السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

استدلال خاطئ وفهم مغلوط




 
يردد كثيرون حديث (من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَدُّ) ويتخذونه دليلاً على تحريم العادات والمستحدثات فما حقيقة هذا الفهم للحديث؟
 
هذا الحديث روته أم المؤمنين سيدتنا عائشة - رضى الله عنها -، وأخرجه البخارى ومسلم وأبو داود وابن ماجة، وهو أصل عظيم من أصول الإسلام؛ لأنه ميزان للأعمال فى ظاهرها، فكل عمل لا يكون عليه أمر الله - سبحانه - ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو مردود على عامله، وكل من أحدث فى الدين الحق ما لم يأذن به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فليس من الدين فى شىء ومنطوقه يدل على تقييد الأعمال بأحكام الشريعة بما ورد فى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوامر ونواه وتخيير.
 
ومما ينبه عليه وينوه به: أن الأعمال ينبغى التفرقة بين الأصول الثابتة التى هى مسلمات شرعية لا تقل قوة عن مسلمات عقلية فى شتى الأزمان والأماكن، فهى معلوم من الدين بالضرورة لا تقبل تغييراً ولا اجتهاداً وتماثلها أصول وفروع وبين عبادات وعادات، فهناك أمور مستحدثة تجرى وفق مصلحة عامة معتبرة مثل جمع الصحابة - رضى الله عنهم - للقرآن الكريم فى عهد الصديق أبى بكر - رضى الله عنه - فى مصحف قرآنى واحد، وكتابة نسخ منه وإرسالها إلى البلاد الكبرى فى عهد ذى النورين عثمان - رضى الله عنه - .
 
وهناك أعمال مستحدثة تكون موافقة للمبادئ والمقاصد العامة للشريعة الإسلامية ولا تخالف نصاً ولا إجماعاً، قال الإمام الشافعى - رضى الله عنه - ( ما أحدث وخالف كتاباً أو سنة أو إجماعاً أو أثراً فهو من البدعة الضالة، وما أحدث من الخير ولم يخالف شيئاً من ذلك فهو البدعة المحمودة).
 
وإذا فقه الناس مفهوم البدعة من أنها: أمر مستحدث مواز أو بدل عن الدين فهو المحرم المجرّم كتغيير هيئات عبادات أو تحريم الحلال أو تحليل الحرام فهو مراد الحديث الشريف لوجود الاتباع لا الابتداع.
 
أما العادات فلا تدخل فيما نحن بصدده كالعرف الصحيح للتوجيه النبوى (أنتم أدرى بشئون دنياكم)، وأثر ( ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن)، وصدق الله العظيم (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله)، (وإن هذا صراطى مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة).
 
فالبدعة التى يردها مضيقون تتعلق بذاتية عبادات، ولا صلة لها بعادات.
أستاذ الفقه بجامعة الأزهر