متبادل مع زملائها داخل موقع العمل.. المهندسة تتعامل بجدية مع زملائها، فهى تخرجت منذ حوالى 5 سنوات، وعملت ضمن طاقم العديد من الشركات العالمية المتخصصة فى خدمات البترول بجنوب سيناء، ثم انتقلت للعمل بشركة مصرية مؤخراً، لافتة إلى أن أحد عوامل النجاح لدى معظم الشركات الأجنبية هو التنوع وعدم احتكار جميع الوظائف على الرجال دون النساء، بينما انتقلت فكرة التنوع فى العمل مؤخرا للشركات المصرية التى بدأت تطبيقها حالياً.
وعن أصعب المواقف التى تعرضت لها فى العمل بالصحراء الغربية، كشفت أنها كانت تقود سيارة الدوبل كابينة بمفردها فى أبوالغراديق وغرزت السيارة فى الرمال، وتصرفت وقتها باستخدام أدوات الرفع، وهناك مواقف آخر عندما كانت فى طريقها لبريمة فى البحر المتوسط فى شهر يناير، والأمواج كانت عالية لدرجة كبيرة جدا، لكنها لم تكن قلقة إلا على عملها وبعد وصولها إلى البريمة، صعدت بالرافعة من أجل الانتقال إلى الموقع بالباسكت ولم تكن مربوطة بأى شئ وتقف فقط على عوامة.
سارة، التى تتمنى أن ترى عددا كبيرا من السيدات يعملن بحقول البترول، توضح أنها دائما تفتقد عائلتها بسبب طبيعة العمل التى تجعلها تأخذ الإجازات على فترات طويلة، ولكن فى نفس الوقت هناك تشجيع من الأسرة، إذ أن تجربة عملها بالمواقع هى من أجل التعلم واكتساب الخبرات الكافية للعمل من خلال المكتب لاتخاذ القرارات المناسبة.
سارة مشرقى تقول إنها لم تستطع خلال السنوات الماضية من الزواج لأنها كانت مهتمة بعملها وترغب بتحقيق مراكز عالية فيه بالإضافة إلى أنها لم تقابل الشخص المناسب الذى يتفهم طبيعة عملها ويقبلها..إلا أنها مؤخرا قابلت الشخص المناسب والذى دائما يشجعها ويستعدون الآن لإعلان خطوبتهم والزواج.

ليلى الحارص

 بـ 300 راجل

 ليلى الحارص مهندسة بترول تخرجت فى كلية الهندسة جامعة الإسكندرية، عملت بالمجال وعمرها 21 عاما والتحقت بإحدى الشركات الأجنبية على إحدى البريمات فى المحيط الهادىء بآسيا واستمرت فى العمل لعامين.
العمل على البريمات سواء بحرية أو صحراوية عمل قاس لكن ليلى تعودت بفضل حبها لتلك المهنة التى تعتز بها، ولم تنس المهندسة المصرية أنها كانت الوحيدة وسط 300 رجل قادمين من كل بلد بالعالم إلى إخوة وأصدقاء، تشابهت ظروفنا مع بعض الكل مغترب عن أهله وأسرته، منهم من ترك زوجته وأولادة ومنهم من ترك والدية ومنهم من أشقائه، ومنهم من مات والدة حديثا وترك والدته مع أشقائه.وفى بيئة عمل تتخطى ساعات العمل فيها الـ12 ساعة، وفى أوقات أخرى 18 ساعة وكانت هناك أيام تصل الليل بالنهار من أجل إنجاز ومتابعة العمل، وفى بداية العمل كان الوضع غريبا بوجود امرأة تعمل على البريمة.
المهندسة نجحت فى رفع نسبة تمثيل العنصر النسائى فى المجموعة الفنية التى تعمل معها من ١٥٪‏ الى ٣٦٪‏ عن طريق السماح لانضمام عدد من المهندسات والفنيين من العنصر النسائى من خريجات جامعات البترول المصرية.
وتشير الحارص إلى أنها كانت تعمل مهندسة حفر مسئولة عن تقييم المعلومات التكوين وخلال فترة عملها فى آسيا ولم تكن هناك أى مشاكل أو صعوبات لكن ومع انتقالها للعمل فى منطقة الخليج بالتحديد فى دولة الإمارات، لم يكن هناك شىء سهل بسبب ضغط العمل.
وقالت ليلى: إن ابنتها تعتبر كل حياتها وهى فخورة جدا بها وتحب مشاركتها فى كل شيء تفعله وتصطحبها معها إلى العمل وتتمنى أن تصبح مثلها فى حال وجود رغبة لديها للعمل على البريمة.

صفاء بريص

كوماندوز التنقيب

 المهندسة صفاء بريص أكدت أن أسرتها فى مجال صناعة البترول أب عن جد، بداية من الجد الأكبر الذى كان يعمل بإحدى شركات البترول العالمية ليصبح النموذج للأبناء والأحفاد ويتحول نجاحه إلى حافز للعائلة لاستمرار العمل فى القطاع البترول ذكوراً وإناثاً.
أسرة بريص تتكون من 10 إخوة مهندسى بترول يعملون جميعا على البريمة فى شركتهم الخاصة حتى أن البعض يصفهم بالكوماندوز، وأوضحت أنه خلال إحدى الفترات كان المديرون الكبار بالشركة يتركون العمل ويضطرون للقيام بالمهمة بدلاً عنهم لأن والدهم كان يوجههم لإدارة الشركة، ويحملهم المسئولية كاملة تحت إشراف شقيقها الأكبر.
بنات عائلة بريص تعرضن لحالة رفض مجتمعى فى بداية عملهن على البريمة باعتبار أنها مهمة الرجال فقط، وتقول صفاء: أنا وأخواتى البنات الستة واجهنا رفضا تاما من الأهل والأقارب والأصدقاء وبعض العاملين معنا وكان أبى يتلقى لوما دائما، ويرددون جملة «إزاى مطلع البنات تشتغل على البريمة مع الرجال فى مواقع لا يعمل فيها غير الرجال»، وكان والدى يرد بإن البنت مثل الولد وأننا نعمل مثل الذكور تماما وربما أفضل.
وكشفت صفاء عن أكثر المواقف المضحكة التى تعرضت لها، عندما كانت ترتدى ملابس العمل «الكاب والأفرول»، ودخل مهندس ووضع حقيبته على الكرسى المجاور لها وألقى السلام، فردت عليه، وإذا فجأة يخرج مذعورا وهو يصرخ، معتقدا أن من رد عليه السلام بصوت نسائى هو رجل.
المهندسة، التى لديها ولدين تصحبهما فى الإجازات للموقع، لا يمانع زوجها، ضابط الشرطة، عملها على البريمة، ويشجعها باستمرار على التطوير من مجهودها للتفوق على زملائها الرجال.