الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

كذبة تُسقط دولة

كذبة تُسقط دولة
كذبة تُسقط دولة




لم تعد الحروب بين الدول، مواجهات يحسمها السلاح، بل شهدت خلال السنوات نوعاً آخر من الحروب تستهدف الدول معنوياً، عبر سلاح «الشائعات»، التى وجدت من شبكات التواصل الاجتماعى مسرحاً لتنتشر تلك المنشورات الزائفة من شائعات أو أخبار مفبركة زائفة وكاذبة ومعلومات متناقضة تتنافى مع المعايير الأخلاقية، بين المواطنين انتشار النار فى الهشيم.
د.إلهام يونس أحمد أجرت دراسة  تحت عنوان «آليات تشكيل وتدفق الأخبار الزائفة والشائعات على مواقع التواصل الاجتماعى.. وطرح تصور لاستراتيجية المواجهة»، كشفت فيها التداعيات الخطيرة لتلك الشائعات على الأمن القومى ؛ فالشائعة  والخبر الزائف يمكن أن يسهما فى تمزيق عناصر القوة والوحدة لأى أمة من خلال زرع الشكوك والرعب والهزيمة فى أوساطها وتدمير القوى المعنوية وعدم الثقة وافتعال الكوارث والأزمات،  فالآثار السلبية والأضرار التى يمكن أن تحدثها الشائعة والأخبار الزائفة كثيرة ومتعددة فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ما يسبب إنهاكاً نفسياً للمواطن المصري، ولهذا اهتمت جهات عديدة بمواجهة ورصد هذه الشائعات والمنشورات والأخبار الزائفة وهذا الطوفان المعلوماتى المزيف عبر وسائل التواصل الاجتماعى خاصة «»face book، حيث تتبارى كثير من المنصات الإعلامية فى نشر أخبار تكذيب لهذه المنشورات الزائفة.

«الشائعات» سلاح قوى الشر لتدمير الأوطان وتمزيق وحدتها

 

الشائعة أداة لنشر الفوضى
تمثل عملية تداول المعلومات عبر وسائل الإعلام الجديد، خاصة مواقع التواصل الاجتماعى  وعلى رأسها «Facebook» حقلاً خصباً لعمليات نشر المعلومات الزائفة التى تشتمل على شائعات وأخبار ومعلومات مغلوطة مضللة فى شكل منشورات شخصية على حسابات فى «Facebook».
ونظراً لغياب الرقابة والمتابعة ووجود المصادر المفتوحة التى أسهمت بقوة فى الانتشار السريع للمعلومات من خلال المواطن الصحفي، كما أسهم عدم وجود قيود على تداول المعلومات وعدم وضوح المسئولية القانونية التى تترتب على النشر عبر هذه الوسائل فى انفلات الاستخدام والتوظيف فقد تم استخدامها فى مناسبات عديدة كإحدى أدوات إدارة الصراع فى مناطق الفوضى والعنف فى البلدان العربية.
كما أشارت دراسات متعددة إلى دورها السلبى فى تأجيج الصراعات فى هذه البلدان، وكشفت إحداها عن أن هذه الوسائل قد لعبت دوراً غاية فى الحسم فى ثورات الربيع العربي، فقد اتسعت دوائر البث المعلوماتى وتعددت منصات إطلاق الأخبار المغلوطة والشائعات التى لم يسلم منها أى قطاع فى المجتمع، ونظراً لاهتمام الدولة بمحاربة مثل هذا النوع من الحروب وهو حروب الجيل الرابع فقد خصصت مراكز لرصد هذه المنشورات التى تحتوى على شائعات وأخبار زائفة ونشر أخبار لتكذيبها وإطلاقها على المواقع الإخبارية وفى الإذاعة والتلفزيون.


