الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الطاعة المرفوضة

الطاعة المرفوضة
الطاعة المرفوضة




فى كل يوم من أيام الشهر الفضيل نعرض لقرائنا  أحد الطرق التى تصل بنا  إلى الإيمان الحقيقى والتى لا يمكن للمؤمن ان يستغنى  عنها فى سيره إلى الله. التوبة تكون بالقلب والاستغفار وهى بصيغ كثيرة ومنها سيد الاستغفار: «اللهم أنت ربى خلقتنى وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك على وأبوء بذنبى فاغفرلى فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت «لكن لا ينبغى أن ينشغل انشغل الإنسان بالصيغة عن الاستشعار بالاستغفار.
والتوبة الصادقة خير من طاعة يغتر بها العبد، حيث يقول بن عطاء الله السكندرى رب معصية أورثت ذلا وانكسارا خير من طاعة أورثت عزا واستكبارا»، لأنه ربما فتح الله باب الطاعة ولم يفتح لك باب القبول وربما قضى عليك بالذنب فكان ذلك سببا للوصول، ويقول النبى صلى الله عليه وسلم فى الصحيحين أن العبد يذنب إنما أخشى عليكم ألا تذنبوا فيكون ذلك سببا للعجب، أى الكبر، وهو أشد عليكم من الذنب «وخير أوقات العبد وقت يشهد فيه فاقتك ولجوءك إلى الله تعالى، فالله تعالى يقول يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنى الحميد».
ومن الممكن أن تؤدى الطاعة إلى المعصية وهى الكبر فتكون سببا فى انقطاع العبد إلى ربه، بينما تكون المعصية سببا فى الذل والانكسار أمام الله، فالشيطان قد يدخل للإنسان من الطاعة، وعلى الإنسان أن يعلم الذرة من أعمال القلوب تساوى الجبال من أعمال الجوارح، فالكبر ذرة فى القلب وهى أكبر من الذنوب والمعاصى الظاهرة..
وفى التوبة يجب على الإنسان أن يشهد مغفرة الله تعالى ورحمته، فالرسول يقول اللهم إن مغفرتك أوسع من ذنوبى «، فمهما بلغت ذنوب العبد لن تكون شيء بجوار مغفرة الله.
وفرق بين أن يتوب العبد ثم يعود لذنوبه لا يكترث بذنوبه فهذا يتلاعب ويقول إن الله غفور رحيم، وهذا تمنى والتمنى مذموم والرجاء محمود، فالرجاء الاعتراف بالذنب والندم والإصلاح لما وقع فيه الإنسان من ذنوب، لكن أن يقع الإنسان فى الذنب فيتوب وقد تغلبه شهواته فيقع منه الخطأ وليس عن قصد، فهذا لا يمنع من التوبة.
وأروى قصة أن شخصا كان كثير المعاصى وأحد الصالحين اسمه حبيب كان يمشى وسط الناس فوجد جنازة هذا الشخص فدخل دهليز حتى لا يصلى عليه فرأى أحدهم العاصى فى المنام فقال له ماذا فعل بك ربى فقال أخبر حبيب بأن الله غفر لى، فرحمة الله تستوعب ذنوب البشر ألا يكون ذلك عن قصد، فعلى الإنسان أن يرجو رحمة الله ولو عصاه ألف مرة، وأن يخاف عذاب الله ولو كان على طاعة.

د. محمد مهنا الأستاذ بجامعة الأزهر