الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الإبداع.. ذات ضالة

واحة الإبداع.. ذات ضالة
واحة الإبداع.. ذات ضالة




اللوحات للفنان: أحمد صابر عبد الظاهر

يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة أو خواطر «على ألا تتعدى 550 كلمة» مرفقا بها صورة شخصية على الإيميل التالى:

[email protected]


 

 

ذات ضالة

قصة قصيرة

 نبهان رمضان

قفز سريعًا داخل قطار قبيل تحركه الذى بدأ فى التحرك بطيئًا، تزداد سرعته رويدًا رويدًا حتى أخذت تنتظم كالعمر تمامًا يبدأ بطيئًا فى مراحل النمو ثم يجرى سريعًا حتى يصل لمحطة النهاية.
فى زحام القطار يموج بين الناس باحثًا عن مقعد خال. ينتقل من عربة إلى أخرى حتى وجد مقعدًا خاليًا منزويًا فى أحد الأركان متهالكًا، من يراه يفضل الوقوف عن أن يقبع داخله ويصاب بآلام العمود الفقرى لكن صاحب الذات لا يكترث رمى جسده داخل المقعد المتهالك .تفحص وجوه المسافرين من حوله باحثًا عن عادات كانت تميز ذلك المجتمع عن المجتمعات الأخرى. الآن من يجلس على مقعد لا يتنازل عنه أبدًا طواعية ولا كرها لعجوز كسرته الأيام أو لصغير لا يقوى على صد ضربات الحياة حتى يضطر من يصطحبه على حمله وهو واقف هكذا أصبحت الحياة، تتعاقب الأجيال والجيل السابق كان يسلم الراية للجيل الذى يليه لكن ثقافة الزحام التى جعلت كل جيل ينال حظه من الجيل الذى يسبقه بشق الأنفس.
يزداد الزحام مع كل محطة جديدة يدلجها القطار، أصبح مدى البصر لا يتعدى رؤية القدم ليس أسفله.
نظر فى أعماقه عله يجد ذاته لكن ما كان لا يتوقعه حدث. اختفاء الذات، أين ؟ متى لا يدرى ؟ لكن الثابت يقينًا أنها ليست موجودة فى أعماقه .
لاح سؤال لنفسه وأخذت تردده: لماذا ذاتك الآن؟ لم تعتن بها يومًا! لم تزرع داخلها العزيمة والاستبسال، ترمى داخلها أحلامك وآمالك، الحلم تلو الحلم ولا تسعى لتحقيق أى منها أو مجرد السعى، أربعون عامًا مضت تكفى أن تعيش باقى العمر على ما  حققته من إنجازات فيها، تركت ذاتك هائمة فى غياهب الحياة ولم تصنها
 كما  هى صانت أحلامك، تلقفتها المخاطر وحاصرتها من كل صوب.
لم تدعها تذوق تخاريف الصبا أو تهور المراهق حتى حرمتها من صياح طفل أو فرحته عندما ينال شيئا هينا أتاه بعد شقاء الإلحاح على الأهل حتى يلبوا حاجته، ضاعت ذاتك بين ظلمات وأنوار، أفراح وأحزان، بين نحيب وبكاء وابتسامات وقهقهات .تعيش الحياة صدفة لا تستطيع أن توجهها أو تسيطر على مجرياتها. أهو الحنين والاشتياق؟ يجعلك تبحث عنها اليوم، أم أسى وحزن على ما أصابها، أم أفراح وأوجاع .تمنيت حلما لم يولد حتى الآن، ليت ساعة تحديد مصيرك ما كانت ولا حانت. تركت كل شيء للصدفة وحدها ليتك حزمت ذاتك حتى لا تضل فى وهم حياتك، توقف القطار فى محطته الأخيرة كما يتوقف العمر عند خط النهاية.