الشائعات الاقتصادية فى المقدمة
الدراسة التى أعدتها د.إلهام يونس، تأتى كمحاولة لرصد وتحليل آليات تشكيل وتدفق المنشورات الزائفة من خلال عدة أهداف فرعية تتدرج وصولاً للهدف الرئيسى مثل،  التعرف على ماهية المنشور من حيث»القالب الخاص- نوع  محتوى المنشور من حيث المضمون»، علاوة على التعرف على آليات صناعة المنشور من حيث «فئات القضايا-آليات تزييف الشكل- مدى وجود تحيزات- أنماط التحيز المستخدمة- الوسائل الفنية المستخدمة- أساليب التلاعب المستخدمة فى النص- أنماط السرد- تكنيكات التلاعب فى الرسالة المستخدمة - آليات التحريف المستخدمة  - تصنيفات أطر المنشورات- سياق عرض المنشور- أهداف المنشورات»، بالإضافة لوضع استراتيجية المواجهة والتصدى لمثل هذه المنشورات الزائفة سواء كانت «شائعات أم أخبار كاذبة» عبر مقابلة متعمقة مع مجموعة من الخبراء وحراس البوابة الإعلامية فى وسائل الإعلام التقليدية والحديثة، وفى النهاية تم الوصول لعدد من النتائج.
1- ارتفعت نسبة المنشورات المتعلقة بالأوضاع الاقتصادية بالدرجة الأولى وبلغ نسبتها 44.7% من إجمالى المنشورات التى تم تحليلها، يليها 33.8% منشورات اجتماعية ويليها 9.6% منشورات سياسية.
2- تركزت معظم المنشورات بنسبة 92.7% فى الإطار المحلى الذى يخص القاهرة والمجتمع الداخلي، و ابتعدت المنشورات الزائفة عن أخبار المحافظات الإقليمية أو الدول المحيطة حيث بلغت نسبة الأخبار التى تتناول الأقاليم 0.32% و 1.4% تناولت الدول العربية.
3- اعتمد رواد «فيس بوك» فى نقل منشوراتهم الزائفة «نقلاً عن هيئات وكيانات مصرية بنسبة 76.7% وموطنون بنسبة 20.1% والنخب المتنوعة بنسبة 8.7%.
4- تبين أن المنشورات تم تكذيبها على عدد من المواقع الإخبارية وردت بالتفصيل أثناء عرض النتائج بنسبة 91.8%.
5- اتضح أن القضايا الاقتصادية الحياتية التى تمس اهتمام المواطن العادى جاءت فى الترتيب الأول من حيث مضمون القضايا التى تم معالجتها بنسبة 91.3% .
6- اعتمد رواد «الفيس بوك» فى طرح منشوراتهم على آلية إبراز العناوين وقد تبين من خلال التحليل أن 79% من المنشورات اعتمدت على عناوين صحيحة لكن مع التلاعب فى النص.
7- اعتمدت المنشورات على آليات متعددة من التحيز جاء أبرزها التدخل بالوصف بنسبة 51% وحشو معلومات زائفة 32.9% ويليها كذلك عدم الفصل بين الحقائق والتكهنات 30.8%.
8- ارتفعت نسبة الصور المفبركة بنسبة 84% ويليها الفيديوهات المزورة بنسبة 10%.


