الأحد 12 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«أكبر عدو للإسلام جاهل يكفر الناس»

«أكبر عدو للإسلام جاهل يكفر الناس»
«أكبر عدو للإسلام جاهل يكفر الناس»




«الله لا يمكن أن يعطينا عقولاً ويعطينا شرائع مخالفة لها».. تلك العبارة التى جرت على لسان ابن رشد شكلت فلسفته ومذهبه الذى جعل منه أحد رموز التنوير فى عصره.. نعم هو العقل الذى لا يقنعه إلا البرهان ليصبح اليقين إيماناً وعقيدة..
المعلم الثانى أو أبوالوليد محمد بن أحمد بن محمد ابن رشد أشهر فلاسفة دولة الموحدين أثار جدلا وخلافاُ بأفكاره الفلسفية وكتبه فى الفقه والفلك والأخلاق إذ أنه رأى أنه لا تعارض بين الدين و الفلسفة، ولكن هناك بالتأكيد طرقاً أخرى يمكن من خلالها الوصول لنفس الحقيقة المنشودة. كما آمن بسرمدية الكون ويقول بأن الروح منقسمة إلى قسمين اثنين: القسم الأول شخصى يتعلق بالشخص والقسم الثانى فيه من الإلهية ما فيه. وبما أن الروح الشخصية قابلة للفناء، فإن كل الناس على مستوى واحد يتقاسمون هذه الروح وروح إلهية مشابهة، ويدعى ابن رشد أن لديه نوعين من معرفة الحقيقة، الأول معرفة الحقيقة استناداً على الدين المعتمد على العقيدة، وبالتالى لا يمكن إخضاعها للتمحيص والتدقيق والفهم الشامل، والمعرفة الثانية للحقيقة هى الفلسفة، والتى ذكر بأن عدد من النخبويين الذين يحظون بملكات فكرية عالية توعدوا بحفظها وإجراء دراسات جديدة فلسفية..
لأبن رشد كتب وصلنا منها ما وصلنا ومنها ما أكلته نيران الحقد فى بلاط الخليفة المنصور بن أبا يعقوب يوسف  الموحدى إذ رفع الخليفة قاضى الجماعة الفقيه» بن رشد» وقرَّبه إليه، فكاد له بعض المقرَّبين من الأمير، فأتهمه بالكفر وأمر الأمير بنفيه وتلامذته إلى قرية اليسانة التى كان أغلب سكانها من اليهود، وأحرق كتبه، وأصدر منشورًا إلى المسلمين كافَّة ينهاهم عن قراءة كتب الفلسفة، أو التفكير فى الاهتمام بها، وهَدَّد مَنْ يُخَالِف أمره بالعقوبة.فما كان من ابن رشد إلا أن قال « أكبر عدو للإسلام جاهل يكفر الناس « وبقى بتلك القرية لمدة سنتين، وبعد تأكد السلطان من بطلان التهمة السياسية التى كانت وراء تلك النكبة عفا عنه واستدعاه من جديد إلى مراكش وأكرم مثواه كأحد كبار رجال الدولة. ثم إن السلطان نفسه أخذ فى دراسة الفلسفة والاهتمام بها أكثر من ذى قبل. ولكن الفيلسوف لم يهنأ بهذا العفو فأصيب بمرض لم يمهله سوى سنة واحدة مكث بها بمراكش حيث توفى سنة 595هـ/ 1198م. وقد دفن بها، قبل أن تنقل رفاته فى وقت لاحق إلى مسقط رأسه قرطبة
ومن كتب بن رشد الفقهية  : كتاب مناهج الأدلة، وهو من المصنفات الفقهية والكلامية فى الأصول ،كتاب «فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال» وهو من المصنفات الفقهية والكلامية،كتاب «تهافت التهافت» الذى كان رد ابن رشد على الغزالى فى كتابه تهافت الفلاسفة،كتاب «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» فى الفقه والذى يعدّ من أهم الكتب التى تتناول علم الخلاف الفقهي، فهو على صغر حجمه قد حوى أمهات مسائل الفقه؛ مبينا مواطن الوفاق والخلاف شارحا وجوه المذاهب المختلفة، ذاكرا أقوال العلماء لكل مسألة من المسائل الفقهي، منبها على نكت الخلاف فيها مع مناقشة الآراء والأدلة بلا تعصب، والكتاب يعد من أهم كتب الفقه المقارن
أعمال ابن رشد الفلسفية كانت أقل تأثيراً على العالم الإسلامى فى العصور الوسطى منها على العالم المسيحى اللاتينى وقتها، كما يدل على ذلك حقيقة أن الأصل العربى لكثير من أعماله لم يعش، بينما ظلت الترجمات اللاتينية والعبرية موجودة، ومع ذلك فإن أعماله وعلى وجه التحديد موضوعات الفقه الإسلامى والتى لم تترجم إلى اللاتينية أثرت بالطبع فى العالم الإسلامى بدلاً من الغرب. وقد تزامنت وفاته مع وجود تغيير فى ثقافة الأندلس. والترجمات العبرية لأعماله كان لها تأثيراً لا ينسى على الفلسفة اليهودية، خاصةً الفيلسوف اليهودى جرسونيدس الذى كتب شروحاً فرعية على العديد من أعمال ابن رشد، وفى العالم المسيحى استوعب فلسفته سيجار البرابانتى وتوما الأكوينى وغيرهم «وخصوصاً فى جامعة باريس» من المجالس المسيحية التى قدرت المنطق الأرسطى، وقد اعتقد بعض الفلاسفة مثل توما الأكوينى أن ابن رشد بلغ مكانة من الأهمية لدرجة أنهم لم يكن يشيرون له باسمه بل يدعونه ببساطة «المعلق» أو «الشارح»، وكان يطلقون على أرسطو «الفيلسوف»، وتأثراً بفلسفات ابن رشد فقد أسس الفيلسوف الإيطالى بيترو بمبوناتسى مدرسة عرفت باسم «المدرسة الأرسطية الرشدية.