د.محمد عثمان الخـشت الأب الفيلسوف

أن تملك رؤية شاملة غير قاصرة على هدف محدد، فهذا شيء جيد، وأن تكون قادرا على تنفيذ هذه الرؤية، فهذه أهم صفات القيادة، التى يتمتع بها الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، حيث وضع لنفسه مسارا واضحا يمشى عليه منذ بداية حياته، اختار العلم، فاتجه إلى أحد أهم العلوم الإنسانية «الفلسفة»، فبدأ مسار التنوير من خلال العديد من مؤلفاته التى بدأت فى محاربة الظلام مثل: «نحو تأسيس عصر دينى جديد، تطور الأديان، حركة الحشاشين: تاريخ وعقائد أخطر فرقة سرية فى العالم الإسلامي، فلسفة العقائد المسيحية، مدخل إلى فلسفة الدين».
■ ■
حمل على عاتقه تفتيح العقول وتنويرها، فحصل على لقب فيلسوف، بالإضافة إلى تصنيفه من كرسى اليونسكو للفلسفة ضمن الفلاسفة العرب المعاصرين فى «موسوعة الفلاسفة العرب المعاصرين» 2017، كما تم اختياره شخصية العام 2014 بالسفارة المصرية بالمملكة العربية السعودية، وحصد سبع جوائز علمية فى العلوم الإنسانية والاجتماعية، وجائزة فى النشر الدولي، وجائزة الأستاذ المثالى من كلية الآداب عام 2010.
الفيلسوف الذى تولى مسئولية الإشراف على آلاف الطلاب فى واحدة من أعرق الجامعات المصرية والعربية، هو امتداد لأجيال من المفكرين والرواد مثل أحمد لطفى السيد وطه حسين، فلم يقم بدوره الأكاديمى فقط، بل سعى لأن يكون أبا لكل طالب بالجامعة، فرفع شعار «مصلحة الطلاب أولًا» فكانت قراراته منصفة لهم دائمًا، فاستمع لمشكلاتهم، وشاركهم احتفالاتهم وحتى تعليقاتهم، داعبهم على صفحاتهم، وطمأنهم فور شكواهم، وظل بابه مفتوحا لهم.
■ ■
ليس غريبا عليه أن كان أول أستاذ جامعى يحصل على الدكتوراه ثم الأستاذية فى فلسفة الأديان والمذاهب الحديثة والمعاصرة بكلية الآداب، فكان كتابه «مدخل إلى فلسفة الدين»، أول كتاب فى الفكر العربى يتناول فلسفة الدين، فاستحق أن يطلق عليه الباحثون لقب «رائد علم النفس الديني»، نظرًا للعديد من المؤلفات التى نشرها على مدار تاريخه العلمي.
الرؤية فى العمل كانت واضحة منذ أن شغل «الخشت» منصب مستشار ثقافى بالمملكة العربية السعودية، فأحدث نقلة نوعية ما زال صداها حتى الآن، فنجح فى مساواة الطلاب المصريين بالسعوديين فى قواعد وشروط القبول، وزيادة منح الطلاب المصريين للدراسة بالجامعات السعودية دون التقيد بأى شرط سوى توفر مجموع درجات الالتحاق.
■ ■
ليس بالعلم وحده يحيى الإنسان شعار رفعه منذ توليه رئاسة جامعة القاهرة، فى أغسطس 2017، فتحولت الجامعة إلى ساحة فنية ثقافية فكرية، وخلية عمل جماعية، فخرجت من كونها مؤسسة تعليمية محلية فقط إلى اللحاق بالسباق العالمى، فوصل بالجامعة فى التصنيفات العالمية لتكون أول جامعة مصرية فى 6 تصنيفات عالمية، والتواجد فى أفضل ٢٠٠ جامعة فى عدد من التخصصات فى إنجاز يحدث لأول مرة فى مصر.
اعتماد الأسلوب العلمى حول جامعة القاهرة لأيقونة عمل بجميع كلياتها، إذ تم استحداث ١٨١ برنامجا فى الجامعة من بينها ٤٤ لائحة دراسية و٥٥ برنامحا للمرحلة الجامعية الأولى، وإنشاء كليات وبرامج لوظائف المستقبل، ووصلت إلى ٣١ مشروعا بحثيا تطبيقيا مع الدولة و٢٦ مشروعا ابتكاريا جاهزة للتطبيق على أرض الواقع، وتم إنشاء ١٥ مركزا ووحدة بحثية بينها ٣ مراكز الأولى من نوعها فى العالم العربي.
■ ■
لم يغفل رئيس جامعة القاهرة، الـ 7 ملايين مريض الذين تستقبلهم مستشفيات الجامعة سنويًا، فبدأت خطة تطوير مستشفيات قصر العينى وتقليل قوائم الانتظار، بجانب توسعات فى مسشفيات أبو الريش اليابانى والمنيرة وتطوير وحدات جراحة القلب والصدر والكلى والدم والسكر والغدد الصماء، وتجديد ١٢٠ حضانة أطفال وتركيب أول جهاز للرنين المغناطيسي، وتم اتخاذ خطوات كبيرة فى معهد الأورام لزيادة السعة الاستيعابية من خلال إحداث توسعات ساهمت فى زيادة الطاقة ٣٠%، واقتناء وتشغيل أحدث جهاز فى العالم للكشف المبكر عن سرطان الثدي، فضلا عن عمل الجامعة الآن على أكبر مستشفى لعلاج الأورام فى العالم التى تقام على أرض الجامعة فى أكتوبر.
■ ■
هو رئيس جامعة بدرجة إنسان ما وقبل ذلك هو أب لطلابه صاحب عطاء لا ينتهي.. بعيد عن البيروقراطية والتكلف.. عينه على الطلاب وراحتهم فى أثناء الدراسة وتأهيلهم اجتماعيا لمرحلة ما بعد الدراسة.. لأجل هذا وأكثر نجده يستحق عن جدارة وسام الاحترام.


روزاليوسف