الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

مذبحة نيوزيلندا.. تجار السياسة يستفيدون منها

مذبحة نيوزيلندا.. تجار السياسة يستفيدون منها
مذبحة نيوزيلندا.. تجار السياسة يستفيدون منها




لا يمكن النظر إلى العملية الإرهابية التى راح ضحيتها العشرات من المصلين فى مسجدى مدينة كرايستشيرش النيوزيلندية الجمعة الماضية بمنأى عن الارهاب الذى مارسته وتمارسه داعش وأخواتها طيلة السنوات الماضية فى مناطق كثيرة لم تسلم منه معظم دول العالم فى مقدمتها العديد من الدول الإسلامية، فلكل فعل رد فعل، والارهاب لن ينتج عنه إلا مزيد من الارهاب الذى يغذيه ويستفيد منه تجار السياسة مدعو الزعامة أمثال الرئيس التركى رجب طيب أردوغان الذى ما فتئ يستثمر فى انتهازية سياسية غير مسبوقة جريمة مسجدى النور ومركز لينود الإسلامى فى مدينة كرايستشيرش ببثها «رغم حجبها عالميا» فى حملاته الانتخابية المقرر لها 31 مارس الجارى، لكسب مزيد من أصوات الأتراك على حساب جثث ضحايا الكراهية والفاشية التى يعد هو أحد أقطابها.
 وهو ما دفع أحد الأتراك مشحونا بشعارات أردوغان إلى تنفيذ عملية إرهابية داخل قطار بمدينة أوتريخت الهولندية وهو ما قد يدخل العالم فى نفق مظلم ممتد لا نهائى من الفعل ورد الفعل تسود فيه قيم العنف والقتل والتدمير والاقصاء التى خيمت على العصور الوسطى وخلفت مئات الملايين من الضحايا، خصوصا إذا ما أدركنا أن الزمن قد ينتج نفسه برغم تطور الوسائل والأدوات والآليات فالتطرف هو التطرف، والقتل هو القتل، والدمار هو الدمار برغم تغير المفاهيم وتبدل المصطلحات، وتطور الوعى الانسانى باعتباره منتجا بشريا حضاريا، إلا أن هذا التطور الانسانى لم يستطع أن يتخلص من سوءاته التى حملها البعض متسلحين فى حلقات متصلة وإرث متنام بديماجوجية ترسخ من الشر والعنف والفاشية والعنصرية كمتلازمة مضادة لقيم التطور والمدنية والتقدم العلمى والتسامح الدينى، خصوصا أن التطرف فى زماننا يجد مناخات مواتية فى ظل استغلال المتطرفين من بعض الساسة والقادة والزعامات الدينية لمنتجات العصر من وسائل التواصل والإعلام الاصفر لبث أفكارهم المتطرفة بين «مهاويس» الشهرة حتى لو بسفك دماء الأبرياء والآمنين.
 لاشك أن العملية الإرهابية التى نفذها المواطن الأسترالى ذو الأصول الأيرلندية برينتون تارانت، تحت شعارات رفعها من قبله منحرفون، ومتطرفون دينيا نجحوا فى تصدير الكراهية، والتطرف والفاشية والعنصرية واستغلال لمصطلحات مثل صدام الحضارات، التفوق العرقى، لإقصاء مفاهيم الإنسانية والعيش المشترك والعولمة التى نمت وتطورت عبر الأزمان كنتيجة مباشرة لتلاقح الحضارات والأجناس، سوف تجد بيئات ترعاها وتغذيها إن لم يتصد لها العقلاء فى العالم.