الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

استحضار جماليات الوجه فى «إنسانيات» سيد قنديل

استحضار جماليات الوجه فى «إنسانيات» سيد قنديل
استحضار جماليات الوجه فى «إنسانيات» سيد قنديل




يمثل الجسد الإنسانى منذ قديم الأزل مصدرًا للاستلهام والتفكر والتدبر فى صنيعة وإبداع الخالق، وكما تجىء الحياة على تنوعها وحركتها المستمرة تجيء حياة الإنسان فى تقلب مستمر وتغيير دائم، وكذلك جاء الوجه الإنسانى بما يحمله بين طياته من مكنونات عاطفية وتعبيرات باعتباره كتاب الإنسان المفتوح، تلك الحياة بتقلباتها والوجوه على اختلاف تعبيراتها قدمها الفنان التشكيلى د.السيد قنديل القائم بأعمال عميد كلية الفنون الجميلة بالقاهرة فى معرضه الجديد بعنوان «إنسانيات» Humanities الذى افتتح مؤخرًا بقاعة إبداع للفنون التشكيلية بالزمالك، الذى يضم أكثر من 30 لوحة مابين الرسم والتصوير والجرافيك، وجاءت معظم الأعمال موقعة مابين عامى 2014 إلى 2019.

يستلهم الفنان من معالم الطبيعة ومفرداتها عناصر لوحاته الفنية بما تحمله من رمزية شكلية وخطية ترصد العلاقة بين التكوين والتعبير، فاعتمد الفنان فى لوحاته على رصد وتحليل تعبيرات الوجه الإنسانى وتصوير الملامح والانفعالات المختلفة له وتقديمها فى معادل بصرى وتشكيلى برؤية فلسفية تعبيرية، تعمل على تقديم خبايا الروح واستحضاره على ملامح الوجه الإنساني، بما يحمله من أبعاد جمالية تسهم فى إثراء الخطاب التشكيلى من جهة وإثراء العمل الفنى من جهة ثانية، هذا إلى جانب الدلالات التى تعكسها الملامح المختلفة ودفق الحياة فى شرايين شخوصه, وهو محصلة لفهم عميق لروح الإنسان واستظهار لخصائصه وسماته ودمجها مع رموز كثيفة و متنوعة تحاكى فى شكلها عالم المرئيات و تعانق دلالاتها و تضيف على العمل التشكيلى شحنة تعبيرية بما تحمله من مقابل بصرى وفكرى، كالرموز والموتيفات المستقاة من الموروثات الشعبية أو الحضارات الإنسانية كالسمكة تعبيرًا عن الرزق والخير الوفير، والطير كرمز للتفاؤل والخير والحرية، وغيرها من عناصر حيوانية مثل القط.
تحمل أعمال الفنان صبغة لونية شفيفة أكدها باستعماله لضربات الفرشاة السريعة للألوان الأكريليك والألوان المائية بكثافات لونية مختلفة ليكشف من خلالها خبايا ومكنونات الروح وتظهر معالمها فى كسرات وتجعيدات الوجه الإنسانى وظاهر انفعالاته والتى أكدها بخطوط قوية وحادة رساما بها الأطر والحدود، كما استعمل الفنان تقنيات فنية ولونية متعددة تراوحت مابين الرسم المباشر بالقلم الرصاص أو مستعينا بألوان الأكريلك وحتى مع فنون الجرافيك بتقنياته المتعددة خاصة الطباعة من السطح البارز, مؤكدًا تنوع الملامس وتعدد سماكات الخطوط، كما قام الفنان بإعادة تقديم العمل الواحد فى أكثر من لوحة مستعملا تقنيات مختلفة وألوان مغايرة.
تظهر فى الأعمال الفنية شغف الفنان وافتتانه باستخدام الضوء وإعادة توزيعه رساما منه ملامح وجوه شخوصه على تنوع وتعدد مسطحاتها، كما يغلب على أعماله النزوع إلى التعبيرية كأسلوب فنى للتعبير عن العواطف والمشاعر الإنسانية بعيدا عن التسجيلية أو المحاكاة الظاهرية معطيا للعمل بعدًا ذاتيًا ونفسيًا، وإعادة تقديم الواقع بمنظور مغاير أكثر عمق واتساع، كما يمزج الفنان فى أعماله بين الوجه الإنسانى والرموز والعناصر فى تكوينات بنائية قوية محكمة تتخذ أحيانا أشكالا صخرية متراكبة فى بنائية فنية تثرى من العمل الفنى وتعطيه بعدًا زمانيا ومكانيا متعددا تميل به تجاه التبسيط والاختزال والتجريد.
يضم المعرض خلاصة تجربة الفنان والتى بدأت بالتحاقه بقسم الجرافيك بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة ودراسته وتخصصه فى مجال الطبعة الفنية على تنوع وتعدد تقنياته الفنية وتدرجه فى الدرجات العلمية والمناصب الإدارية وصولا إلى عمادة كلية الفنون الجميلة بالقاهرة معلمًا لجيل كبير من خريجى الكلية العريقة.
عن فكرة معرضه يقول الفنان: «يعد تاريخ الفن سيرة لا تنتهى من التواصل والتجديد فى الممارسات الفنية المختلفة، وتشتمل على سجل حافل من الابتكارات الفنية المتميزة التى تشهد على عبقرية الإنسان فى سيطرته على البيئة من حوله وتشكيلها وفقا لاحتياجاته ورغباته، لا سيما تلك الاحتياجات والرغبات الخاصة والتعبير عن نفسه سواء كان ذلك من ناحية المواضيع والاتجاهات التعبيرية أو من ناحية الخامات والتقنيات المستخدمة فى عملية التعبير».
يذكر أن الفنان حصل على ماجيستير فى الفنون الجميلة عام 1995، ثم سافر إلى إيطاليا فى منحة دراسية لمدة ثمانية شهور عام 1997، وبعدها بعام حصل على دكتوراه فى الفنون الجميلة. وأقام عدة معارض خاصة، أولها فى المنصورة عام 1987، ومعرضًا بقاعة الفنون الجميلة علم 1988 ثم معرضًا بماتشرا بإيطاليا عام 1988، تلاه آخر بأتيليه القاهرة عام 1993، ومعرضًا بأوربينو إيطاليا عام 1997, وعدة معارض أخرى فى القاهرة وأوزباكستان وغيرها. كما شارك قنديل فى حوالى 10 معارض جماعية، منها صالون الشباب والبيئة المصرية بفرنسا ومعرض آخر فى ليبيا ويوغوسلافيا والمغرب وبولندا وإيطاليا. نال قنديل عن أعماله عدة جوائز، من بينها الجائزة التشجيعية فى الجرافيك بصالون الشباب عام 1991, وذات الجائزة فى التصوير عام 1992، وجائزة التحكيم فى الرسم بصالون الشباب عام 1995.   
وتقتنى عدة أماكن بعض أعمال قنديل، من بينها متحف الفن الحديث ووزارة الثقافة المصرية، بالإضافة إلى مقتنيات لدى أشخاص فى مصر سوريا وإيطاليا وفرنسا وبلغاريا.