السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فاطمة اليوسف وعمالقة التنوير

فاطمة اليوسف وعمالقة التنوير
فاطمة اليوسف وعمالقة التنوير




استقطبت “فاطمة اليوسف “رواد الفكر وعمالقة التنوير منذ صدور العدد الأول لمجلة “روزاليوسف “يوم الاثنين 26 أكتوبر 1925 وكتبت السيدة الرائدة افتتاحية أنهتها بكلمات دالة تعبر عن الرسالة التى تؤمن بها «وإذا وفقت بهذه الصحيفة أن أكون قوة مهذبة وأن أدخل اسم المسرح إلى كل أذن ،وأن أبعث اسمه فى كل دار فقد أديت واجبًا وذا حسبى وسأسعى جهدى». ولدت حرية التعبير عند «روزاليوسف» منذ ولادة العدد الأول وبدأت بنفسها عندما وجه إليها الكاتب الكبير إبراهيم عبدالقادر المازنى نقدًا شديدًا فى العدد الأول للمجلة. وكان من أكبر الكتاب الذين كتبوا فى العدد الأول: الأستاذ الأديب إبراهيم عبد القادر المازنى والأستاذ الكبير محمد لطفى جمعة المحامى، أما الأشعار فكانت للشاعر أحمد رامى وبعض مقالات لكل من الأستاذ عباس محمود العقاد وبقلم الأديب عبدالرحمن صدقى بجانب الفن وباب النسائيات, أما الكاريكاتير فكانت شخصية أبوزعيزع. كان المقر الأول للمجلة الوليدة هو المنزل الخاص للسيدة فاطمة اليوسف فى شارع جلال وهى شقة مرتفعة فى بيت يملكه أمير الشعراء أحمد شوقى وكان على المشاركين فى التحرير أن يصعدوا سُلما من 95درجة قبل الوصول إلى المقر.
ونادرًا ما يوجد رسام مصرى أو فنان كاريكاتير لم يمر بمدرسة “روزاليوسف” الصحفية، فقد كانت طوال سنواتها الأولى معملًا لتخريج الرسامين أمثال: صلاح جاهين، صاروخان، عبدالسميع، جورج بهجورى، زهدى، جمال كامل، ولا تزال لوحاتهم الفنية معلقة على جدران المؤسسة حتى اليوم.
 أنفقت “روز اليوسف” على العدد الأول كل ما تملك وكان المتعهد لا يرد ثمن بيع المجلة إلا بعد أن يتسلم العدد التالى وجاءت إليها فكرة توزيع اشتراكات, فمن الناس من كان يرفض الاشتراك فى مجلة فنية ومنهم من كان لا يصدق أنها ستوالى الصدور وكان من بين من عاون روز فى توزيع الاشتراكات الدكتور محمد صلاح الدين والممثل الكبير الأستاذ زكى رستم قبل اشتغاله بالفن والآنسة أم كلثوم دفعت اشتراكًا وأخذت بقية الاشتراكات لتقوم بتوزيعها على أصدقائها وتوالت الأعداد فى الصدور. تحملت روز الكثير من الصعاب حتى يستمر صدور المجلة وتتحول بأقلام كتابها إلى لسان للحرية. كانت تذهب إلى المجلة يوميًا صسيرًا على الأقدام من الزيتون إلى سراى القبة لتستقل الأتوبيس الذى تصل به إلى المجلة.
انتشرت مجلة «روزاليوسف» الفنية انتشارًا واسعًا ثم ما لبثت أن تحولت هذه المجلة إلى منبر سياسى وكان أول تحقيق صحفى لها أثناء محاكمة محمود فهمى النقراشى وأحمد ماهر فى إحدى القضايا السياسية.توطدت علاقة “فاطمة اليوسف” مع حزب الوفد الذى قام بضمها إليه هى ومجلتها، وقد تعرض حزب الوفد فى تلك الفترة لحملة انتقادات عنيفة وأطلق عليه خصومه «حزب روزاليوسف» فرد عليهم النحاس باشا بأن الوفد يفخر بأن ينتسب إلى «روز اليوسف».
ولم تدم العلاقة الوطيدة بين فاطمة اليوسف وحزب الوفد, فسرعان ما تحولت إلى عداء شديد بعد إصرارها على انتقاد رئيس الوزراء نسيم باشا ومطالبته بعودة دستور 1923 وإجراء انتخابات نزيهة ، فما كان من الوفد إلا أن فصل فاطمة اليوسف ومجلتها من الحزب، ولم تستسلم «روزاليوسف» وأسست صحيفة روز اليوسف اليومية التى صدرت فى 25 مارس عام 1935 والتى رفض باعة الصحف بيعها بعد أزمة مؤسستها مع حزب الوفد فتراكمت الديون عليها وتعرضت لأزمة مالية طاحنة.
 وبرغم كل ما مر عليها من أزمات إلا أن حملتها قد نجحت واستقالت حكومة نسيم باشا وعاد دستور 1923 وعندما عاد الوفد إلى الوزارة من جديد كان أول قرار اتخذه هو إلغاء ترخيص صحيفة «روزاليوسف» اليومية فكانت الحكومة والحزب ضد «روز اليوسف».لم ترضخ «روزاليوسف» لضغوط الحكومات المصرية المتعاقبة من أجل ترويضها، وترتب على ذلك إغلاق الصحيفة عدة مرات، وصدرت بأسماء مختلفة كنوع من التحايل على جبروت الأنظمة وكانت تكتب افتتاحيات ساخنة تحدت بها الإدارة السياسية والمؤسسات الأمنية، مما دفع وزير الداخلية محمد محمود لكى يعلنها صراحة: «لقد فشلت كل محاولاتنا لإرضاخ «روزاليوسف» لسلطتنا».