وسام الاحترام.. أحمد أبوالغيط فارس الدبلوماسية النبيل

فى بعض الأحيان يقف الظرف التاريخى إلى جوار من يستحق، فيساعده ويمهد له الطريق، ويسمح له بالتعرف على العديد من التفاصيل التى لا يمكن لغيره الاطلاع عليها، فينتج لنا فى النهاية شخصية فريدة تملؤها الحكمة والحنكة وهدوء الواثق، كل هذا اجتمع فى شخص أمين عام جامعة الدول العربية  أحمد أبوالغيط.
■ ■
يدافع بشراسة عن الحق ولا يقبل التنازل فى القضايا المصيرية منطلقًا من إيمانه الشخصى بأن الأهداف النبيلة وتطلعات الشعوب لابد أن تتحقق مهما طال الزمن أو قصر وعلى رأسها عودة الحق للفلسطينيين.
■ ■
دبلوماسى مخضرم يرفض الإملاءات، ويحمل عقودًا ممتدة من أصول العمل السياسى الهادف للحفاظ على مصر.. يُعرف بين القريبين منه بأنه صاحب إرادة مصرية قوية خالصة.
■ ■
يدرك عبر سنوات عمله الدبلوماسى منذ التحاقه بوزارة الخارجية المصرية عام 1965 أن تحليل الرؤى وتقدير المواقف بحيادية وموضوعية وتوازن ينتج عنه قرارات مدروسة تحقق أقصى استفادة وصولا لقائمة بنك الأهداف الدبلوماسية للدولة المصرية وتوازناتها.
فى أفضل سنوات الانتصار العسكرى والسياسى لمصر التى تحقق فيها نصر أكتوبر العظيم، كان يشغل منصب عضو بمكتب مستشار رئيس الجمهورية للأمن القومى فى الفترة من عام 1972 إلى عام 1974، ومن بعدها وتقديرا لإمكاناته وقدراته الدبلوماسية فى تقدير المواقف وتحليلها ووضع استراتيجيات التعامل مع المواقف الدولية والإقليمية، تم اعتماده كسكرتير ثان ثم سكرتير أول بوفد مصر لدى الأمم المتحدة إلى عام 1977، ليعود بعدها سكرتيرا أول بمكتب وزير الخارجية حتى العام 1979.
■ ■
ولبراعته فى العمل السياسى جرى اختياره كمستشار سياسى فى سفارة مصر لدى موسكو، بعدها ظل يتدرج فى المناصب كمستشار سياسى حتى عاد كمستشار لوفد مصر فى الأمم المتحدة فى الفترة من 1985 إلى عام 1987،  وتوالت بعدها المناصب حتى  تولى منصب وزير الخارجية عام 2004.
■ ■
ابن حى مصر الجديدة المنتمى لبرج  الجوزاء خريج كلية التجارة جامعة عين شمس وفضل الالتحاق بالسلك الدبلوماسى حاملا فى قلبه وعقله خدمة مصر ورفع اسمها عاليا فى المحافل الدولية.
■ ■
رؤيته السياسية دائما ما تتابع كل ما يهدد الأمن القومى العربى بصفة عامة والأمن القومى المصرى بصفة خاصة، يحذر باستمرار من أن التعامل مع إسرائيل يتطلب طبيعة خاصة أن أى حديث من جانب الإسرائيليين عن تفاهمات وعلاقات وطيدة بين العرب وإسرائيل هو كذب الغرض منه الاستهلاك الانتخابى.
■ ■
صاحب مواقف واضحة، كلماته لا تقبل التلون أو القسمة على اثنين، فهو يرى بوضوح أن إيران اختطفت سوريا وأبعدتها عن محيطها العربى وأنها تمثل تهديدا للأمن القومى العربى، خاصة لدول الخليج بتمددها فى سوريا واليمن وسعيها الدائم لاستعادة إمبراطوريتها القديمة المسيطرة على أفكار من هم على رأس السلطة.
■ ■
ولا تغيب عنه تدخلات تركيا فى سوريا وتسببها فى إرباك المشهد هناك، فضلا عن تحركاتها فى بعض دول المنطقة، سعيا لإحياء الدولة العثمانية الجديدة.
■ ■
يحلل الاتجاهات الدولية ويقدمها كاستشارات ونصائح فى أجندته التى تحمل ملاحظاته ونقاط القوة فى تلك التصريحات التى تصدر بحق مصر والدول العربية، فضلا عن تحليله لنقاط الضعف للخروج بحلول وردود أفعال تواجه بعض الضغوط التى قد تمارس على دول المنطقة.
■ ■
الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط هو ابن المدرسة الدبلوماسية الوطنية التى لا تعرف تغيير المواقف مهما تغيرت الظروف المحيطة، ويكفى الاطلاع على مؤلفاته «شهادتي» و»شاهد على الحرب والسلام»، لتدرك مدى وطنية وحجم هذا الرجل الذى تأتى مصر أولا وقبل أى شيء فى ترتيب أفكاره وأولوياته.
■ ■
هو نموذج للانتماء والإخلاص للوطن.. هو مدرسة دبلوماسية خاصة تتمتع بالرشاقة فى الرؤية والعمق فى التحليل وتقدير المواقف.. لأجل هذا وأكثر وجدناه يستحق بكل ثقة «وسام الاحترام.


روزاليوسف