الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«دوار العائلة» فى حياة عالمات الدين

«دوار العائلة» فى حياة عالمات الدين
«دوار العائلة» فى حياة عالمات الدين




الأم هى مصدر الإلهام الأول لأبنائها، لكن تظل قصص الأمومة فى حياة عالمات الدين  تجذب الكثيرين لمعرفتها، لذلك قامت “روزاليوسف” باقتحام عالم الأمومة فى حياة عالمات الدين، وكيف أثرت عليهن فى تكوينهن ليصبحن كما هن عليه الآن. عادات وتقاليد صعيدية استخلصتها الدكتورة آمنة نصير، أستاذ الفلسفة بجامعة الأزهر، من والدتها التى كانت زوجة لكبير عائلة صعيدية بأسيوط، احتفظت بصفات الكرم وحسن الترحاب، تأثرت بها «نصير»، بحكم تربيتها فى دوار العائلة، والذى كان مفتوحًا للجميع ليلًا ونهارا.
«لم تضجر أبدًا أمى من كثرة ضيوف البيت، ولطالما شاهدتها تدير جلسات الحوار مع باقى نساء العائلة، بينما يستقبل والدى الرجال فى ساحة المنزل، وقد كان الأخ الأكبر لـ 11 أخًا وأخت»، هكذا أوضحت «نصير» معالم تربيتها منذ أن كانت طفلة فى أسيوط.
تعلمت «نصير» المعنى الحقيقى للصبر على البلاء من والدتها التى سقط نجلها «علي»، صاحب الـ 21 عامًا، قتيلًا فى خصومة ثأرية، وعن ذلك قالت: «ظلت أمى صابرة حتى وفاتها بعد مقتل أخى علي، وكتمت حزنها فى قلبها، راضية بقضاء الله».
ولا تنسى الدكتورة آمنة موقف والدتها الداعم لها حينما اندلعت مشكلة كبيرة فى العائلة رفضًا لدخولها المدرسة الأمريكية الداخلية فى أسيوط، وهى لا تزال فى الثامنة من عمرها، قائلة: «أمى أدارت الأزمة بذكاء، ومهدت الموضوع لوالدى الذى كان رافضًا لتركى القرية والدراسة فى أسيوط، لكنها نجحت فى إقناعه بالموافقة، واستطاعت أن تغير مسار حياتي، مع العلم أنها كانت سيدة أمية لا تعرف القراءة والكتابة، ورغم ذلك كانت تتحدث العربية الفصحى بطلاقة».
ونشأت الدكتورة إلهام شاهين، أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر، وعضو المجلس القومى للطفولة والأمومة، وقد وجدت فى نفسها شغفًا لدراسة العلوم الدينية، ولم تكن قد جاوزت الصف الخامس الابتدائي، لكن والدها رفض التحاقها بالأزهر إشفاقًا عليها من صعوبة المواد الدراسية، وهنا جاء دور الأم التى لم تتلق أى تعليم فى حياتها، لإقناع الأب بطلب ابنتها.
 وتقول د. إلهام عن والدتها : «أمى خرجت من بيت علم، فوالدها كان عالم دين، وكذلك أخوتها، لكن ظروفها منعتها من تلقى التعليم، ولم أكن أعرف أنها أميّة حتى وصولى المرحلة الابتدائية، لشدة حرصها على تعليمى أنا وأخوتي، ومتابعتها الدائمة لدرجاتنا فى المواد الدراسية»، وتابعت «شاهين» قائلة: «حينما كبرت وجدت أمى تعلم نفسها القراءة من خلال برامج محو الأمية فى الراديو، لتقرأ القرآن الكريم».
«إلهام» أخبرتنا بأن والدتها كان لها دور كبير فى تثقيفها من خلال تشجيعها على قراءة الكتب والروايات، عن طريق استعارتها من البائع مقابل تكلفة أقل من ثمن الكتاب، مردفة: «تعلمت منها المتابعة الدائمة لأبنائى فى الدراسة، وتجنب إهمالهم رغم الانشغالات الخارجية، لأننى سوف أُسأل عنهم أمام الله».
الداعية الدكتورة يمنى أبو النصر، إحدى أبرز واعظات الأوقاف، وبدموع متدفقة، سردت لنا «أبوالنصر» حكاية والدتها التى اضطرت للعمل فى وظيفتين لرعاية أبنائها وزوجها الذى ظل كفيفًا لمدة 24 عامًا، وتابعت: «أمى علمتنى المثابرة على تحقيق الهدف، وعدم تعليق فشلى على شماعة الأسباب، أخبرتنى بأن الشخص يضع نفسه أحيانا عقبة أمام طريق حلمه، علمتنى أن الظروف ليست عيبا، والخطأ وارد فى سلوكياتنا».