حلول لمواجهة تزييف الأخبار
اتفق نسبة كبيرة من خبراء الإذاعة التلفزيونية والصحافة الورقية والالكترونية وأعضاء الهيئة الوطنية للإعلام على أن  اختفاء القنوات الشرعية للمعلومات وظهور صحافة المواطن و حالة التربص بالدولة فى وجود مجموعات عمل مضادة و الفراغ الإعلامى هى أكثر أسباب انتشار هذه الظاهرة، بالإضافة إلى أن الأخبار المتعلقة بالموضوعات الاقتصادية التى تمس حياة المواطن،  يليها القرارات الوزارية المتعددة  هى أكثر أنواع الأخبار تزييفاً .
كما أكد الخبراء أن أكثر آليات التزييف استخداماً كانت برامج الفوتوشوب، علاوة على التلاعب بالأرقام وفبركة الصور وتزوير الفيديوهات،والتحيزات فى المضمون.
والتعتيم والتشويه، بالإضافة لقلب المضمون وتصنيع الواقع.
فيما اقترحوا، ومنهم أحمد باشا رئيس تحرير «روزاليوسف»، وعلاء ثابت رئيس تحرير الأهرام، وأحمد السرساوى نائب رئيس تحرير أخبار اليوم ، ومحمد أبو الفضل مستشار تحرير الأهرام، ومحمد عبد النور رئيس تحرير مجلة «صباح الخير» الأسبق، وعمرو سهل رئيس تحرير بوابة دار الهلال، و د.لمياء محمود رئيس شبكة صوت العرب، وحسن مدنى إذاعة البرنامج العام، أمل سعود نائب رئيس قطاع الإذاعة المصرية، عصام فاروق رئيس شبكة الإذاعات الأجنبية الموجهة، و أبو العلا حبيب رئيس شبكة الإذاعات الإقليمية، د. لمياء سليمان مدير عام المكتب الإخبارى لرئاسة الجمهورية – إذاعة الشرق الأوسط _، حنان عسكر كبير مذيعات البرنامج العام، و نجلاء عبد البر  نائب رئيس شبكة الشباب والرياضة،  استراتيجية متكاملة لمواجهة هذه الظاهرة لها أبعاد قانونية وإعلامية وأخلاقية، وكان أهم بنودها ..
1- إتاحة المعلومات من مصادر موثقة مثل إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء والإحصاءات الواردة من الوزارات وتقديمها بشكل دورى للمواطنين.
2- وجود قوانين ملزمة للعمل الإعلامي.
3- تفعيل دور المتحدثين الإعلاميين فى الوزارات والمؤسسات الكبرى ويتم اختيارهم على مستوى عال.
4- الالتزام بميثاق الشرف الإعلامى حتى يقوم بدوره المنوط به فى التصدى والتوعية تجاه الشائعات والأخبار الكاذبة.
5- حجب المواقع المشبوهة.
6- ضرورة إنشاء مواقع إعلامية رسمية قادرة على التصدى لهذه الأكاذيب من خلال متخصصين أو متحدثين رسميين وهذا بالفعل ما قام به مجلس الوزراء من خلال وحدة التصدى للشائعات وكذلك الصفحات الرسمية التابعة لوزارة الداخلية والقوات المسلحة.
7- تنظيم دورات تدريبية إعلامية حول كيفية مواجهة الشائعات وكيفية التعامل معها سواء بالنفى أو التجاهل.
8- زيادة الجرعة الإعلامية الموضوعية حتى يكون الجمهور هو حائط الصد الأول لها.
9- أن تساعد الصحف الأجهزة التقليدية فى الدولة بسرعة الإعلان عن المعلومات دون تأخر.
10- حروب المعلومات سريعة التقدم فى مضمونها وأدواتها تفرض علينا أن ندرس تلك الأسباب بعناية وأن نطور أدائنا وأن تتكامل جهود المواطنين الواعين مع المؤسسات الصحفية والإعلامية ومؤسسات الدولة.
11- سرعة صدور قانون تداول المعلومات الذى يتيح للناس الحصول على معلومات صحيحة وأخبار دقيقة لأن غياب المعلومة الصحيحة دافع كبير لانتشار الشائعة والخبر الكاذب.
12- تكثيف التواجد الإعلامى على «السوشيال ميديا» من خلال منصات جديدة تتميز بالحياد والتنوع فى تناول الأخبار لتجذب جمهور واسع وتترك انطباعا صادقا فى عقول المتابعين، وضرورة إصدار style book يحدد آلية التعامل مع الموضوعات المتعلقة بالأمن القومى ووضع قائمة معتمدة من المصادر التى تتحدث بشأنها ويتم اختيارها وفقاً لعدد من المعايير التى تتفق عليها الجماعة الصحفية لبدء فرز المتحدثين فى الشأن العام وإضفاء المصداقية للمنتج الإعلامى يستطيع من خلاله القارئ التمييز بين الجيد والرديء وبالتالى تضييق المساحة أمام العابثين.
13-تطبق نموذج Fact checking  الذى انتهجته المؤسسات الإعلامية الكبرى فى بعض الدول المتقدمة لأنه الأسلوب الأمثل للحد من الأخبار الكاذبة والشائعات، وضرورة دعم المواطن ثقافياً وتوعوياً من خلال نشر الحقائق أولاً بأول.