الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الإبداع.. على سطح الجيران

واحة الإبداع.. على سطح الجيران
واحة الإبداع.. على سطح الجيران




اللوحات للفنان: وجيه وهبه

يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة أو خواطر «على ألا تتعدى 550 كلمة» مرفقا بها صورة شخصية على الإيميل التالى:

[email protected]


 

على سطح الجيران

قصة قصيرة

هدى حافظ

فى رسالتى الأولى قد أعود بك للماضى فالذاكرة لاتخطئ والذكريات لاتموت، أظنك تذكر الحى العتيق، وقرص الشمس فوق أسطح البنايات القديمة، والبيوت المتجاورة المتراصة التى لا تعرف حدودًا فاصلة، وأفران المخابز الموقدة ورائحة الخبز المتطايرة حين تختلط بنسائم الصباح، تهتز أوراق اللَبْلاَب، تعكس ظلالها  فوق سطح بيتك، يبث المذياع صوت فيروز وهى تغنى على سطح الجيران ، وأنا أنظر وأرقب عبر نافذة فى الاتجاه المقابل، كل إطلالة جديدة لك، يسطع هلال  تتحدد معه لقاءتنا الموسمية، فى صحبة الجيران وسط أجواء عائلية، نتبادل التهانى فور سماعنا أصداء التكبيرات الآتية، من فوق أعلى مئذنة تصافح السماء، نتوجه لزيارة ضريج السيدة زينب وبعفوية صارعت أمى لإحراز هدف ملامسمة شباك الضريح، راجية أن تبرأ من علتها وتتحرر من آلامها، أما أنا فى ذروة محبتك، كنت أكشف عن دعوات قد ادخرتها لك، عن دعوة علقت وأخرى أجلت، أجدد عهد قد اتخذته على نفسى أن أهبك جسدًا لك وحدك، أما أباك ظل  متوسلًا داعيًا، أن تلبى الطاهرة مقصده وتغدق عليه من عجائبها وبركاتها، فتتجلى بشائر حلمه المنتظر وكأن السماء قد فتحت أبوابها لدعوته، حينما التحقت بكلية الطب، وانتقلت وأسرتك للعيش بالحى الجديد آثَرت رغد العيش، غادرت تاركاً وراءك كل شىء متخماً أنت بالتطلعات الواسعة ومتجوعة، أنا للقاءك، وبالحبر الذى لايجف والوصل الذى لاينقطع، اكتب رسالتى الثانية وعقلى يلتقط صورًا من الماضى بمساحات لا نهائية، اذكر وقت اصطحبتنى لتناول أطايب اللحوم بمطعم الرفاعى الشعبى تزداد ضبابية الرؤى، كلما تصاعدت أبخرة الشواء، بالكاد أسمع قهقهاتك وانصهر كقطعة فحم مجمر، ومضينا فى جولة داخل بيت الكريتلية، جمعتنا صفات مشتركة أولها هذا الولع بالتراث والمقتنيات القديمة، الجدران التى تشهد عصورًا مضت، ورحل عنها ساكنوها مازالت تنطق جمالًا، لاح فى رأسى طيف أمى جسدها المتفانى فى عبور كل موجة ألم ، كنت تبث الطمأنينة لقلبى حين تعاهدنى على اكتشاف دواء قاهر للآلام، يخدم بسطاء حى السيدة، مرت أيام الحداد وتخلصت من الوشاح الأسود، ونهضت لأبعث إليك برسالتى الثالثة،  مرفق بها أول صورة تقاسمنا فيها  كوب الشاى، تلامست أرواحنا تعانقت أيادينا، لازال َموْشوم على جسدى قبلاتك النارية التى استدللت بها على معالم أنوثتى،  وغفوت بها عن العالم، حتى نسيت أننى على سطح الجيران، إلى هنا قد انتهت رسالتى، أسفل الظرف عنوان المرسل إليه عيادات مشاهير الأطباء بالحى الراقى، المرسل جارة أخلصت فى محبتك، وبقيت على العهد القديم  عنوان الرسالة مازلت فى انتظارك ، فجاءها صوت بالخارج ينادى  ساعى البريد  وصلت رسالة أمضى هنا للاستلام.