الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«المرجيحة».. مغامرات كوميدية بين أم وابنها المخترع

«المرجيحة».. مغامرات كوميدية بين أم وابنها المخترع
«المرجيحة».. مغامرات كوميدية بين أم وابنها المخترع




بدأ أحمد أمين يخطو خطوته الأولى نحو تأسيس مسرح مختلف؛ نوع ووجه آخر من مسرح القطاع الخاص لم يكن منتشرًا بمصر من قبل، «أمين وشركاه» على مسرح جامعة مصر يقدم فيه مسرحيتين كل أسبوع واحدة جديدة وأخرى معادة فى مدة لا تتجاوز الساعتين وعلى مدار الفترة الماضية وقبل انطلاق باكورة مشروعه على شاشة «dmc» قدم أكثر من عمل مسرحى «المرجيحة»، «ورينى شاطرتك»، «الزفر للإنتاج الفنى»، و«تعالى لى يا بطة»؛ تجمع هذه العروض رابط واحد السخرية والنقد الاجتماعى من سلوكيات ومواقف متفرقة ومتنوعة بنيت عليها دراما بسيطة فى قالب فنى صنع بحرفة فنية عالية فيقدم لجمهوره عمل متكامل عالى الجودة على مستوى التمثيل والصورة والإخراج محققا المعادلة الصعبة بين جودة المحتوى والصناعة الفنية ثم تحقق عنصرى المتعة والترفيه.
كانت «المرجيحة» أولى تجارب المشروع بطولة أحمد أمين والفنانة عارفة عبد الرسول تناول فيها المشاكسات المعهودة التقليدية اليومية بين الأبناء والأمهات خاصة ولو كان هؤلاء الأبناء يتمتعون بموهبة أو اهتمامات غريبة قد لا يستوعب الأهالى مدى أهميتها فى البداية، عائلة صغيرة مكونة من أم وابنها تدور بينهم خلافات الحياة اليومية حيث يفاجئ بزيارة عائلية كبيرة من أهله الذين لا يرغب فى الجلوس معهم يحاول الهروب بشتى الطرق لكن والدته تمنعه فى كل مرة من الانفراد بنفسه وتهدده إذا لم يجلس ويفعل ما تريد سوف تبلغ الجميع عن اختراعه العجيب «المرجيحة» التى اخترعها خصيصًا كى تكون ملهى للأطفال أثناء أداء طقس الحلاقة فى محاولة لإعانتهم على تقبل فكرة الحلاقة بدلا من المعاناة التى يجدها الحلاق معهم لكن من وجهة نظره كان الحلاق سيعانى بشكل آخر فى ميل المرجيحة عن زواية وقوفه أثناء الحلق وكانت هذه أزمته كيف يضبط هذه الزاوية.
فكرة بسيطة مبتكرة لعب عليها أمين مع المؤلفة سارة هجرس فى تقديم وجبة إجتماعية خفيفة تحمل مضمون كوميدى إجتماعى ساخر، إرتدى فيه أمين ملابس أقرب للفانتزيا على اعتبار أنه رجل مخترع ولديه مظهر مميز عن الآخرين ودائمًا ما يثير مظهره وأسلوبه وإنطوائيته سخرية أقاربه وتهكمهم عليه وبالتالى استغلت الأم نقطة ضعفه طوال العرض كى ينجز لها واجباته العائلية تجاههم ويفعل كل ما تشاء لدرجة أنه تقبل بقائهم ليلة كاملة بسبب سوء الأحوال الجوية فتغير الطقس بشكل مفاجئ مما تسبب فى توريطه بشكل أكبر مع هذه الأسرة ثقيلة الظل.
من هذه الحياة الإجتماعية الإعتيادية صنع أمين حالة مسرحية مختلفة سواء فى المرجيحة أو فى الأعمال الأخرى التى قدمها بنفس الرؤية مثل «تعالى لى يا بطة» الذى يتناول فيه أزمة شاب عازف عن الزواج ويظهر له عراف يدخله فى تجارب عاطفية مختلفة فقد يغير رأيه وإذا تجاوز المراحل الأربعة بالانفصال سوف يتحول إلى «بطة»، ثم فى «ورينى شطارتك» قدم فيها دور مذيع لبرامج مسابقات يدخل فى صراع مع المتسابقين حتى لا يفوزون بالجائزة، و»الزفر للإنتاج الفني» التى يتحول فيها من مجرم إلى منتج سينمائى، خلال كل هذه الأعمال والمزيد يخلق أمين مع فريقه كوميديا من مواقف اجتماعية وإنسانية متعددة الجوانب وبعضها أمور حياتية نتعرض لها جميعا لكنه يقدمها فى قالب ساخر ممتع مناسب للعائلة، قالب فنى جيد الصنع لكنه لا يشبه المسرح التقليدى خاصة مسرح القطاع الخاص، فبهذا المشروع يكمل أمين وشركاه رسم خريطة مسرح القطاع الخاص بصناعة كوميديا جديدة راقية يعيد بها الشكل الإجتماعى للمسرح، فهو يعيد العائلة المصرية لمتعة البحث عن مشاهدة عمل فنى فى عطلة الأسبوع هذا التقليد الذى غاب عنا سنوات عجاف نجح أمين وأشرف عبد الباقى ب»جريما فى المعادي» فى إنجاز هذه المهمة وإن إختلف الإثنان فى منطق صناعة الكوميديا فبرغم إختلاف نوع الكوميديا إلا انهما اشتركا فى العودة لتقديم مسرح بمذاق فنى رفيع وكلاهما كان أمينا على جمهوره، ففى كل عرض تجد عدد غفير من الجماهير فى انتظار بدء المسرحية والجميع جاء للمشاهدة بعائلته كاملة وهذا ما كنا نفتقده للغاية، تجنب أمين الإبتذال والإستخفاف وخرج من الكوميديا المستهلكة المضمونة إلى كوميديا أكثر رحابة وقبول من الجميع لأن هذه العروض لن ينفر منها أحد فهى لا تخاطب غرائز ولا تلعب على نمط القطاع الخاص التجارى الذى كان يعتمد على ألفاظ بذئية وإفيهات جنسية، وعادة اللعب خارج المضمون يعتبر مغامرة كبيرة لكن هذه المرة كانت مغامرة شديدة الدقة والإتقان والحرص على جمهور يدرك صاحبه تماما أنه بجانب الضحك والترفيه مسؤول وبشكل كبير عن تشكيل وجدان ووعى جماهير عريضة فكان أمينا فى تحمل هذه المسئولية الكبيرة.
لم تقتصر المتعة على المسرح من الداخل فقط؛ بل قبل بدء العرض بساعة كاملة جلس مجموعة من العازفين يقدمون مقطوعات موسيقية لأعمال كوميدية شهيرة، فلم يذهب وقت انتظارك هباء بل هيئك نفسيا بوضعك فى حالة من البهجة قبل دخول قاعة المسرح إلى مشاهدة تجربة مختلفة لا تشبه أى تجربة أخرى، ومثل محمد منير فى الغناء صنع أحمد أمين لنفسه غرفة واغلق بابه عليه، كما فتح بهذا العرض الباب لعدد كبير من شباب الموهوبين ومنحهم فرصة للظهور حيث جمع معه توليفة من شباب لمع فى مسرح الجامعة مثل وليد عبد الغنى وحاتم صلاح وهما بطلان أساسيان فى معظم العروض وفى المرجيحة شارك معهم شريف عبدالفتاح، محمد طعيمة، رحمة أحمد، ياسمين رحمى.