الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«الساعة الرابعة» كوميديا كسر التقاليد!

«الساعة الرابعة» كوميديا كسر التقاليد!
«الساعة الرابعة» كوميديا كسر التقاليد!




جرأة فنية غير معهودة ومغامرة خاضها مخرج ومؤلف عرض «الساعة الرابعة» ضمن فعاليات الدورة التاسعة والعشرين لأيام الشارقة المسرحية فمن المعهود أن يبذل المخرج قصارى جهده ومعه المؤلف فى تقديم نص مسرحى شديد الجدية والكلاسيكية حتى ينال إعجاب وتقدير لجان التحكيم وأصبح هذا الأسلوب شكل متعارف عليه بالمهرجانات المسرحية حتى أن بعض العروض قد تتصف بأنها عروض مهرجانات قدمها صناعها للتفوق ونيل الجوائز.
بينما هنا فى «الساعة الرابعة» نحن أمام تجربة مسرحية مختلفة بكل المقاييس وعلى كل مستويات التناول كان عنوانها هو التفرد والاستثناء؛ ففى هذا العرض قدم المخرج والمؤلف عملًا مسرحيًا كوميديًا قد يصنف على أنه كوميديا اجتماعية لكنه فى نفس الوقت يحمل أفكارًا فلسفية؛ يسخر فيه المؤلف بمنتهى الذكاء والحنكة على لسان بطله الرئيسى الطبيب النفسى الذى يتبع طريقة جديدة للعلاج بادعائه أنه مريض نفسيًا لا يسيطر على عقله الذى يسب الآخرين لديه مرض «الشتيمة» التلقائية وهكذا يعيش فترة من الوقت بين مرضاه كى يعلم علة كل منهم وفى النهاية يقنع الجميع بأنهم توهموا المرض من شدة التقوقع داخل أنفسهم وعدم رغبتهم فى التواصل الصحى والسوى مع الآخرين ويدعوهم إلى ترك العيادة فورًا لأن الطبيب اعتذر اليوم عن الحضور وليس هناك جدوى من انتظاره، وبالفعل يخرج المرضى معافين برغم أنهم على قناعة تامة بأن الطبيب لم يحضر فى ذلك اليوم.
مزيج فنى رائع بين المواقف الكوميدية المضحكة والأفكار الإنسانية الفلسفية التى تضمنها وتبناها العمل المسرحى قدم المخرج إبراهيم سالم عرضه «الساعة الرابعة» ضمن المسابقة الرسمية لأيام الشارقة ونافس به على كل جوائز المهرجان وتحدى الأعمال الغارقة فى القتامة والتراجيديا ونجح فى خطف أبصار الجمهور بل واستولى عليهم، ونال عنه جائزة أفضل إخراج مسرحى ونال أبطاله جوائز التمثيل محمد جمعة، وفيصل على وعبد الله محمد وآلاء شاكر؛ أثبت سالم بهذا العرض أنه ليس شرطًا أن تقدم كوميديا خالية من المضمون كما هو متعارف عليه خاصة لدى لجان التحكيم التى قد لا تستسيغ العروض الكوميدية ضمن المسابقات لكن هذه المرة قبلت اللجنة الشكل الفنى الجديد والمتنوع والذى لا يشبه عروض المهرجان فى قتامتها وجديتها واختار المخرج لنفسه مسارًا مختلفًا تفوق فيه على منافسيه.
قدم سالم عملًا متقن الصنع على كل المستويات فلم يحتو العرض على خطأ يذكر بل راعى الدقة والمهارة الشديدة فى تكنيك إخراجه للساعة الرابعة حيث جاء أبطاله جميعًا على درجة عالية من الإتقان والتمكن فى أداء أدوار عقدهم النفسية وعملوا معًا كالأوركسترا التى تسير على نغمة واحدة فلم ينشز منهم أحد، «الساعة الرابعة» عرض متجاوز وكاسر لتقاليد المهرجانات المسرحية نجح مخرجه فى فرض وإثبات مبدأ الخروج على التقاليد.